ثورة ليبيا بين الفرح والشماتة والقتل
ثورة ليبيا بين الفرح والشماتة والقتلثورة ليبيا بين الفرح والشماتة والقتل

ثورة ليبيا بين الفرح والشماتة والقتل

تواضعت احتفالات الليبيين بالذكرى الخامسة لثورتهم على نظام القذافي، وأبرز ما يمكن ذكره من المظاهر الاحتفالية، هو خروج مئات الأشخاص في ميدان طرابلس، دون أن تصاحبه المظاهر المعتادة، التي شهدتها احتفالات أعوام 2012 و2013، التي طالت كل المدن الليبية وكل الشوارع في المدن الكبرى.

ويرجع متابعون محليون، تواضع هذه الاحتفالات إلى السنوات الدامية التي تلت العامين الأولين، وتهجير أعداد كبيرة من الليبيين وتوسع الإرهاب في عدة مدن ليبية مثل درنة وسرت، وتسلط المليشيات على المواطن والتحكم ببعض المدن الأخرى مثل مصراته وطرابلس والزاوية، بالإضافة إلى الحرب الأهلية الدائرة في بعض مناطق الجنوب، مثل ما حدث بين الطوارق والتبو في مدينة أوباري بالجنوب.

وبنظرة أكثر عمقا لردود الأفعال حول الاحتفالات، حسب ما كتب الليبيون على مواقع التواصل، وكذلك مقالات بعض الكتاب والاعلاميين ومتابعة أصداء الاحتفالات عبر وسائل الاعلام، نجد أن أغلب المواطنين الليبيين ليسوا نادمين على فعل الثورة، وإن كانوا لم يعدوا بنفس الحماس لها، كونهم انتظروا دولة أكثر نظاما ورفاهية من زمن القذافي، فظهرت لهم تيارات أشد دكتاتورية، وفوضى أكثر همجية، وصلت لقطع الرؤوس والتغييب والقتل بدون سبب.

وقال مواطنون، تحدثوا لـ"إرم نيوز" إن "السنوات الخمس الماضية، أعطتهم مؤشرات بأن الثورة سرقت من تيارات وجهات وحتى دول"، موضحين بأن "التيارات المتشددة وفي مقدمتهم الإخوان المسلمين هم سبب المباشر في هذا الأمر".

وحسب هؤلاء المواطنين، فالإخوان كانوا سببا مباشرا في ظهور داعش في ليبيا، وذلك بتسمية كل حامل للسلاح وشارك في حرب القذافي ثائرا، مؤكدين بأن الإخوان كانوا أكثر المؤثرين في (المؤتمر المنتهية ولايته)، وهم من أعادوه للحياة لكي لا يسلموا السلطة للهيئة المنتخبة ديمقراطياً وهو البرلمان الشرعي.

وشددوا على أن بعض الشخصيات من مدينة مصراته، ساهمت في هذه الفوضى بإصرارهم على أن يكون لهم دائما حصة الأسد في تشكيل الحكومات، وكذلك في مشاريع الدولة والميزانيات العامة، مستغلين وجود أكثر من 60 مليشيا يحتلون بها مؤسسات الدولة في العاصمة، وتهديد أي مسؤول لا يكون تحت إمرتهم.

وأجمع الليبيون، على أن "الثورة سرقت، وأن الاحتفال بها في ظل هذه الظروف لم يعد منطقياً، فكيف نحتفل وشلال الدماء يجري، وآلاف الليبيين بدون مأوى وبدون حياة كريمة، والإرهاب يعمل سكاكينه في رقاب الكثيرين".

واعتبر كثيرون، أن هناك فئة لاتزال تعيش وهم الثورة وأنها مستمرة، خصوصا بعض قادة المليشيات في مصراته وطرابلس، تشاركهم في الأمر تيارات إرهابية من خلايا لداعش في غرب ليبيا حتى وإن لم تظهر للسطح بعد، إضافة لعديد المجرمين والقتلة الفارين من السجون، كل هؤلاء يركبون قطار الثورة المستمر، كي لا تقوم دولة، أو توجد مؤسسات عسكرية وأمنية قوية، قد تأخذ منهم مكتسباتهم المالية، أو حظوتهم السياسية، أو عدم تنفيذ أجنداتهم الفكرية، أو تطبيق القانون بحق المجرمين، وفق تعبيرهم.

أنصار القذافي

وتظل فئة ثالثة يسميها الليبيون (الخضر) نسبة للنظام السابق، الذي اعتمد اللون الأخضر في كل شيء بتوصيات من دكتاتور ليبيا السابق معمر القذافي، هؤلاء تغلب على لهجتهم الشماتة بما وصل إليه الحال، وكأن ما يهمهم هو أن تدمر ليبيا لأنهم خرجوا من السلطة وضاع عليهم ما كانوا يتنعمون به زمن القذافي.

وهناك من الليبيين من يتهم هؤلاء بأنهم جزء من حالة العنف التي تشهدها ليبيا، ولا يستبعد حسب كثير من الليبيين بأن يمول هؤلاء حتى داعش في سبيل أن تظل ليبيا في فوضى عارمة، كي لا تنتقل إلى عهد أكثر نماء وازدهارا.

وعندما نتابع ما يصدر عن هذه الفئة الثالثة، نجد أنهم يركزون على كلمات تعود بنا إلى عصر اللجان الثورية، حيث اكليشيهات جاهزة، وعبارات معدة بروح النضال والسباب لكل من يخالفهم من شاكلة تسميتهم للثورة "نكبة" فبراير، كما يستغلون بعض الأحداث الأولى ويعطونها حجماً جامعاً ليسحبوه على كل الأحداث مثل حالات اقتحام المنشآت، ثم يتحولون لنغمة الاتهامات، التي كانت أفضل أسلوب للقذافي لإقصاء الخصوم وحتى قتلهم. يقول بعض أنصار القذافي ألم تبدأ "ثورتهم" باتصالات وتنسيق مع الخائن بن حليم ( رئيس وزراء ليبي أيام المملكة الليبية ) ورجال الاستخبارات البريطانية وخونة الداخل.

ويقول معارضوهم، أن نظامهم ظل 42 سنة، وكل ما أنجز كتائب في آخر حكمه تخضع لإرادة أبناء القذافي وأبناء عمومته، وسفارات ليبيا تدار بواسطة "ثلة" معينة من قبيلة واحدة ذات ولاء تام للقذافي، فمن سيصدق كلامهم الآ،ن ومن سيقول بأن عودتهم ستكون مفيدة لليبيا بأي شكل.

وبين هذه التداعيات والأفكار وتنوع التأييد والتحفظ والهجوم على الثورة ولها، تظل ليبيا تعاني، وتنتظر مرحلة تخرج أهلها من غياهب ما بعد حكم القذافي، وارتدادات الثورة لدولة ذات سيادة واحترام لمواطنها وأكثر تحقيقا للتنمية والتطور.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com