أقدمت السلطات الموريتانية على حل عشرات الأحزاب السياسية تطبيقًا لقانون الأحزاب السياسية، المتضمن شرط حصول كل حزب على نسبة 1 في المئة على الأقل من أصوات الناخبين في واحد من آخر استحقاقين انتخابيين.
وتشكك تيارات في طبيعة "حملة التطهير" وتربطها باقتراب الاستحقاقات الانتخابية بما فيها انتخابات الرئاسة.
ومنذ إجراء الانتخابات البرلمانية والجهوية والبلدية في موريتانيا على مرحلتين في 13 و27 مايو الماضي، والتي أفرزت نتائج لصالح الحزب الحاكم "الإنصاف" بأغلبية مريحة في البرلمان، توجهت وزارة الداخلية الموريتانية إلى غربلة الساحة السياسية من أحزاب لم تحصل على نسبة 1 في المئة من الأصوات في آخر اقتراعين.
وفي آخر قرارات الداخلية الموريتانية تم حل خمسة أحزاب بعضها عريق في الساحة المحلية على غرار الحزب الجمهوري للديمقراطية والتجديد، الذي يعود الحكم به إلى عهد الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد أحمد الطائع (1984 – 2005).
إلى جانب حزب الرباط الوطني من أجل الحقوق وبناء الأجيال، الذي كان بوابة لأنشطة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز بعد مغادرة السلطة العام 2019.
وبموجب ذلك تقلص عدد الأحزاب السياسية في موريتانيا اليوم إلى 20 حزبًا فقط بعدما كان يفوق الـ100 حزب في 2018.
وتتذرع السلطات في قراراتها بانتخابات 2018، التي أبانت عن اختلال معايير التصويت الذي كان واضحا، بعدما شتت مشاركة 100 حزب في الاقتراع أصوات الناخبين.
وأصدرت الداخلية الموريتانية في 2019 قرارًا بحل 76 حزبًا من الموالاة والمعارضة من أصل 105 أحزاب كانت مرخصة.
وتنص المادة 20 من القانون الموريتاني في فقرتها الخامسة على أنه "يتم بقوة القانون حل كل حزب سياسي قدم مرشحين لاقتراعين بلديين اثنين وحصل على أقل من 1 بالمئة من الأصوات المعبر عنها في كل اقتراع، أو الذي لم يشارك في اقتراعين بلديين اثنين متواليين".
ويعتقد الناشط السياسي الموريتاني عمار ولد داده في تصريح خاص لـ"إرم نيوز" أن العملية برمتها استهداف لخصوم النظام السياسيين مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في 2024، خاصة أن هناك أحزابا تقليدية لم يعد لها وجود قد تلجأ إلى القضاء لانصافها.
ويشير ولد داده إلى محاولة غلق الحكومة الموريتانية، اللعبة السياسية، مستشهدا في كلامه بتوقيع ميثاق مع حزب الإنصاف، وحزبي تكتل القوى الديمقراطية واتحاد قوى التقدم، وهما معارضان، إذ تم إطلاق "الميثاق الجمهوري" الذي اقترح خريطة طريق وافق عليها الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني.
في المقابل، قال المحلل السياسي الموريتاني السلطان البان لـ"إرم نيوز": إن كل حزب سياسي شارك في الحملات الانتخابية وحصل على 0,1% من الكتلة الناخبة، ما يمثل أقل من 17 مستشارا بلديا، عندما يعجز هذا الحزب عن الحصول على هذه النسبة الضئيلة يتم حلّه وفقا لقانون الأحزاب السياسية، وهو ما يشير إلى عدم وجود حجة تمثيل الشعب، بمعنى أدق ادعاء تمثيل الشعب يصبح باطلا.
وأضاف البان أن النظام الآن يتوجه إلى خلق أطياف سياسية قليلة، في حال كانت هناك الحاجة لتشاور سياسي يتم بين أعداد قليلة مما يعزز مخرجات إيجابية.
من جهة أخرى، يقول مراقبون إنه من المناسب للنظام السياسي الحاكم أن يتم تقليص أعداد الأحزاب السياسية كي يتم ضبطها وفق ضوابط اللعبة السياسية المعروفة، إذ كان هناك قديما ما يشبه "الفوضى الخلاقة"، أحزاب كثيرة، منظمات مجتمع كثيرة، ولكن القرار النهائي بيد النظام.