الجزائر.. تحوّلات عميقة ترسم سيناريوهات ما بعد بوتفليقة
الجزائر.. تحوّلات عميقة ترسم سيناريوهات ما بعد بوتفليقةالجزائر.. تحوّلات عميقة ترسم سيناريوهات ما بعد بوتفليقة

الجزائر.. تحوّلات عميقة ترسم سيناريوهات ما بعد بوتفليقة

فتح سفر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى فرنسا للعلاج ​باب التكهنات مجدداً حول حالته الصحية ومدى استقرارها وتأثيرها على مستقبل الجزائر.

ورغم قصر الزيارة، وسعي مؤسسة الرئاسة للإعلان عنها في خطوة نادرة لم يعهدها المراقبون من السلطة، مع الإشارة إلى أن تعرض بوتفليقة لوعكة صحية قبل سنوات،  إلا أنها جددت الجدل حول شغور محتمل لمنصب رئيس الجمهورية.

 السفر العلاجي لبوتفليقة تزامن مع تحركات وقعها سياسيون وثوريون ووزراء سابقون من أتباع الرئيس نفسه، قبل أن يفاجئوا الرأي العام برسالة مطلبها الوحيد هو مقابلة حاكم قصر المرادية للتأكد من قدرته على تسيير دفة الحكم، وتدبير شؤون الدولة، على خلفية قرارات غير مسبوقة أصدرها بوتفليقة في وظائف سامية بالحكومة والإدارات العامة والقضاء والجيش والمخابرات.

 مفردات الحرب

وفي تسارع لافت للأحداث، اندلعت معركة سياسية طاحنة بين أقطاب الموالاة والمعارضة حيث لا يخلو قاموس السياسة في الجزائر هذه الأيام، من مفردات الحرب، كأن تقول مترشحة رئاسية سابقة مثلاً إنها فهمت من رسالة الجنرال توفيق مدير المخابرات العسكرية السابق أنها "ستكون حبة الرمل التي ستوقف آلة الدمار".

ويرد عليها سياسي بارز يقود حزبًا يملك الأغلبية البرلمانية، بأن "العراب الذي سقط، أسقط معه حكم العسكر إلى غير رجعة وصارت الغلبة لحكم الدولة المدنية"، والمقصود بتصريح زعيم الحزب الحاكم هو انهيار أسطورة الفريق محمد الأمين مدين التي كانت تدير دهاليز السياسة على مدار 25 عامًا، من مخابر عسكرية قيل إنها صنعت رؤساء جمهورية ورؤساء حكومات ووزراء وقضاة ورجال أعمال.

 التحول

يشدد المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي إسماعيل معراف إن مؤسسة الرئاسة تغلبت بالنهاية على المخابرات وتجمعت كل الصلاحيات بيد المحيط الرئاسي، ويجزم المتحدث لشبكة إرم الإخبارية، أن الجنرال توفيق صار صفحة من الماضي.

ويزعم البروفيسور إسماعيل معراف أن لفرنسا دورًا في قلب موازين القوى بموجب ما سماها "اتفاقية فال دوغراس" بين شقيق الرئيس الجزائري السعيد بوتفليقة ( كبير مستشاري عبد العزيز بوتفيلقة في قصر الرئاسة) و مدير المخابرات الفرنسية برنار باجولي.

ويدرج الكاتب والإعلامي حمري بحري المستجدات التي تشهدها الجزائر مؤخرًا في سياق "التحول العميق" نحو حكم الدولة المدنية بعد انتهاء هيمنة المخابرات العسكرية على الحياة السياسية دون أن يجزم بأن لبوتفليقة دور في هذا التوجه.

ويشدد بحري في تصريح لشبكة إرم الإخبارية أن المشاكل الصحية للرئيس الجزائري تؤثر فعلاً على الوضع العام في البلد، لكنه يجزم أن التغيير الوحيد الذي يمكنه إحداث التحول الديمقراطي المنشود لن يكون سوى بيد جيش عصري، في إشارة واضحة إلى أن الجيش الجزائري الحالي باحترافيته يقوده ضباط من جيل الشباب بعد زوال جنرالات الثورة الذين أحكموا قبضتهم على مفاصل المؤسسة العسكرية.

 أرباع تتقاسم القرار

يقول وزير الصناعة الجزائري السابق ورئيس حزب جبهة التغيير، إن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة "ليس محجورًا عليه وليس مغفلاً و لكنه لا يحوز  كل الصلاحيات"، موضحًا أن بوتفليقة "هو من يحكم ويتخذ القرارات سواء بصفته المباشرة أو بواسطة تفويضه أشخاصًا آخرين وفق ما ين ينص عليه الدستور".

ويعتقد الوزير الإسلامي السابق الذي عمل في حكومتي الرئيس المستقيل اليمين زروال والرئيس الحالي، أن بوتفليقة الذي صرح في بداية حكمه أنه "لن يكون ثلاثة أرباع رئيس"، قد قسّم تلك "الأرباع" إلى ربع للرئيس وآخر للحكومة وثالث للجيش ورابع لقوى الخارج حيث يتحكم "الإيليزيه" حسب مناصرة في عدة قرارات استراتيجية تصدر باسم الشعب الجزائري.

ويخلص البروفيسور إسماعيل معراف في تحليله إلى أن عام 2016 سيحمل مفاجآت كثيرة للجزائريين أولها نهاية حقبة رئيس الوزراء الحالي عبد المالك سلال وغياب وزير الدولة أحمد أويحي من القصر الرئاسي (مدير مكتب بوتفليقة) وخروج عبد القادر بن صالح من رئاسة مجلس الأمة (الغرفة العليا للبرلمان الجزائري).

ويتوقع معراف أن وزير الصناعة الحالي عبد السلام بوشوارب المحسوب سياسيًا على حزب التجمع الوطني الديمقراطي (أمينه العام هو أحمد أويحي) سيلعب دورًا مهمًا في جزائر 2016، معتقدًا أنه سيطيح برئيس الوزراء الحالي عبد المالك سلال ليخلفه في المنصب بدعم فرنسي يعتمد على "تكتل رجال الأعمال" الذين يخدمون –حسب الخبير الاستراتيجي ذاته- أجندة فرنسا.

ويختم أستاذ القانون والعلوم السياسية  بجامعة الجزائر أن هناك مؤشرات لتفعيل المادة 88 من الدستور الجزائري التي تتحدث عن شغور منصب الرئيس، لكن ذلك قد لن يحدث في ظل المقاومة التي تبديها أحزاب الموالاة لهذا الطرح من منطلق اعتقادها أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لم يتخل يومًا عن صلاحياته وهو يراقب السير العام للمؤسسات ويستقبل السفراء والمسؤولين الأجانب.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com