صراع أجنحة داخل النهضة حول عملية إصلاح المنظومة القيادية للحركة
صراع أجنحة داخل النهضة حول عملية إصلاح المنظومة القيادية للحركةصراع أجنحة داخل النهضة حول عملية إصلاح المنظومة القيادية للحركة

صراع أجنحة داخل النهضة حول عملية إصلاح المنظومة القيادية للحركة

رأى مراقبون أن تصريحات عضو مجلس شورى حركة النهضة التونسية عبد اللطيف المكي المتعددة حول أوضاع الحركة، توحي بوجود مشاكل وتباينات تتمثل بمعركة خفية حول الإصلاحات داخل الحركة، وذلك بين فريق معارض يقوده المكي نفسه ورئيس الحركة راشد الغنوشي.

وأظهرت تلك الصورة، التي بكى فيها الغنوشي في اختتام المؤتمر العاشر لحركة النهضة، نهاية شهر أيار/مايو الماضي، مدى الضغط الكبير الذي سلّط عليه من الفريق المعارض للإصلاحات بقيادة عبد اللطيف المكي.

ضغط الانتخابات

ففي الوقت الذي أشار فيه المكي النائب السابق في مجلس النواب إلى "وجود ضغط على العملية الانتخابية في المؤتمر الأخير لحركة النهضة" فقد أكد أنّ "هذا الضغط لا يصل إلى درجة الشك في شرعية الانتخابات والمؤسسات التي انبثقت عنها".

وأوضح المكي أنّ "الغنوشي أكد على أنّ الرسالة وصلته وسيعمل جاهدًا على مباشرة عملية الإصلاح داخل الحركة"، لكنه أبدى بعض الانتقاد قائلًا: "نحن ننتظر الإصلاح الذي يجب ألّا يكون مجرد تغييرات بسيطة في فصول صغيرة في لوائح داخلية"، مشدّدًا على أنّ "الإصلاحات المطلوبة  تتمثل في تطوير المنظومة القيادية داخل النهضة بما يجعلها أكثر استيعابًا لتنوّع الحركة ورافدًا للمجتمع".

وأضاف وزير الصحة السابق عبد اللطيف المكي في مقابلة إذاعية أن "وعد رئيس الحركة لم يتجسّد إلى حدّ الآن"، لكنه استدرك قائلاً: "ربما يتحقق مستقبلًا في انتظار بعث لجنة للإصلاحات لم تتشكّل إلى حدّ الآن للبتّ في قضايا ما تزال مطروحة داخل حركة النهضة".

ومضى قائلاً: "نحن نؤمن أنّ حزبًا كبيرًا مثل حركة النهضة يجب أن يُسيّر بمكتب سياسي أو تنفيذي مُنتخب وهذا لا يُنقِصُ من قيمة الرئيس وصلاحياته"..

وكان عبد اللطيف المكي، طالب خلال المؤتمر الأخير بتطبيق عملية انتخاب المكتب التنفيذي للحركة بدلًا من تعيينه من طرف رئيس الحركة راشد الغنوشي، لكن الأخير كان من الرافضين.

صراع أجنحة

وحول وجود صراع أجنحة داخل الحركة، نفى عضو مجلس الشورى وجود شقّ يؤيد الغنوشي أو يعارضه، لكنه في الوقت ذاته أكد على "وجود إشكال قائم حول كيفية تسيير الحركة داخلياً"، أي "الرؤية القيادية".

وشدّد المكي على وجود "رؤى خلافية"، مشيرًا إلى أنّ "هذه الخلافات لا تقتصر على حركة النهضة بقدر ما نجدها في الأحزاب العصرية التي تنبني بداخلها ديمقراطيات حقيقية"، مؤكدًا على أن "هناك حراك يستعجل الحوار والإصلاح وهذا مبدأ ثابت نؤمن به وقد ندفع ضريبة الدفاع عنه".

ولعلّ أبرز ما يشير إلى وجود مشاكل حقيقية داخل الحركة، تأكيد المكي على أنّ راشد الغنوشي منحاز إلى رؤية دافع عنها خلال المؤتمر، وما يزال يدافع عنها حتى الآن، لكنه وعد بالإصلاح"،  في إشارة إلى غياب الحوارات الداخلية القادرة على تجاوز الإشكاليات المطروحة.

النهضة متماسكة وقوية

وقال وزير الصحة  التونسي السابق، في تدوينات على صفحته على فيسبوك: "النهضة ما تزال تحتاج إلى كل أبنائها، وتونس تحتاج إلى نهضة متماسكة وقوية، لهذا فنحن نتوجه إلى تفعيل عملية الإصلاح من الداخل في اتجاه تطوير المنظومة القيادية لتكون الحركة أكثر استيعابًا للمتغيرات، ولاحتواء التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد".

وحول إمكانية مغادرته حركة النهضة، قال الوزير:"أن أكون خارج النهضة في يوم من الأيام أمر غير مطروح، فنحن نؤسس لمشروع إصلاح من داخل الحركة وليس بالانسحاب منها".

تغيير الرؤية القيادية

وحول مخرجات المؤتمر العاشر وما تمخض عنه من مؤسسات، منها المكتب التنفيذي ومجلس الشورى ورئاسة الحركة، أوضح المكي أنّ "همّهم الوحيد هو وحدة الحركة"، مضيفًا "نحن لا نشكك مطلقًا في المؤتمر ولا في إفرازاته ولا نعارض أشخاصاً، بل نسعى إلى تغيير الرؤية القيادية للحزب بهدف الدفع بالعملية الإصلاحية إلى أقصاها لتستفيد الحركة من كل طاقاتها وكفاءاتها مركزيًا وجهويًا ومحليًا، هذا الدفع إلى تكريس رؤية جديدة قد يسبب بعض الاحتكاك والخلاف وهذا أمر محمود داخل الأحزاب الكبيرة"، وفق تعبيره.

وإذا كان عبد اللطيف المكي قد أكد على وجود اختلافات حول الرؤية القيادية لحركة النهضة، فإنّ القيادي عبد الحميد الجلاصي لم ينف أنّ حركة النهضة تشهد خلافات، لكنه بالرغم من ذلك فقد شدّد على أنّ ذلك لا يرتقي إلى الحديث عن وجود انقسامات حادة في صلب الحركة"، مشيرًا في تصريح صحفي إلى "وجود عدد من  التيارات منها الإصلاحي ومنها المحافظ"، معتبراً أنه  "من الطبيعي جدًّا أن تكون هناك اختلافات في الرؤى".

تجاوزات واختلالات

أما عن الإشارة إلى وجود تجاوزات واختلالات خلال المؤتمر العاشر الأخير، وسيطرة تيار راشد الغنوشي على تسيير الحركة، فقد أكد الجلاصي على أنه "غير راض على المسار الديمقراطي الذي تشهده الحركة"، دون أن ينفي صراحة هذه التجاوزات قائلاً: "ربّما حصلت تجاوزات"، معتبرًا أنّ "كل ما تمخّض عن المؤتمر شرعي".

وكانت حركة النهضة نظمت مؤتمرها العاشر في نهاية شهر أيار/مايو الماضي، الذي أفضى إلى تجديد الثقة في راشد الغنوشي رئيسا إضافة إلى المكتب التنفيذي ومجلس الشورى.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com