فريد كمال
قال محللون إن تزامن تعيين إسرائيل لـ"حاكم غزة"مع العملية العسكرية في الضفة الغربية، يؤكد انتقال إسرائيل من استراتيجية الردع القديمة، إلى استراتيجية المنع الجديدة.
وعينت إسرائيل حاكمًا للقطاع على طريقة "منسق الضفة"، بالتزامن مع اجتياح الضفة الغربية على طريقة غزة، في استفادة من عبر أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، ما يفرض مشهدًا معقدًا جديدًا في المنطقة، وعلى الفلسطينيين بشكل خاص.
وفي هذا الصدد، أكد الخبير المصري في الشؤون الإسرائيلية، اللواء الدكتور نصر سالم، أن هذا هو الاحتلال بعينه، فإسرائيل تسعى إلى استمرار بقائها في غزة لأطول فترة ممكنة.
وقال سالم، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن هذا ليس هو الموقف الإسرائيلي الوحيد، فالإصرار على البقاء في محور صلاح الدين أو فيلادلفيا، محاولة لفرض السيطرة الكاملة على قطاع غزة، الأمر الذي ترفضه باقي الأطراف، بما فيها مصر.
ولفت إلى أن هذه القرارات ستقضي تمامًا على حل الدولتين، وستبقي على استمرار الاحتلال، مؤكدًا أن إسرائيل لا تريد أن ترفع قبضتها من على القطاع قريبًا، وهذا الأمر سيزيد الطين بلة.
وحول تحويل الضفة الغربية إلى غزة ثانية، من خلال أكبر عملية اجتياح بري، وهجوم جوي غير مسبوق منذ سنوات طويلة، قال سالم إنها عملية إبادة إسرائيلية ممنهجة للشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية.
وأضاف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يخوض الحرب بمنتهى الإصرار والتعنت، وبعد أن أنهى ما يريده في غزة، يتجه الآن إلى الضفة الغربية، بهدف إبادة أعداد كبيرة من الفلسطينيين هناك، واستنزاف الوقت بدون وقف إطلاق نار أو هدنة لتحقيق أهدافه.
وأوضح الخبير المصري أن ما يقوي موقف نتنياهو، هو أن الأمريكيين جمهوريين أو ديمقراطيين، لا يستطيعون مواجهته في فترة البطة العرجاء، حيث الانتخابات الحاسمة.
واتهم نتنياهو بافتعال الأزمات، مع الاقتراب من أي مكتسبات في المفاوضات، لإعادتنا لبداية الدرج من جديد.
وقال سالم إن رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يريد أي وقف لإطلاق النار، بشكل نهائي، حتى لا يعطله شيء عن عملية الإبادة، فكلما تنازل الفلسطينيون ليصلوا إلى حل، يفتعل نتنياهو أزمة جديدة ليبتعد عن المفاوضات.
ودلل على ذلك بالقول إن نتنياهو كان يريد عقد اجتماع الكابينت في محور فيلادلفيا، على الحدود مع مصر، وهذا دليل على مواجهة نتنياهو لكل العالم، وليس الفلسطينيين فقط.
ونفس الموقف، يفتعله نتنياهو اليوم مع هدنة تطعيم شلل الأطفال، إذ يصر على أنها لن تتجاوز ساعات قليلة، ثم يعاود القتال، وليس مستبعدًا أن يتجمع الأطفال وأسرهم للتطعيم، ويضربهم كما فعل قبل ذلك، ويردد وقتها مبررات واهية، فلا عهد ولا ذمة للإسرائيليين، وفق تعبيره.
من ناحيتها، اعتبرت أستاذ الديانة اليهودية بجامعة الزقازيق وخبيرة الشؤون الإسرائيلية، الدكتورة هدى درويش، أن تعيين العميد إلعاد جورين كحاكم لغزة، دليل على التجبر الإسرائيلي وعدم استماعهم لأحد، ورفض كل محاولات وقف الحرب.
وأضافت درويش، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن هذا يعد تحولًا جذريًا في التعامل مع المشهد في غزة، ومؤشر واضح لاستمرار الاحتلال، لا بل القضاء على أي فلسطيني إن كان في غزة، أو الضفة، أو أي مكان.
وانتقدت الصمت الدولي رغم التصعيد الإسرائيلي في العمليات والسياسات، وسط قلق إسرائيل من الاعتراضات الدولية القليلة.
ولفتت درويش إلى أن تل أبيب تدعي بأن تعيين حاكم غزة هو لأغراض مدنية إنسانية، منها إعادة الإعمار وترميم البنية التحتية وتسهيل وصول المساعدات، رغم أن جورين نفسه يعترف بأن تعيينه جاء لتمرير استمرار القتال لمدة كبيرة، حتى تتحقق كل الأهداف الإسرائيلية دون اعتراضات دولية معطلة، وهذه حقيقة الموقف الإسرائيلي.
ودعت إلى تحرك عربي عاجل لإنقاذ الفلسطينيين والمسجد الأقصى؛ لأنها لا تستبعد إقامة كنيس يهودي في باحة الأقصى، كما يهدد الوزير المتطرف إيتمار بن غفير.
وقالت إن تصريحات بن غفير كانت "جس نبض"، إذ غضب منها الإسرائيليون لا سيما الحريديم، أكثر من بعض العرب، وطالبوا بإقالة الوزير المتطرف.
وأكدت درويش أن ما تفعله إسرائيل هو استغلال للأجواء الإقليمية المتخبطة، ولن تقف عملياتها عند الضفة الغربية، بل ستتمدد لتحقيق حلمهم التوراتي بإسرائيل الكبرى المرتبطة بقدوم المسيح في معتقداتهم.
وقالت درويش إن إسرائيل استطاعت أن تواصل حربها بدعم من معسكرها، وسط غياب من يواجه نتنياهو داخليًّا وخارجيًّا، وذلك على خلاف توقعات المراقبين بأن لا تكمل إسرائيل الحرب بسبب ضغوط أسر المختطفين، وتعدد الجبهات، وعدم قدرتها على تحمل حرب طويلة الأمد.