مواد مشعّة "مسروقة" تثير مخاوف أمنية في العراق
مواد مشعّة "مسروقة" تثير مخاوف أمنية في العراقمواد مشعّة "مسروقة" تثير مخاوف أمنية في العراق

مواد مشعّة "مسروقة" تثير مخاوف أمنية في العراق

عبر مسؤولون عراقيون، الأربعاء، عن مخاوفهم من إمكانية استخدام مواد مشعة مسروقة، كسلاح، في حال وقعت بأيدي تنظيم داعش.

وقالت وثيقة لوزارة البيئة العراقية، إن السلطات تبحث عن مواد مشعة "عالية الخطورة" سُرقت العام الماضي، مضيفة أن "المواد كانت موضوعة في حقيبة في حجم الكمبيوتر المحمول، واختفت في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، من منشأة تخزين قرب مدينة البصرة جنوب البلاد، تابعة لشركة ويذرفورد الأمريكية لخدمات الحقول النفطية".

وقال متحدث باسم وزارة البيئة العراقية، إنه "لا يستطيع مناقشة الأمر بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي". ورفض كذلك متحدث باسم شركة "ويذرفورد" في العراق التعليق، ولم يرد مقر الشركة الرئيسي في هيوستون بالولايات المتحدة، على طلبات متكررة للتعليق.

لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، مارك تونر، قال إن الوزارة "على علم بتقارير تفيد بأن مواد مشعة فُقدت من منشأة للتخزين على مقربة من مدينة البصرة في جنوب العراق، لكنها لم تلحظ أي علامة على أن تنظيم داعش أو غيره من الجماعات المتشددة، حصلوا عليها".

وأضاف في تصريحات صحافية، "نتعامل بوضوح مع هذه التقارير بجدية شديدة ونواصل مراقبة الوضع".

ووفقاً للوثيقة وتأكيدات المسؤولين، فإن المواد مملوكة لشركة "إس.جي.إس تركيا" ومقرها إسطنبول. وتستخدم هذه المواد أشعة "جاما" لاختبار العيوب في المواد المستخدمة بأنابيب النفط والغاز خلال عملية تسمى التصوير الصناعي بأشعة جاما.

وتتحدث الوثيقة -التي تحمل تاريخ 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، والموجهة إلى مركز الوقاية من الإشعاع التابع للوزارة- عن سرقة "مصدر مشع عالي الخطورة" (الإيريديوم 192) يتسم بنشاط إشعاعي شديد ويتبع شركة "إس.جي.إس" وذلك من مستودع يتبع ويذرفورد في إحدى مناطق محافظة البصرة.

وقال مسؤول كبير في وزارة البيئة في البصرة، في تصريح صحافي، إن "الجهاز يحتوي على عشرة جرامات من كبسولات الإيريديوم 192 وهو نظير مشع للإيريديوم يستخدم أيضاً في علاج السرطان".

وتصنف الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذه المادة، كمصدر مشع من الدرجة الثانية، وهو ما يعني أنها قد تسبب إصابة دائمة لمن يقترب منها لدقائق أو لساعات إذا لم يتم التعامل معها بطريقة ملائمة، وقد تتسبب في وفاة أي شخص يتعرض لها لساعات أو أيام.

ويتحدد مدى الضرر الذي يمكن حدوثه بناء على عوامل، كقوة المادة وقِدمها. وقالت الوثيقة إن المادة تشكل تهديداً للأجسام البشرية وللبيئة، إضافة لكونها تهديداً للأمن القومي.

مخاوف من "قنبلة قذرة"

اختفت في السابق كميات كبيرة من "الإيريديوم 192" في الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى، وأثار ذلك مخاوف مسؤولين أمنيين من احتمال استخدامها لصنع "قنبلة قذرة".

وتجمع "القنابل القذرة" بين المواد النووية والمتفجرات التقليدية، لتلويث منطقة ما بمادة مشعة، على عكس السلاح النووي الذي يستفيد عادة من انشطار نووي لعمل انفجار أكثر قوة إلى حد كبير.

وقال مسؤول أمني كبير مطلع على أمر هذه السرقة: "نحن نخشى من وقوع العنصر المشع بأيدي داعش"، مضيفاً "هم يستطيعون بسهولة ربطه مع متفجرات وصنع قنبلة قذرة". لكن ولا يتوفر أي دليل على وقوع هذه المواد في يد داعش.

ورفض تونر خلال حديثه للصحافيين، التعليق عما إذا كانت المواد المفقودة قابلة للاستخدام في قنبلة "قذرة".

ونفى المسؤول الأمني الموجود في بغداد وجود شكوك حالية بشأن السرقة، لكنه قال إن التحقيق الأولي يرجح أن اللصوص على دراية حقيقية بطبيعة المادة والمنشأة، واستشهد على ذلك بعدم وجود أي أقفال مسروقة ولا أبواب محطمة وغياب أي دليل على حدوث اقتحام للمكان.

ورفض مدير عملية أمنية لصالح شركة تعز العراقية للخدمات الأمنية، التعليق بدعوى وجود تعليمات من السلطات الأمنية العراقية. وترتبط شركة تعز بعقد لحماية المنشأة.

وقال متحدث باسم قيادة عمليات البصرة -وهي المسؤولة عن الأمن في محافظة البصرة- إن قوات الجيش والشرطة والمخابرات تعمل "ليل نهار" لتحديد مكان هذه المواد.

ويتحمل الجيش والشرطة مسؤولية الأمن في جنوب البلاد، حيث توجد أيضاً جماعات شيعية تساندها إيران وعصابات إجرامية.

خطر التلوث

تقاتل القوات العراقية ضد داعش في شمال العراق وغربه، بدعم من تحالف تقوده الولايات المتحدة. ووجهت لهذا التنظيم المتشدد أكثر من مرة، اتهامات باستعمال أسلحة كيميائية خلال الأعوام القليلة الماضية.

وتفصل أكثر من 500 كيلومتر بين البصرة وأبعد منطقة يسيطر عليها داعش في محافظة الأنبار غرب العراق. ولا يسيطر التنظيم على أي مناطق في محافظات يهيمن على سكانها الشيعة في جنوب العراق، لكنه زعم المسؤولية عن هجمات بالقنابل هناك، بينها هجوم خلف عشرة قتلى في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي في الضاحية التي توجد بها المنشأة التابعة لـ"ويذرفورد".

وقال ديفيد أولبرايت -وهو فيزيائي يرأس معهد العلوم والأمن الدولي في واشنطن- إن المواد المشعة- بخلاف تهديد القنابل القذرة- قد تسبب أضراراً لمجرد التعرض لها في مكان عام لعدة أيام"، مضيفاً "إذا تركت في مكان مزدحم فقد يسبب هذا خطورة كبيرة.. لن يكون هذا بالتأكيد تهديداً بسيطاً. يمكن التسبب في ذعر بمثل هذه المادة. عليهم استعادتها".

وقال المسؤول الكبير في وزارة البيئة: "نحن نخشى من أن يقوم سارق الجهاز كائناً من كان بإساءة استعماله، وهذا ما قد يسبب حصول تلوث إشعاعي ذي نتائج كارثية".

وقال مسؤول آخر في وزارة البيئة موجود أيضاً في البصرة، إن "فِرقاً لمكافحة الإشعاع بدأت عمليات تفتيش في مواقع نفطية وساحات لتخزين الخردة ومعابر حدودية بحثاً عن الجهاز بعدما أبلغت قوة مهام طوارئ باختفائه في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي".

وقال مسؤولان حكوميان في البصرة، إن تعليمات صدرت لهما في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بالتواصل مع المستشفيات المحلية. وقال أحدهما: "قمنا بتوجيه المستشفيات في البصرة لتكون متأهبة لاستقبال حالات الإصابة بالحروق الإشعاعية وإبلاغ الأجهزة الأمنية فوراً".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com