فوضى داعش تقرب حلم الأكراد بدولتهم وخلافاتهم تهددها
فوضى داعش تقرب حلم الأكراد بدولتهم وخلافاتهم تهددهافوضى داعش تقرب حلم الأكراد بدولتهم وخلافاتهم تهددها

فوضى داعش تقرب حلم الأكراد بدولتهم وخلافاتهم تهددها

اعتاد الأكراد على الاحتفال بعيد النيروز، منذ هزيمة الملك الطاغية الشرير "زوهاك"، وذلك عبر إشعال النيران فوق التلال، إلا أنهم اليوم يحتفلون بهذه المناسبة - التي تصادف بداية الربيع وبداية العام الجديد حسب التقويم الشمسي- بطريقة مختلفة، تعكس توحدهم بوجه عدو أوحد، من خلال إلقاء الإطارات المشتعلة من أعالي التلال نحو خنادق يتحصن فيها مقاتلو تنظيم "داعش".

وحينما يدور الحديث عن قتال "داعش"، فإن المقاتلين الأكراد المعروفين بـ "البشمركة" في سوريا والعراق، أكثر الحلفاء وثوقاً من قبل الغرب.

وعزز هذه الثقة ما حققته الفصائل الكردية على الأرض، في معارك مفصلية هامة دارت في عين العرب  (كوباني) القابعة على الحدود السورية التركية، وفي إقليم سنجار شمال العراق.

غير أن الفضل في هذا الأمر، يعود للفوضى التي أحدثتها "داعش"، حيث جعلت من الأكراد المنتشرين في عدة دول أكثر قرباً من أي وقت مضى من إنشاء دولتهم الخاصة.

وخلافاً لهذه الرؤية فإن ثمة من يرى في توحد الأكراد داخل حدود دولة واحدة تجمع شتاتهم، حلماً بعيد المنال، بالنظر إلى حقيقة الفرقة والخلاف الذي يعيشه هذا الشعب الممتد على طول الحدود لأربع دول هي العراق، وسوريا، وإيران، وتركيا.

ففي الشهر الماضي، دعا الرئيس الحالي لإقليم كردستان العراق، مسعود برازاني، لاستفتاء غير ملزم من أجل الاستقلال عن العراق بحلول نهاية هذا العام، مما يعني ولادة الدولة الكردية التي طال انتظارها.

لكن الأمر في سوريا يسير على نسق مختلف، إذ أن إعلان الأكراد إقامتهم لإقليم فيدرالي يدعى "روجافا" في السابع عشر من هذا الشهر، في حقيقته دعوة للمحافظة على البلاد التي تكتوي بنار الحرب الأهلية ومخاوف التقسيم الطائفي والعرقي.

ورغم تحييد الأكراد بعيداً عن محادثات السلام المتعلقة بالشأن السوري، فإن الزعماء الأكراد صرحوا أن "روجافا " يمكن أن تكون نموذجا لدولة لامركزية.

في الخفاء، وبعيداً عن الصورة المعلنة لتوحد الأكراد خلف قضية جامعة، فإن الطريق نحو الاستقلال في حقيقته، قد يغذي خلافات وخصومات شديدة بين عدة رؤوس وتيارات تمثل الشعب الكردي وتهيمن على قراره السياسي في كل من سوريا والعراق.

على سبيل المثال، اتهم الحزب الديمقراطي الكردستاني "KDP" بقيادة برازاني في العراق، حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي "PYD" في سوريا، بنقص في الوفاء للأمة الكردية.

ويحظى حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي  "PYD" بروابط قوية مع حزب العمال الكردستاني "PKK" في تركيا والذي يترأسه عبدالله أوجلان , وينادي بكونفدرالية كردية لا تتمتع باستقلال تام وضمن الحدود الحالية.

كما يتحاشى حزبا "PYD" و "PKK" النهج الرأسمالي بينما يتبناه حزب "KDP"، ما يعزز الفوارق والاختلافات بين ممثلي الأكراد في المنطقة.

ولا تبدو الصورة ناصعة تماماً فيما يخص حزب PYD"" ، الذي يحاول ترويج مناطق الحكم الذاتي "روجافا" ،على أنها رقعة من الأرض تتمتع بالديمقراطية والتعددية.

من جهة ثانية تم اتهام هذا الحزب الكردي باحتكار السلطة، وطرد العرب من بعض البلدات، وتهميش الفصائل الكردية الأخرى كالجماعات المحلية المناصرة  لحزب "KDP" وقمعها بحدة، فضلاً عن استهداف العديد من المعارضين للنظام السوري بمن فيهم الثوار الأكراد.

لكن تفاقم التوتر بلغ أشده بين الأحزاب والفصائل الكردية، حين عاون حزب KDP"" القوات التركية في عمليات مشتركة داخل الأراضي التركية، ما يعزز وجهة النظر التي تشير إلى خلافات عميقة بين الأكراد، مغايرة للصورة الجميلة التي يحاول البعض ترويجها.

على الساحة التركية، يرى الأتراك، أن الحزب الديمقراطي الكردستاني بديل مقبول خلافاً لحزب العمال الكردستاني، الذي ألقت السلطات التركية مسؤولية التفجيرات الأخيرة في أنقرة واسطنبول على عاتقه.

وتنظر تركيا إلى التمدد الكردي بجوارها على نحو مقلق الأمر الذي يدفعها لمساندة "داعش" تكتيكياً.

وفي العراق، قام حزب الـ "KDP" أيضا بمحاولات لإقصاء حزب "PYD" من المشهد العام، وذلك عبر حفر الخنادق على الجانب العراقي للحدود المتاخمة لإقليم "روجافا".

وفي ذات السياق، لم يسلم برازاني أيضاً من النقد داخل كردستان، ما يعكس طبيعة الصراع والتنافس السياسي بين الأكراد.

ويرى مراقبون، أن دعوة برازاني لإجراء استفتاء، كانت موجهة لصرف النظر عن مشاكل ملحة أخرى،  ومنها قطع بغداد العلاقات مع إقليم كردستان وذلك لعدم إرسالها واردات النفط للبنك المركزي.

في المحصلة فان مسألة الانفصال عن سوريا و العراق، و إنشاء دولة كردية مستقلة، لا تجد قبولاً واسعاً في الكثير من الأوساط الدولية، لكن التحدي الأبرز يظل قبول الأكراد لبعضهم البعض رغم تعدد الولاءات والانتماءات.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com