كيف خرج بيان مؤتمر باريس وفق هوى إسرائيل؟
كيف خرج بيان مؤتمر باريس وفق هوى إسرائيل؟كيف خرج بيان مؤتمر باريس وفق هوى إسرائيل؟

كيف خرج بيان مؤتمر باريس وفق هوى إسرائيل؟

تتحدث وسائل إعلام عبرية عن نجاح الدبلوماسية الإسرائيلية في ممارسة ضغوط، أدت إلى صدور البيان الختامي الصادر عن مؤتمر باريس الوزاري أمس الجمعة، بصيغة مخففة.

وتقول مصادر إعلامية إن اتصالات مكثفة أجراها رئيس الحكومة ووزير الخارجية بنيامين نتانياهو مع قادة أوروبيين فضلا عن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، هي التي أدت إلى صدور البيان الذي تسبب في حالة من الارتياح لدى الدولة العبرية.

ويرى محللون إسرائيليون أن البيان لا يمس بإسرائيل أو يدينها، كما أنه لا يملي عليها قرارات بعينها، ولا يلزمها بالتعاطي مع شروط أو قرارات على خلاف رغبتها، ولم يتطرق لجدول زمني للمفاوضات بين الجانبين، أو إلى مسألة العودة إلى حدود عام 1967 كشرط أساسي للمفاوضات.

ومن غير المفهوم ما الذي دار وراء الكواليس، عدا مسألة الاتصالات التي أجراها نتانياهو بالمسؤولين الفرنسيين وبوزير الخارجية الأمريكي، لكن ما هو ثابت أن البيان الختامي الصادر عن المؤتمر لم يرق إلى مستوى تطلعات الفلسطينيين، وهو ما شكل صدمة عكستها وسائل الإعلام المختلفة التي بدأت بالتشكيك في جدوى المؤتمر.

وأفرغت المبادرة الفرنسية من مضمونها وبشكل كامل، لدرجة أنه يمكن القول إن المبادرة المعروضة حاليا ربما تعتبر طرحا آخر تماما، مقارنة بتلك التي تعاطى معها الفلسطينيون في البداية، وأجّلوا خطوات كانوا يعتزمون القيام بها على الصعيد الدولي، لإعطاء الفرصة لإنجاحها.

كيف تبلورت المبادرة؟

وتعود فكرة المبادرة الفرنسية إلى آيار/ مايو 2015، حين طلبت واشنطن من باريس تجميد جهودها في مجلس الأمن لتحريك عملية التسوية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، انتظارا لإتمام المفاوضات بين مجموعة الدول الست الكبرى وإيران بشأن ملف طهران النووي.

وطلب جون كيري من نظيره الفرنسي حينذاك لوران فابيوس، وقف تحريك الملف الفلسطيني في الأمم المتحدة، نظرا لصعوبة العمل على ملفين ثقيلين في آن واحد، أي الإيراني والفلسطيني.

وفي هذه الأثناء أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أن هناك حديثا عن مبادرة فرنسية لإحلال السلام، وتبين أن باريس مارست ضغوطًا على السلطة لتجميد خطواتها بالأمم المتحدة، حيث كانت السلطة قد قررت وقتها تقديم مشروع قرار فلسطيني إلى مجلس الأمن يطالب إسرائيل بوقف البناء في الأراضي المحتلة، ويدعو للاعتراف بدولة فلسطينية.

اعتراف تلقائي

وأعلن وزير الخارجية الفرنسية السابق لوران فابيوس في كانون الثاني/ يناير الماضي، في خطابه السنوي أمام السفراء المعتمدين لدى باريس، أن بلاده ستعترف بشكل تلقائي بالدولة الفلسطينية، إذا فشلت مبادرتها الرامية لتحريك عملية السلام في الشرق الأوسط، وجلب الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية إلى طاولة المفاوضات من جديد، مضيفا أن باريس "لا يمكنها أن تسمح بانهيار حل الدولتين".

ورفضت إسرائيل بشدة تلك الرؤية، فيما رحبت السلطة الفلسطينية بها وعولت عليها، وأعلنت تجميد خطواتها على الصعيد الدولي، لكن يوم العاشر من شباط/ فبراير الماضي شهد استقالة فابيوس بشكل مفاجئ، ليحل محله الوزير جان مارك آيرولت.

باريس تتراجع

وتراجعت باريس في العاشر من آذار/ مارس الماضي على لسان وزير خارجيتها الجديد عن مسألة الاعتراف التلقائي بالدولة الفلسطينية، وأشار آيرولت إلى أن بلاده "لن تعترف تلقائيا بالدولة الفلسطينية، إذا فشلت مبادرتها".

ورأى مراقبون أن الموقف الذي كان وزير الخارجية المستقيل يتبناه انتهى ولم يعد قائما، وأن المبادرة التي تجاوب معها الفلسطينيون، والتي كانت بمثابة الوسيلة الوحيدة لجلب إسرائيل للتفاوض، لخشيتها مسألة الاعتراف الفرنسي التلقائي بالدولة الفلسطينية، أفرغت من مضمونها، ولم تعد إسرائيل مضطرة للتعاطي معها.

ومن غير المعروف لماذا تعاطى الفلسطينيون مع المبادرة المُحدثة التي أطلقها الوزير جان مارك آيرولت، والتي تخلو من الرادع الحقيقي للاحتلال، بعد أن كانت مسألة الاعتراف التلقائي بالدولة الفلسطينية هي السبب الوحيد الذي أعطى للطرح الفرنسي الأول "مبادرة فابيوس" قيمة وأهمية، في الوقت الذي شكلت فيه استقالته نفسها لغزًا محيرًا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com