تقرير: ليبيا تحتاج لقاعدة شعبية لا لقيادات فاشلة
تقرير: ليبيا تحتاج لقاعدة شعبية لا لقيادات فاشلةتقرير: ليبيا تحتاج لقاعدة شعبية لا لقيادات فاشلة

تقرير: ليبيا تحتاج لقاعدة شعبية لا لقيادات فاشلة

اعتبرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن "إعادة بناء ليبيا تبدأ من الأسفل"، أي أنه إذا كان أصدقاء ليبيا في الغرب يريدون تعزيز الحكومة الفعالة، فإنهم بحاجة إلى السعي "لتشكيل قاعدة شعبية"، ورغم أن تلك الظاهرة غير تقليدية، إلا أنها أثبتت نجاحها في بعض الدول مثل: كولومبيا وأوغندا.

واستهلت المجلة تقريرها قائلة: كان هناك على الأقل بعض من الأخبار السارة من ليبيا في الآونة الأخيرة. فخلال الأيام القليلة الماضية، حققت الميليشيات المتحالفة مع حكومة الوحدة والمعترف بها دوليا تقدماً كبيراً ضد قوات تنظيم داعش بمقرها في مدينة سرت. وأيقظت تلك الآمال احتمالية أن يكون الليبيون في طريقهم نحو إعادة تأسيس حكومة مركزية فعالة.

وأضافت المجلة، أنه في الوقت الحاضر لا يزال البلد "ممزقا بشدة"، إذ أن ليبيا في حالة من الفوضى منذ الإطاحة بالدكتاتور الليبي السابق معمر القذافي في العام 2011، مشيرة إلى "الإدارات المتنافسة"، واشتباك العشرات من مختلف الفئات المسلحة، وتغير التحالفات القبلية من أجل السيطرة على الدولة الغنية بالنفط. وحتى آخر النكسات، إحكام تنظيم داعش سيطرته على نحو 150 ميلا من ساحل البحر المتوسط، في الوقت الذي يتم فيه استغلال عشرات الآلاف من اللاجئين من مختلف أنحاء أفريقيا، وذلك باستخدام ليبيا كنقطة انطلاق من أجل السفر منها إلى أوروبا.

جهود ضائعة

ورأت المجلة، أن المخاوف بشأن المخاطر التي تشكلها هذه الاضطرابات تفسر اندفاع الولايات المتحدة وغيرها من القوى العالمية لتقديم حكومة وحدة وطنية في ليبيا بمساعدة عسكرية. فالدبلوماسيون الغربيون في حاجة ماسة لمعرفة وجود سلطة مركزية يمكنها أن تتعهد بمهمة محاربة تنظيم داعش، وإيقاف اللاجئين على حدودها.

وتكافح الحكومة الجديدة لتوسيع سلطتها وراء حفنة من الوزارات التي تسيطر عليها حاليا في طرابلس، العاصمة. إلا أن عددا من المراقبين يشككون في أنها يمكن أن تفعل شيئا ما، لا سيما في ضوء الاعتماد الكامل على الميليشيات المحلية للحماية. والواقع أنه تم بناء هذه الجهود على "الرمال"، فهي جزء لا يتجزأ من نقاط ضعف ليبيا بدلا من أن تكون نقاط قوتها.

وأشارت "فورين بوليسي"، إلى أن المجتمع الدولي حاول مرة أخرى جلب بعض "النظام والاستقرار" لليبيا، ولكنه فشل مرارا وتكرارا لتحقيق ذلك. وحاول المبعوث الخاص السابق التابع للأمم المتحدة، برناردينو ليون، لعدة أشهر التوصل إلى اتفاق بين حكومتين (بالإضافة إلى الشبكات السياسية التابعة لها، والميليشيات، والداعمين) من دون نجاح.

حكومة "الخوف"

وقالت المجلة الأمريكية: إنه خوفا من أن تنهار المحادثات ، فرض المبعوث الجديد، مارتن كوبلر، هذه القضية عن طريق إقامة حكومة وحدة وطنية جديدة في ديسمبر العام 2015. ولكن الحكومات الأخرى والعديد من الفصائل في جميع أنحاء البلاد استمرت في مقاومتها لاستمرار ولايتها. وفي الوقت نفسه، تستمر الجهات الدولية المساندة لكلٍ من مختلف الجماعات المتنافسة في تجاهل حظر الأسلحة، وتوفير التمويل والمعدات لعملائها داخل البلاد، ما يزيد حالة الانقسام والتجزئة أكثر وأكثر، وتعزيز مزيد من عمليات القتل والعنف.

وكما هي الحال في الكثير من الحالات السابقة، فإن الجهود الحالية للتوصل إلى نوع من الاتفاق تخطئ الهدف الأكثر وضوحا؛ إذ فشلت محاولات عديدة لتشكيل "موقف وحدة وطنية" في تناقض صارخ للجهود المماثلة على المستوى المحلي، بعدما أثبتت "القبائل والبلديات"، التي لا تعد ولا تحصى في ليبيا، قدرتها على أن تقوم بأدوار فاعلة للسلطة العامة، بما في ذلك التفاوض على وقف إطلاق النار المحلي، وأبرمت اتفاقات حول قضايا متنوعة مثل تبادل الأسرى وإزالة نقاط التفتيش، وحل التحقيقات الجنائية.

واستطردت مجلة "فورين بوليسي" قائلة: بعد اتباع خطة المجتمع الدولي لإصلاح البلاد بشكل صارم لسيناريو "التحولات"، تبدأ بإعداد حكومة وحدة وطنية، ثم إجراء انتخابات برلمانية. هذا النهج يفاقم من نقاط الضعف الأساسية في ليبيا، وهي الانقسامات الاجتماعية العميقة ومؤسساتها الوطنية غير الموجودة فيها.

ضعف اجتماعي وتنافس محموم

ورأت المجلة أن ليبيا لم يكن لديها - حتى الآن على الأقل - التماسك الاجتماعي الكافي والقدرة المؤسسية لتشكيل حكومة مركزية قوية، يمكن أن تسيطر على جميع أراضيها. وحتى لو كانت حكومة الوحدة المعترف بها دوليا بطريقة أو بأخرى قادرة على كسب التأييد من منافسيها، فإن الاتفاق يكون شيئا واهيا، إذ إن الدولة الهشة التي توارثها الليبيون من "دكتاتورية القذافي المفترسة" لا يمكن ببساطة أن يتم تجميعها معا مرة أخرى من خلال النهج من أعلى إلى أسفل: فإنشاء السلطة المركزية لن يكون قويا بما فيه الكفاية للتحكيم بين الفصائل المقاتلة أو أمراء الحرب، بل على العكس، فإنها تخاطر بمجرد ظهور ممثلين إضافيين من شأنهم أن يتنافسوا على السلطة مع عناصر من الحكومات المتنافسة، وكذلك سماسرة السلطة المستقلة والميليشيات.

وأكدت المجلة الأمريكية، أنه من أجل اتباع نهج أكثر حذرا، يجب أن يتم العمل من "أسفل إلى أعلى"، مع التركيز على الأصول السياسية في ليبيا: "وظائف الحكم المحلي وآليات إدارة الصراع القبلي القائم"، فالقبائل في البلاد ذات أهمية خاصة بسبب تاريخها الطويل، وخصوصا أن دمجها مع المؤسسات جعلها أكثر دواما وعمرا من الأحزاب السياسية ذات الجذور الضحلة والتحالفات الواهية.

هذا بالإضافة إلى أن الاتفاقات المحلية ذات "الأهداف المتواضعة" قابلة للتنفيذ، ولديها فرصة أكبر بكثير في النجاح.

وأشارت المجلة، إلى أن هناك اتفاقا محدودا أو مجموعة من الاتفاقيات بين عدد صغير من الجهات الفاعلة المحلية الأقوى - على سبيل المثال، مصراتة، الزنتان، ووارف الله، ووارشيفنا، وعبيدات، والأمازيجية، وأواقير.

وأضافت، أنه من الواضح الأخذ بعين الاعتبار العقبات مثل رفض تقديم تنازلات من المتشددين في كل مجموعة. وقد منعت هذه المحاولات السابقة إقامة اتفاقيات محلية، ولكن وسطاء السلام سيصطدمون بعد ذلك بنفس حجر العثرة أمام الجهود الرامية إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية قوية.

الدعم والمشورة

ورأت المجلة أنه يجب على الجهات الفاعلة الدولية، أن تقدم الدعم والتدريب والمشورة للجهات الفاعلة المحلية، جنبا إلى جنب مع الجهود الرامية إلى التطوير، من أعلى إلى أسفل، للوصول إلى تسوية سياسية شاملة للجميع.

وأشارت، إلى أنه ينبغي تنظيم العمليتين بمثل هذه الطريقة لتعزيز بعضها البعض في حلقة واحدة مقبولة، مؤكدة أن التغيير سيكون بطيئا وغير مكتمل، ولكن بمجرد أن تبدأ بعض الأمور بالاستقرار والقيام بعملها جيدا، سيميل البعض الآخر للانضمام. وخلال ذلك الوقت من شأن الطلب على الخدمات الوطنية مثل البنوك المركزية، والسلطة المركزية..أن يتحسن.

وتابعت المجلة قائلة: هذا النهج التدريجي قد يبدو غير تقليدي، ولكن لديه سوابق عديدة مشرفة في دول مثل كولومبيا وأوغندا، وأجزاء من الصومال، مشيرة إلى أن انتشال الدولة من الفشل أو الضعف الشديد يحدث عادة بهذه الطريقة المجزأة، والمضي قدما بشكل "متقطع وغير منتظم"، وليس من خلال "قفزة كبيرة مرة واحدة".

واختتمت مجلة "فورين بوليسي" مقالها قائلة: ما لم يتمكن المجتمع الدولي من اكتساب المرونة اللازمة للدفع جانبا بنفس النهج المركزي القديم، فإن جهوده سيحكم عليها بالفشل، مؤكدة أنه من الواضح أن الدول تعمل بشكل أفضل عندما تستند إلى مواطن القوة لديها، وإذا طلب منهم البناء على نقاط ضعفهم فستكون وصفة "لفشل مؤكد".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com