الرمادي أنقاض مدينة وذاكرة بعد خروج داعش (صور)
الرمادي أنقاض مدينة وذاكرة بعد خروج داعش (صور)الرمادي أنقاض مدينة وذاكرة بعد خروج داعش (صور)

الرمادي أنقاض مدينة وذاكرة بعد خروج داعش (صور)

كانت مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار والمركز الاستراتيجي للمسافرين للغرب إلى سوريا والأردن، إحدى أكبر مدن العراق، مزدحمة على امتداد ضفاف نهر الفرات، وتمتلئ بالسكان الذي يبلغ عددهم قرابة 850 ألف نسمة، لكنها أصبحت الآن مدينة أشباح دمرها وقوعها تحت سيطرة داعش، قبل عام تقريباً، بحسب قناة "إيه بي سي نيوز".

وفي تقرير لرئيسة مراسلين الشؤون الخارجية للقناة مارثا راداتز، حول مدينة الرمادي، بعد أن غادرها تنظيم داعش، وتركها أنقاضًا، تكشف "إي بي سي نيوز" حجم الدمار الذي تعرضت له المدينة، مستشهدة بصور قبل وبعد سيطرة داعش تُظهر كيف جرّفت المباني، وانهارت الجسور، وشلّت حركة البنية التحتية.

"فعندما سقطت الرمادي على أيدي 500 مسلح من داعش، كانت الهزيمة مهينة بالنسبة لآلاف من القوات العراقية الذين غادروا المدينة منسحبين. ويظهر فيديو آخر القوات المنسحبة حينها وهم يتسارعون للصعود على الطائرة الهيلوكبتر للهروب، كمشهد بداية لتقرير القناة الذي سرد حال المدينة المأساوي".

"وشكّك وزير الدفاع الأمريكي أش كارتر في رغبة القوات العراقية في القتال، لأنهم انسحبوا من المدينة بالرغم من "أن أعدادهم فاقت بنسبة كبيرة أعداد القوات المقابلة".

"بالرغم من ذلك و بعد مرور ثمانية أشهر، تمكنت قوات الأمن العراقية مدعومةً بضربات جوية من التحالف بقيادة أمريكا، من استعادة السيطرة على الرمادي. بينما كان القتال طويلاً واحتاج لاستخدام أكثر من 600 قنبلة جوية لتخليص الطرقات من مقاتلي داعش".

"وفي نهاية شهر كانون أول، صرّح المسؤولون العراقيون أنهم استعادوا السيطرة التامة على المناطق الرئيسية من الرمادي، وأن الجنود العراقيين قاموا برفع العلم العراقي فيها بكل فخر".

إلى ذلك، يقدّر أن 15 ألف عائلة فقط، ممن هربوا منها، عادوا إلى منازلهم في الرمادي اليوم. وبالرغم من أن أغلب المدينة بدا مهجورا، إلا أن القناة تمكنت من التحدث مع عائلتين عادتا مؤخراً.

وأُبلغ السكان بعدم وجود مدارس لأطفالهم وأنه يصعب الحصول على الطعام. فقال أحد الآباء "نحن نرغب بأن تتم إعادة بناء المنطقة. فمنازلنا دمرت وسياراتنا اختفت." بينما كانت أغلب شكاوي السكان متشابهة، "تركت داعش شوارع المدينة ممتلئة بالعبوات الناسفة". فيوجد في مدينة الرمادي عدد من القنابل والألغام "يفوق عددها في أي مكان آخر على وجه الأرض" على حد تعبير التقرير.

وزارت "أي بي سي" الرمادي مع إجراءات أمنية مشددة من قوات الأمن العراقية المحلية والمتعاقدين من القطاع الخاص.

والتقت الشبكة مع الشركة الأمريكية؛ جانوس غلوبل أوبريشنز التي تعمل الآن على إيجاد آلاف العبوات الناسفة المخفية. وتعاقد مكتب وزارة الخارجية الأمريكية، لإزالة الأسلحة وإبطال مفعولها مع الشركة التي قالت إن التأكد من تطهير المدينة من المتفجرات سيستغرق سنوات أو حتى عقودا.

وتملك الشركة 40 شخصاً يعملون ضمن فريقين لإزالة الألغام من المدينة، وتأمل بجلب عشرات غيرهم.

ويقول المتعهدون إنه عادة عندما يقومون بالعمل على إزالة الألغام من منطقة، يتوجه لهم سكان المدينة الذين يحتاجون للمساعدة في إزالة المتفجرات من ممتلكاتهم الخاصة. في حين تدرب الشركة المواطنين  العراقيين على القيام بتفتيت الألغام وحدهم، كانت مصائد الألغام على الأرض بالكاد ترى بالعين بسبب الغبار والتراب.

وبالإضافة إلى قيام داعش بتلغيم أغلب مدينة الرمادي، قاموا كذلك بتدمير جسورها وطرقها أثناء انسحابهم منها، كما قاموا بإلحاق الأضرار بسد الرمادي لقطع الإمدادات المائية عن المدن البعيدة.  حيث أتاحت الشركة للعامة استخدام خرائط الأقمار الصناعية لوسم مواقع الطرق والجسور والمباني المدمرة، وكذلك للتبليغ عن أماكن وجود حفر بسبب القنابل.

في ذات السياق، قال طالب سابق بجامعة الأنبار، لقناة "إيه بي سي" إن 80% من جامعته دُمرت بعد أن استولت عليها داعش واستخدمتها مقراً رئيسياً للمسلحين. مضيفاً " نحن نسعى لإعادة الإعمار بمساعدة الحكومة المركزية والأمم المتحدة والتحالف الدولي."

وكانت تركة داعش مؤلمة لأهل الرمادي ففي نيسان، عثر على قبر جماعي داخل ملعب لكرة القدم في الرمادي، وكان يحتوي على جثث لعشرات الرجال والنساء والأطفال. وكانت الجثث لبعض من السكان الذين اختاروا عدم الرحيل بعد أن استولت داعش على المدينة في شهر أيار من العام الماضي.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة أن قرابة 55 ألف شخص غادروا الرمادي. وتظهر الصور عائلات رحلوا مشياً على الأقدام باتجاه بغداد التي تبعد 80 ميلاً شرق المدينة. فيما نذر العديد من اللاجئين بعدم العودة للرمادي إلا بعد أن تصبح آمنة وأكثر استقراراً. وهم يعلمون أنه بالرغم من أن المدينة حررت من قبضة داعش، إلا أن الحياة فيها لن تعود يوماً إلى سابق عهدها.

وعلى صعيد منفصل، تشكل المدينة ماضياً صعباً للجيش الأمريكي الذي عانى في المدينة بعد اجتياحه للبلاد عام 2003، ففي عام 2004، وبعد عام من عزل الرئيس الراحل صدام حسين من السلطة، نشرت قوات من مشاة البحرية الأمريكية من الكتيبة 2 الفرقة4 إلى الرمادي في مهمة "الأمن والاستقرار".

ومنذ أول يوم تعرضت الكتيبة لمواجهات قتالية دامية، لتخسر 12 ضابطاً من مشاة البحرية. وبعد ستة أشهر من المواجهات مع المتمردين، قتل 34 ضابط بحرية وجرح 269 آخرون.

ووفقاً للجنرال لورانس نيكلسون، لم تعانِ أي كتيبة من مشاة البحرية في حرب العراق من إصابات مثل الكتيبة المعينة في الرمادي. ففي عام 2006، قاتل مشاة البحرية والجنود وقوات البحرية الأمريكية جنباً إلى القوات الأمنية العراقية؛ لتأمين المواقع المهمة من سيطرة المتمردين ليقتل حينها 70 جندياً أمريكياً على الأقل خلال أشهر، حسب موقع "ميليتاري تايمز" المتخصص في الشؤون العسكرية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com