هل عرض أردوغان لتجنيس اللاجئين السوريين لفتة إنسانية أم خدعة؟
هل عرض أردوغان لتجنيس اللاجئين السوريين لفتة إنسانية أم خدعة؟هل عرض أردوغان لتجنيس اللاجئين السوريين لفتة إنسانية أم خدعة؟

هل عرض أردوغان لتجنيس اللاجئين السوريين لفتة إنسانية أم خدعة؟

تساءل الكاتب دافيدي لينر، في صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، عما إذا كان العرض الذي قدمه رجب طيب أردوغان، بتجنيس اللاجئين السوريين، هو أمر إنساني أم مجرد خدعة.

وقال الكاتب، إن معارضي الرئيس التركي يخشون من أنه يروج لتجنيس اللاجئين السوريين المحافظين السنة باعتباره عملاً إنسانيًا، إلا أنه في الحقيقة تكتيكاً انتخابياً لتعويض أصوات الكرد وإبقائه في السلطة.

وأوضح أنه في قلب بلدية الفاتح، وهي واحدة من أقدم الأحياء في أسطنبول وأكثرها محافظة، والتي أصبحت مركزًا للاجئين السوريين، قابل سيدة تدعى فريال.

كانت فريال تجلس وسط مجتمع جديد هادئ ولامع، حيث تزين جدران مبنى العديد من الشعارات المانحة الملونة، والتي تشهد على حقيقة أن المانحين الدوليين هم من مولوا بناء المبنى بشكل حصري، وأخذت أعين فريال تغمض بصعوبة وسط الدموع التي غمرتهما، وقالت متساءلة: "أنا لا أفهم لماذا لا يحب الأتراك الشعب السوري، نحن جزء من عائلة واحدة".

ويشير الكاتب، إلى أن صلواتها قد تكون استجيبت، فالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد وضع خطة لمنح الجنسية إلى 2.75 مليون لاجئ سوري مسجل مثل فريال، الذين فروا إلى تركيا هربًا من الحرب الأهلية السورية.

ومن خلال التحدث مباشرة إلى اللاجئين أمثالها، أعلن أردوغان الأسبوع الماضي قائلاً: "الليلة، أريد أن أعلن عن بعض الأخبار الجيدة لإخواني وأخواتي"، وتابع: "أعتقد أن هناك أشخاص يرغبون في الحصول على الجنسية"، مضيفًا: "وزارة الداخلية تتخذ خطوات في هذا الصدد"، واختتم: "إن تركيا هي بيتك، أيضًا".

ويوضح المحلل في الشأن التركي من المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات، هيو بوب أن: "هذا الشيء هو ما كان يخشاه معارضو أردوغان من أن يفعله منذ مدة طويلة". فالغالبية العظمى من اللاجئين السوريين في تركيا يمكن بجدارة وصفهم بأنهم من "عائلة واحدة"، فهم "مسلمون سنة يعتنقون توجهات سياسية محافظة، شأنهم شأن قاعدة الدعم التقليدية التي يتمتع بها حزب أردوغان، العدالة والتنمية"، لكن بالنسبة للكثيرين من المعارضين الأتراك، كان القرار خطوة عملية وانتهازية بدلاً من أن يكون قرارًا يقوم على الشأن الإنساني بخصوص مصير السوريين في تركيا، والذين وفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يعيش الكثيرون منهم تحت خط الفقر.

وصرح هسياه أوزسوي، نائب رئيس الحزب الديمقراطي "الشعوب"، وهو حزب معارضة كردي، لصحيفة هاآرتس: "الرئيس دائما ما يستغل اللاجئين باعتبارهم رصيدًا سياسيا، لاسيما لابتزاز الاتحاد الأوروبي من أجل التنازل عن مبالغ كبيرة لتركيا لإدارة الأزمة، وهذا الأمر ليس غريبا عليه"، فمن وجهة نظر أوزسوي، يخطط أردوغان لـ"هندسة ديمغرافية دقيقة" مع تغيير محتمل في التركيبة العرقية في المناطق الجنوبية الشرقية على الحدود مع سوريا، والمناطق الكردية في تركيا، كما ينظر بعين الريبة الى مخيمات اللاجئين المؤقتة، لأنها بوضوح "تتحول لتبقى دائمة".

وبعد الانتخابات العامة في العام 2015، انهارت المحادثات التي جرت بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني، وهو حركة تدعو إلى "الحكم الذاتي الديمقراطي" في محافظات الجنوب الشرقي، وتطورت في نهاية المطاف إلى صراع مسلح، وأسفرت الحرب عن نزوح أكثر من 350 الف شخص، ودمرت أكثر من 6 آلاف مبنى، كما أعلن عن عدد كبير من الضحايا، وكانت الجولة الأخيرة من هذا الصراع العنيف العسكري - السياسي مع الأكراد، قد شهدت رفع الحصانة من أعضاء في البرلمان تابعين لحزب الشعوب الديمقراطي، واتخاذ إجراءات قانونية ضدهم بسبب اتهامهم بالاتصالات بحزب العمال الكردستاني.

وقد وضع هذا الأمر حزب الشعوب الديمقراطي في حالة تأهب مفرط تجاه أي تغييرات ديموغرافية يمكن لها أن تمنع الحزب من الحفاظ على نسبة الـ 13% اللازمة لدخوله البرلمان، أو تجاه أي زيادة في دعم حزب العدالة والتنمية، الذي يشن الحرب على الأكراد.

ويعلق بوب قائلا: "ومع ذلك، فان تقديم الجنسية للسوريين هو في النهاية أمر صحيح ينبغي عمله". ورغم أن تركيا لا تقدم هذا الوضع للاجئ التقليدي بسبب القيود الجغرافية لاتفاقية جنيف، فانها تقدم للسوريين "حماية مؤقتة".

وعلى المدى الطويل، يعمل تقديم المواطنة لهم على تجنب خلق مجتمع مكون من درجتين، كما سيخفف التوتر الحالي من خلال تحقيق التكامل التام. وفوق كل شيء، يجيز وضعهم قانونيا وينقلهم بعيدا عن هامش المجتمع من خلال تقديم إطار عمل ومستقبل لهم.

علاوة على ذلك، ألقت جريدة حريت التركية اليومية، الضوء على كيفية منح الجنسية بشكل انتقائي، وإعطاء الأولوية للمهنيين الذين يمكن أن يساعدوا اللاجئين، وكذلك جلب المهارات التي تفتقر إليها تركيا.

وأوضحت أن النمو المذهل الذي حققه أردوغان بعد مطلع القرن، كان دائما المفتاح لشعبيته. فوفقا للبيانات الصادرة من قبل منظمة التعاون والتنمية، فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي السنوي للفرد من أقل من 9 الاف دولار إلى ما يقرب من 20 الف دولار في عهد أردوغان. ويأتي استهداف اردوغان "للنخبة من اللاجئين " ليبين أن هذا القرار هو بدوره غير مجرد من الحسابات الاقتصادية.

وأضاف بوب: "من المنطق الاقتصادي، أن يحرك هذه القوى العاملة من القطاع غير الرسمي إلى القطاع الرسمي" . ويوضح: "أما من الناحية الديموغرافية، أشك في أن هذا سيعيد التوازن جذريا لأي شيء غير المدن مثل مدينة مرسين".

لكن أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي الذين تحدثوا إلى صحيفة "هاآرتس" مثل هيسياه أوزسوي، لم يوافقوا على ذلك، وتساءلوا: كيف يمكن للحوافز المالية وغيرها أن تكون كافية لتوجيه الناس إلى أين يعيشوا.

ويختتم بوب حديثه: "بالتأكيد، هؤلاء الناس سوف يكونوا ممتنين للتصويت لصالحه في نهاية المطاف".

يلمح هذا التصريح إلى أي مدى يقوم أردوغان بحساب كل صوت يجعله أقرب لضمان حصوله على أغلبية في البرلمان ليخلق نظاما رئاسيا تنفيذياً. وبأي حال من الأحوال، سيعمل أردوغان على الوفاء بهذا الوعد على الفور، لكنه يعمل على ضمان بقائه في الحكم عندما تحتفل الجمهورية التركية بالذكرى المائة في العام 2023. وبحلولها، يبدو أن اللاجئين السوريين لن يذهبوا إلى أي مكان آخر قريبا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com