ما موقف "اليهود الأمريكيين" من حرب غزة؟
تباينت مواقف وآراء أكبر كتلة للإسرائيليين "اليهود الأمريكيين" في العالم، تجاه الحرب في غزة، ومصير حكومة بنيامين نتنياهو بعد نهاية المواجهات العسكرية مع حركة حماس.
وباتت قرارات حكومة نتنياهو موضع شك وتساؤلات عدة لدى اليهود الأمريكيين الذين يرون أن الحرب الحالية من أهم حروب إسرائيل، بسبب الأوضاع الأمنية والإنسانية المتدهورة، مع مخاوف اندلاع حرب إقليمية؛ ما جعل أغلبهم يُطالبون باستقالة حكومة نتنياهو.
عامل قلق وإرباك
وقال القيادي والمفكر والمؤرخ الفلسطيني رئيس تيار الاستقلال، اللواء محمد أبوسمرة، في حديث لـ"إرم نيوز" إن "تظاهرات أهالي الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة حماس ضد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، تشكل ضغوطًا على الحكومة الإسرائيلية، وتُمثّل عامل قلق وإرباك وإزعاج لها".
وجعلت الأوضاع الإنسانية الأمور في غزة أكثر تعقيدًا، لذا خرجت مجموعات من اليهود الأمريكيين تطالب بوقف الحرب، وتظاهرت داخل وخارج مبنى الكونغرس في واشنطن ومحطة قطارات نيويورك وعدد من الجامعات المرموقة؛ ما شكّل ضغطًا على الإدارة الأمريكية التي فقدت مصداقيتها وسيطًا لعملية السلام، وفق ما ترى الجماعات اليهودية.
ولا تنفصل هذه الضغوطات عن احتجاجات عائلات الأسرى والمفقودين في معظم بلدات إسرائيل، التي تطالب بالتقدم الفوري نحو صفقة تبادل، واتخاذ خطوات جدية والتجاوب مع مطالب واشنطن للتوصل إلى وقف لإطلاق النار لدعم عملية الإفراج عن المخطوفين الإسرائيليين في غزة.
ورأى اللواء محمد أبوسمرة أن "تأثيراليهود الأمريكيين في السياسات الأمريكية، كبير جدًّا، لكونهم أكبر متبرع وممول لإسرائيل وحروبها واقتصادها"، وأشار إلى أن انتقادات هذه الفئة تلفت أنظار العالم إلى سياسات إسرائيل.
جماعة ضغط قوية
أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور إكرام بدر الدين، فيرى أن اليهود في الولايات المتحدة يتمتعون بثقل اقتصادي يمكّنهم من السيطرة على قطاعات مهمة، منها وسائل الإعلام.
ويُشكِّل اليهود الأمريكيون أكبر كتلة يهودية خارج إسرائيل، وهي موطن لواحدة من أكبر مجتمعات اليهود في العالم، ووصل عددهم بالولايات المتحدة، وفقًا لمركز "بيو" للأبحاث، إلى 7.5 مليون شخص.
ويُشكّل اليهود الأمريكيون 2.4% من إجمالي الناخبين، وكانوا منذ فترة طويلة إحدى الدعامات الأساسية للحزب الديمقراطي.
ويتنوع المجتمع اليهودي داخل أمريكا، ويتكون من أشخاص ينتمون لأعراق وطوائف ومعتقدات مختلفة، ما يجعل اليهود الأمريكيين ليسوا كتلة واحدة.
وأوضح إكرام بدر الدين، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "اليهود الأمريكيين يمثّلون جماعة ضغط قوية تؤثر في قرار أعضاء الكونغرس ومرشحي الرئاسة".
وبشأن مستقبل نتنياهو، يتوقع محاسبته بعد انتهاء هذه الأزمة، والتحقيق معه لتقصيره في أحداث الـ7 من أكتوبر، بالإضافة إلى التحقيقات الأخرى التي تلاحقه جرّاء تُهم فساد.
مستقبل مجهول لنتنياهو
وفي سياق متصل، أشار مندوب مصر الدائم بالأمم المتحدة سابقًا، السفير معتز أحمدين خليل في حديث لـ "إرم نيوز"، إلى لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية التي تُسمى اختصارًا "أيباك"وهي أقوى جمعيات الضغط على أعضاء الكونغرس، وهدفها تحقيق الدعم الأمريكي لإسرائيل.
وتوجد جماعات يهودية داخل أمريكا تطالب بالضغط لسن تشريعات مؤيدة لإسرائيل، وهي تؤيد حل الدولتين، دولة إسرائيلية يهودية، ودولة فلسطينية منزوعة السلاح.
وتوجد أيضًا جماعات ضغط ليبرالية مثل "جيه ستريت" التي أسست عام 2008، تعمل على تعبئة الأمريكيين المؤيدين لإسرائيل، وتدعم عملية السلام وحل الدولتين، ولا تدعم حكومة تل أبيب.
وإذا كانت هناك جماعات تتخذ مواقف مؤيدة لإسرائيل مع اختلاف درجتها، توجد جماعتان تأسستا حديثًا تتخذان مواقف داعمة للفلسطينيين، إحداهما، منظمة "إذا لم يكن الآن" التي أسست عام 2014، والأخرى "الصوت اليهودي من أجل السلام" وهي منظمة تعارض التعصب والقمع المناهض لليهود والمسلمين والعرب.
وأوضح السفير المصري، أن "مجموعات الضغط في الولايات المتحدة تؤثر في سياسات الدولة مباشرة، وسياسة الحزبين الديمقراطي والجمهوري، لأنهم يسيطرون على كثير من وسائل الإعلام، ويضخون استثمارات ضخمة في إسرائيل، سواء كانت استثمارات مباشرة أو مزدوجة الجنسية".
وأشار إلى أن "نتنياهو يحاول استغلال الحرب لاستمرار وضعه لأطول فترة ممكنة"، مُتوقعًا أن يكون مستقبله بعد انتهاء الحرب محل نظر كبير، في ظل ضغوط أهالي الأسرى المحتجزين لدى حماس، ونية العديد من وزراء حكومته تقديم استقالاتهم.