الانتخابات الأردنية وفّرت "الممرّ الآمن" لإعادة "الإخوان" إلى حضن السلطة
الانتخابات الأردنية وفّرت "الممرّ الآمن" لإعادة "الإخوان" إلى حضن السلطةالانتخابات الأردنية وفّرت "الممرّ الآمن" لإعادة "الإخوان" إلى حضن السلطة

الانتخابات الأردنية وفّرت "الممرّ الآمن" لإعادة "الإخوان" إلى حضن السلطة

رغم كل ما شاب الانتخابات الأردنية 2016 من ملاحظات إجرائية، إلا أنها حققت للنظام والدولة رزمة من المقاصد السياسية، في مقدمتها تعميم الانطباع خارجيا وداخليا بأن الأردن مستقر في محيط إقليمي على النار، وأنه قادر على المشاركة في "الحرب العالمية على الإرهاب" بنفس الوقت الذي يواصل فيه برنامجه الداخلي في الإصلاح السياسي المتدرج، بما فيه فرعيات تنظيف المناهج التعليمية من محفّزات التطرف والعنف.

هذه الرسالة توسع بها الملك عبد الله الثاني، في خطابه أمس بالجمعية العمومية للأمم المتحدة وفي "قمة اللاجئين "، لكن الرسالة الأخرى، الأكثر احترافا، هي التي حققتها الانتخابات بإعادة "حركة الإخوان المسلمين" إلى شراكة السلطة التشريعية وذلك من خلال ما يوصف في عمّان بأنه "ممرّ آمن" تبادل فيه الطرفان (الدولة والحركة) الالتزام بقواعد اشتباك معروفة ولا تحتاج لكتابة.

 مكاسب للجميع

نتائج الاقتراع الذي جرى أمس، لم تعلن رسميا حتى الآن، ولم يعد مهمّا إلى تلك الدرجة، أن يحصل "الإخوان " على ثلاثة مقاعد أو عشرة ما داموا في كل الأحوال لن يشكلوا كتلة راجحة في مجلس من 130 نائباً. المهم بالنسبة لهم، وللدولة قبلهم، أن الانتخابات لم يقاطعها أحد، وأن التعددية السياسية متوفرة في الأردن، حتى وإن تدنّت نسبة المشاركة في الاقتراع إلى 30% أو دون ذلك.

ورغم كل ما شهدته الانتخابات من فيض المال الأسود في شراء الأصوات أو من بذخ مكلف جدا مارسه "الإخوان" في ترفيه حملاتهم وشركائهم في القوائم الانتخابية. كان ملفتا في الحملات الانتخابية، وحتى في البيان الذي أصدره "الإخوان " صباح اليوم الأربعاء، ذاك الهدوء غير المعهود في اللغة وفي الإشارات المباشرة وغير المباشرة، والنأي عن الاتهام أو عن إطلاق الشعارات الكبيرة أو الملتبسة، التي يمكن أن تعيد لذاكرة الدولة والمواطنين أيام ما سمي بـ "الربيع العربي".

قواعد اشتباك

 قواعد الاشتباك غير المكتوبة، التزمت بها الدولة، وسمحت لرموز "الإخوان " المسجلين في قوائم تنظيم جرى وصفه بأنه "محظور"، سمحت لهم بخوض الانتخابات وكانت تستطيع قانونيا أن تمنعهم.. وهم بدورهم التزموا بمنظومة سلوكية، وأتقنوا تكتيك المشاركة من خلال "جبهة إصلاح" شملت العشائر ومؤيدي النظام السوري والمسيحيين.

وبذلك تكون الرسائل المتبادلة بينهم وبين الدولة، قد نفذت وعبروا "الممر الآمن"، الذي يعيدهم إلى مربع متوارث في الدولة الأردنية، طالما كان فيه "الإخوان" جزءا من النظام في أدق المراحل والمفاصل .

لا حاجة لحكومة برلمانية

أول نتائج إعادة "الإخوان" إلى البرلمان الأردني، هي أنه لن تكون هناك حاجة للدخول في لعبة "الحكومة البرلمانية"، وهي التي يتفق الجميع على أنها رياضة سياسية استعراضية تفتقر للقوانين التقليدية، التي أساسها وجود أحزاب قادرة على تداول السلطة التنفيذية.

 ويترتب على ذلك، أن التعددية السياسية التي تحققت للبرلمان الأردني بدخول "الإخوان"، سترفع عن كاهل صاحب القرار مشقة تكرار ما حصل بعد الانتخابات البرلمانية السابقة. وسيكون سهلا ومقبولا إعادة تكليف رئيس الوزراء الحالي د. هاني الملقي ليشكل الحكومة القادمة بأغلبية مريحة، متروكة فيها الحرية لـ "الإخوان" أن يحجبوا الثقة.

 شرعية لتنفيذ الاستحقاقات الصعبة

ويرى مراقبون، أن وجود الإخوان في البرلمان، سيمنح الحكومة شرعية شعبية لتنفيذ اتفاقها مع صندوق النقد الدولي و المضي بعيدا في تنفيذ الاصلاحات الاقتصادية ثقيلة الوطء على المواطنين. وكذلك شرعية وسهولة تمرير مجموعة المشاريع الاقتصادية والمائية والسكنية والغاز والتشغيلية مع إسرائيل تحت ظل معاهدة السلام.

 وجود "الإخوان" في السلطة، يكفي لتحقيق هذه القضايا والمشاريع، حتى لو اعترضوا عليها في التصويت .

ممرّ أردني إلى حماس

 ملاحظة أخرى تتداولها الأوساط المتابعة لمجريات انتخابات البلديات في الضفة وغزة، ومعها موضوع خلافة أبو مازن على رأس السلطة الفلسطينية. فوجود "الإخوان" شركاء في السلطة هنا وهناك، سيمنح الأردن ورقة قوة مضافة لموضوع المقدسات، لتعطيه إمكانية المشاركة في الملف الفلسطيني من موقع مّركّب، في المرحلة القادمة.

موقف الدول المناهضة لـ "الإخوان"

 تبقى ملاحظة أخيرة، وهي مدى "هضم" الدول العربية المعادية لـ "الإخوان" لمسألة مشاركتهم في السلطة بدولة حليفة لهم في شبكة الحروب الاقليمية، خصوصا وأن مشاركتهم هذه، ستجد من يستخدمها للترويج بأن ضربة مصر لهم لم تقتلهم حتى الآن.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com