مفارقات العراق.. تراجع داعش لا يثير النشوة في صفوف التحالف الدولي
مفارقات العراق.. تراجع داعش لا يثير النشوة في صفوف التحالف الدوليمفارقات العراق.. تراجع داعش لا يثير النشوة في صفوف التحالف الدولي

مفارقات العراق.. تراجع داعش لا يثير النشوة في صفوف التحالف الدولي

تسبب داعش قبل عامين في الرعب للحكومات الأجنبية، لكن واحدة من المفارقات القاتمة للحرب في العراق، أن تراجع التنظيم المطرد يثير المخاوف والقلق بشأن الخطوة التالية.

وبات تراجع داعش واقعاً ملموساً، فقد تم استعادت تكريت والرمادي وبيجي والفلوجة وكافة المدن الرئيسية التي اكتسحها التنظيم من قبل خلال فترة نفوذه في العراق، وحالياً يجري الاستعداد لاستعادة السيطرة على الموصل، ثاني أكبر مدينة في البلاد، وربما يكون ذلك بحلول نهاية العام.

لكن هذا التراجع لا يكاد يثير النشوة بين قوات التحالف الدولي.

وبدلاً من ذلك، يعقد الدبلوماسيون مؤتمرات دولية في محاولة لإيجاد صيغة تمنع تمزق العراق ووقوعه في حروب جديدة بمجرد القضاء على تهديد التنظيم.

ولكن لا توجد دلائل على أن هذه المساعي من أجل الإصلاح تسير على ما يرام.

يقول يزيد سيد، كبير محللي مركز كارنيجي لدراسات الشرق الأوسط لصحيفة واشنطن بوست مؤخراً: "في اللحظة التي يتم فيها الانتصار على ما نسميه تنظيم الدولة الإسلامية، ستظهر جميع المشاكل التي تسببت فيها أزمة وجوده في العراق".

المشكلة الأساسية هي أنه في العراق لم يكن هناك قط إجماع ديمقراطي حقيقي وراء وجود حكومة مركزية، وإنما خطوط تصدع خطيرة شديدة بين الجماعات الدينية والقبلية والثقافية حتى قبل الغزو الأمريكي، وقد نمت كثيراً خلال الـ 13 عاماً التي أعقبت الاحتلال.

ولا يضمن تراجع داعش قدرة الحكومة في بغداد على تشكيل وحدة، كما أن القوات المسلحة المتنافسة على الأرجح قد تتحرك سريعاً للتسابق من أجل تحقيق مصالحها الخاصة.

ويملك العراق مجموعة واحدة جيدة فقط بين صفوف الجيش، يبلغ قوامها 10 آلاف جندي لمكافحة التمرد والذين تم الدفع بهم في المعارك الأخيرة ضد التنظيم، أما بقية الجيش فلا تزال ضعيفة وتحت التدريب والإصلاح بإشراف قوات التحالف.

ولا يستطيع الجيش المنقسم الذي أنهكته الحرب وحده تحمل مسؤولية حماية كل الأراضي التي يتم تطهيرها من المتشددين.

بدلاً من ذلك، تستولي على الأرض مجموعة من القوى التي تشمل العديد من الميليشيات الشيعية المتنافسة، ووحدات الحماية المحلية السنية، وبعض وحدات الجيش العراقي والمقاتلين الأكراد المعروفين باسم قوات البيشمركة ومختلف الفصائل القبلية الأصغر في الحجم.

والقوى الشيعية الموالية لإيران، تسعى للسيطرة على المناطق التي تقع تحت سيطرة القوى السنية، وهو سبب محتمل واضح لحرب أهلية جديدة.

وقال نيد باركر، مدير مكتب رويترز بغداد: "هذه المجموعات ليست موحدة أو متماسكة، وبمجرد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، يمكن أن تكون هناك معركة داخلية لفرض السيادة. إن فكرة أن الدولة تسيطر حالياً على الأراضي العراقية هي مجرد وهم، فالشيعة يعملون ضد السنة والسنة يعملون ضد الشيعة، وكلاهما يعمل ضد الأكراد، والعراق قريباً سيواجه أعاصير جديدة من الحروب ومشاكل الحكومات الأجنبية التي قد استثمرت بكثافة على الأرض كجزء من تحالف مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية".

انفصال الأكراد

دعمت القوى الغربية البيشمركة، التي يعتبرها كثير من الأكراد جيشهم المستقل الذي حقق العديد من النجاحات المديانية، إذ لم يكتف بإجبار الجهاديين داعش على التراجع إلى الوراء فقط، وإنما فرض سيطرته على ما وراء المناطق الكردية الأصلية، ووسعت حكومة إقليم كردستان بذلك  أراضيها الإجمالية بنسبة 50%.

ولا يقتصر تخطيط الأكراد على ذلك فهم يخططون للحصول على المزيد وعلى الأفضل، كما أن البعض الآخر لن يتنازل لهم بسهولة عن هذه الأراضي.

والأكراد حريصون على المطالبة بحقول النفط التي طويلا ما اعتبروها حقاً لهم، ولكن قبل كل شيء، فهم يريدون الانفصال الكامل عن العراق.

ويصر رئيسهم، مسعود بارزاني على أن الحدود الجديدة في كردستان تم رسمها بالدم، وفقا لتقارير صحفية، كما أنه تعهد أنه لن يتنازل عن هذه الأرض.

وفيما تقاتل الميليشيات الشيعية لمنع تفكك العراق، وتعهدت حكومة بغداد بتأكيد سلطتها على جميع المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، وإذا استمر تنظيم داعش على وتيرة التراجع الحالية، فيمكن أن يؤدي الصراع على الخلافة من جانب الأكراد والشيعة بالحكومات الغربية إلى تسريع سحب المدربين العسكريين والعاملين في المجال الطبي من مناطق كردستان.

ورغم أن الغرب كان واضحا دائما في أنه لا يريد انفصال الأكراد، إلا أنه في واقع الأمر لن يكون الأمر بمثابة مفاجأة لحكوماته بأنها ساعدت على التعبئة لاتخاذ قرار الاستقلال.

وهنا يقول مايكل بيل، الخبير في شؤون الشرق الأوسط وكان من قبل أحد سفراء كندا الأكثر خبرة في المنطقة في وقت سابق هذا العام: "هناك مفارقة في هذا.. نحن وغيرنا نستثمر في البيشمركة، وهي في الواقع تعتبر وسيلة مساعدة كجيش انفصالي، ولكن في هذه المرحلة، ليس لدينا بديلاً لذلك".

وفي اجتماعات الداعمين الخارجيين للعراق، مثل الاجتماع الذي عقد في واشنطن الشهر الماضي، تركز على جهود الإنعاش بعد زوال داعش، لكن الفصائل ينتشر بينها شعور واضح بأن الخيارات الديمقراطية لا تبدو مناسبة حتى الآن على الأقل.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com