عش دبابير الفساد في الأردن معطل
عش دبابير الفساد في الأردن معطلعش دبابير الفساد في الأردن معطل

عش دبابير الفساد في الأردن معطل

لم تلق التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الأردني، عبدالله النسور، حول خلو بلده من الفساد خلال الأعوام الخمسة الماضية، صدى واسعًا بين أوساط الشعب الأردني، الذي كانت تستهويه بشدة الملفات والقضايا المتعلقة بالفساد.

وجاء تصريح النسور هذا خلال لقاء جمعه، الإثنين الماضي، برجال أعمال وسياسيين عراقيين يريديون أن ينشئوا في الأردن منتدى اقتصاديًا يعالج قضايا ما بعد الأزمة النفطية الأخيرة.

وقال النسور، إن "الأعوام التي أمضاها في رئاسة الوزراء، لم تشهد حادثة فساد واحدة". وزاد على أعوامه الأربعة في السلطة، سنة واحدة من عهد سلفه، فجعلها خمس سنوات "استثائية" في النزاهة.

الطريقة والتوقيت والسياقات التي تحدث بها النسور عن "هزيمة الفساد" في الأردن، من الممكن أن تعيد نبش "عش الدبابير"، إذ أن الأردنيين لا يستهويهم شيء مثل الخوض في ملفات الفساد.

لكن الذي حصل هو أن حديث النسور هذه المرة، مر بهدوء ولم يحظ إلا بتعقيبات عرضية في حدود التنفيس وضمن القانون، خاصة أن الحديث عن الفساد دون وثائق أصبح مجرّما بعقوبات مغلظة في المملكة.

وفي هذا الإطار، يقول أستاذ اقتصاد الاجتماعي في الجامعة الأردنية، إن "الذاكرة المحلية باتت منهكة، بحيث لا تستطيع أن تحتفظ بالقضايا الخلافية أكثر من 72 ساعة إن جرى تجاهلها وعدم التعليق عليها بالنفي أو بالمتابعة المنهجية. وهذا ما حصل".

من جانبه، قال أحد النشطاء معلقًا على إحدى الصحف المحلية، إن "خمسة أعوام نظيفة من الفساد.. هذا جيد حتى الآن. لكن لننتظر قليلًا، فقضايا الفساد يتأخر الكشف عنها بالعادة لما بعد رحيل حكوماتها"، فيما علق آخر متسائلًا "كيف اختفى الفساد؟.. إن تبرئة الأعوام الخمسة الماضية يعني ضمنيًا الإقرار باتهام الحكومات السابقة".

وفعلًا كانت إذاعة محلية خاصة، مرتبطة بإحدى منظمات المجتمع المدني المتمرسة بموضوع التمويل الأجنبي للمشاريع البحثية والتدريبية، نشرت مطلع الأسبوع الماضي تحقيقًا استقصائيًا عن قضية فساد كبرى سبق وحُولت للقضاء.

ونشر التحقيق وثائق تقول إن "رئيس حكومة سابق متورط في القضية لكنه لم يُسجن"، مضيفًا أن "الحكومات المتعاقبة تراخت في تدقيق سجلات شركات الأوف شور، والثمن قضايا فساد بملايين الدنانير".

ويلفت مراقبون إلى أن "هذا التحقيق الاستقصائي نُشر في الأردن في ذات الوقت الذي نشرت فيه عالميًا ملفات ما يسمى وثائق بنما عن دور شركات الاوف شور في تسهيل وتغطية تهريب السياسيين لأموالهم  بعيدًا عن الأنظار والمعارضة والضرائب وبعيدًا أيضًا عن قوانين التركات وحقوق الزوجات في تلك الأموال".

ورأوا أنه "كان يمكن أن تكون لهذا التحقيق الصحفي تداعيات كثيرة. لكن الذي حصل هو أنه جرى تجاهله إعلاميًا وسياسيًا بما أدى إلى تفريغه من شحنته".

وثائق بنما - بالأحرى ما نُشر منها حتى الآن- لم يتضمن الكثير من التسريبات عن الأردن، مع أن شركات "الأوف شور" رائجة ولها حصص رئيسة في شركات كبرى وبنوك محلية.

واختار مندوبو الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، من بين شركات "الاوف شور" المحلية،  ثلاث كانت تابعة لرئيس وزراء أسبق ورد اسمه في الوثائق، وسألوه عبر اتصالات هاتفية عن الموضوع، لكنه قال إن "زج اسمي في التسريبات غير منطقي". وزاد محاميه بالقول إن "شركتين من أصل ثلاث وردت في وثائق بنما، مغلقة".

ويقول المراقبون إنه "كما جرى تفريغ التحقيق الاستقصائي عن أحد رؤساء الوزراء السابقين من شحنته الصوتية عن طريق التجاهل، كذلك جرى تفريغ موضوع رئيس الوزراء الأسبق الآخر من شحنته الجنائية بخبر صحافي الخميس الماضي يقول إن قضايا شركات الاوف شور كلها غير مطروحة للتحقيق لأنه سبق وتم الفصل بها قضائيًا".

ورأى خبراء أن "رجال الأعمال والسياسيين العراقيين الذين التقوا النسور خرجوا راضين بتلبية طلبهم. لكن الحديث في الجلسة عن الفساد لا بد أنه أثار فضولهم، فهم  قادمون من بلد لا يكاد يمر فيه أسبوع دون الكشف عن ملفات فساد بعضها بالمليارات".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com