الاتفاق الليبي.. بين قرب توقيعه ومعوقات تهدد بإجهاضه
الاتفاق الليبي.. بين قرب توقيعه ومعوقات تهدد بإجهاضهالاتفاق الليبي.. بين قرب توقيعه ومعوقات تهدد بإجهاضه

الاتفاق الليبي.. بين قرب توقيعه ومعوقات تهدد بإجهاضه

رغم تأكيد مصادر أممية ودولية وليبية عديدة، أن التوقيع الختامي على الاتفاق الليبي الذي ترعاه الأمم المتحدة، سيتم منتصف الشهر الجاري في تونس، لا يزال الغموض يكتنف الطريقة التي سيتم بها الإعلان عن الاتفاق، وآلية تحقيق حكومة الوفاق، بحسب مراقبين.

وقال المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر، إن "وصايا سلفه برناردينو ليون، التي توصل إليها في حوار الصخيرات، ستكون هي المرجع في التوقيع على الاتفاق"، مؤكداً أنه "لن يطرأ عليها أي تغيير"، في وقت اتفق طرفا الحوار على رفض مخرجاتها، وإن اختلفت الأهداف حول هذا الرفض.

ويقول مراقبون للشأن الليبي، إنه "مع اقتراب موعد التوقيع النهائي على الاتفاق، هناك نقاط لا تزال غامضة، أولها أن المبعوث الأممي مارتن كوبلر يتعامل مع المشاركين في الحوار وكأنهم الأطراف الفعلية المعنية بالاتفاق، لا كمندوبين لابد لهم العودة إلى من كلفهم بالحوار عند التوقيع على الاتفاق".

وكان كوبلر قال في تصريحات إعلامية: "هذه هي المرة الأولى التي ألتقي فيها أعضاء الحوار السياسي الليبي، وقد عقدنا جلسة طويلة شارك فيها كافة أعضاء الحوار الليبي. وقد شجعني كثيراً ما سمعته منهم"، وهي تصريحات اعتبرها مراقبون إشارة من كوبلر إلى أن الأمر منتهي ولا يحتاج سوى لتوقيع أعضاء الحوار المتواجدين في تونس، دون العودة إلى البرلمان.

وشدد المراقبون على أن "متصدري مشهد الحوار الحالي سواء محمد شعيب رئيس وفد البرلمان، أو صالح المخزوم رئيس وفد المؤتمر الوطني العام، وهما في تونس الآن، أصبحا لا يملكان صفة شرعية وقانونية من مؤسستيهما، حيث أن الأول انتهت عضويته في لجنة الحوار حين قرر البرلمان حل لجنته المشاركة في الحوار، كما أن الثاني تم استبداله بعضو آخر من المؤتمر".

وأكدوا على أن "رئيسي الوفدين وأعضاء الحوار، غير مخولين بالتوقيع على الاتفاق، ولا بد أن يتم اعتماد أي اتفاق أو حكومة من خلال جلسة داخل قبة البرلمان".

وكان مقرر مجلس النواب، صالح قلمه، قال في تصريح إعلامي حول إعلان موعد توقيع الاتفاق، إن "الموقف الرسمي لمجلس النواب حول الإعلان الذي جرى اليوم في تونس، سيتم في الاجتماع الرسمي لمجلس النواب في حال انعقاده الإثنين المقبل".

وشدد قلمه على "أن المجلس لا يعتد بأي تصريح أو موقف ينسب للمجلس ككل، حيث أن كل التصريحات والمواقف تنسب لأصحابها بصفاتهم الرسمية وشخوصهم".

وأشار إلى أن "عدداً من أعضاء مجلس النواب يُجرون اجتماعات حوارية وتشاورية في الوقت الحالي، لمناقشة إعلان توقيع الاتفاق السياسي في 16 كانون الثاني/ ديسمبر الجاري".

من جانبه، قال البرلماني عبد السلام نصية، المتواجد في تونس، إن "المجلس ينتظر الاطلاع على تفاصيل الاتفاق الأخير بين الأطراف، والتأكد من تضمين بنود مبادرة فزان لنص الاتفاق".

وأضاف نصية أن "التسريبات التي وصلت تشير إلى أن الأجواء الإيجابية سادت خلال اجتماعات اليوم في تونس، لكن مجلس النواب يجب أن يطلع أولاً على نص الاتفاق ليستطيع إبداء رأيه".

ويشير مراقبون إلى أن نصية "تجاهل شيئاً مهماً، وهو أن مبادرة فزان لم يتم التوافق عليها داخل قبة البرلمان، وتظل مجرد مبادرة من قبل بعض الأعضاء، خصوصاً أن كوبلر أبلغ مؤيدي هذه المبادرة بضرورة أن تكون صادرة بقرار من البرلمان".

وأضافوا "يبدو أن هناك رغبة في التوقيع على أي اتفاق حتى بدون العودة لمؤسسات الدولة الليبية الحالية، فالأمم المتحدة تريد أن تصل إلى نقطة تشكيل الحكومة بأي طريقة، حتى لو كانت بتجاهل الجسم الشرعي وهو البرلمان، وأيضاً يبدو أن الضغوط الأوربية تجد أثراً لها بحجة أن وجود حكومة واحدة يمنح هذه الدول فرصة محاربة الإرهاب وتوحيد القوى المسلحة الليبية ضده".

واعتبروا أن "الأمر المهم الذي يؤرق قطاعاً كبيراً من الليبيين، هو وضع الجيش الذي الذي قطع شوطاً كبيراً في محاربة الإرهاب، وكيف ستتعامل معه الحكومة الجديدة".

ويشدد هؤلاء على "ضرورة إيجاد ما يحمي وجود الجيش وقيادته الحالية، كما أن مصير المليشيات المسلحة في طرابلس ومصراته والمناطق المحيطة بها، والتي تنتمي في أغلبها لأيدلوجيات متطرفة، يظل هاجساً قوياً، نظراً لنفوذها في هذه المناطق، وتدخلها في كل تفاصيل الحياة في غرب البلاد".

ويتابع المراقبون أن "النقطة الثالثة المهمة هو مكان هذه الحكومة، فطرابلس غير مؤهلة لهذا الأمر، لأنها تحت سيطرة المليشيات ذات التوجه الإرهابي في أغلبها، أو التي يتحكم بها أشخاص خارجون عن القانون، كما أن بنغازي لا تزال تشهد عمليات عسكرية، والجنوب في أغلبه غير مستقر".

الاتفاق الجديد

وتباينت آراء الساسة وأطراف النزاع الليبي، حول توقيع اتفاق جديد تحت مسمى "الحوار الليبي - الليبي" بين مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام، كبديل عن الحوار السياسي الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والمستند على مخرجات حوار الصخيرات.

وأكد عضو مجلس النواب الليبي خليفة الدغاري، في تصريح لوكالة الأنباء الليبية الرسمية، أن الاتفاق السياسي الجديد "هو طوق نجاة الوطن، وتوحيد البلاد إن استطاع الليبيون تحقيق الاتفاق الليبي – الليبي دون وساطة خارجية".

فيما دعا النائب عوض عبد الصادق، الذي مثل المؤتمر الوطني في توقيع اتفاق تونس، "كل الليبيين والثوار والأحزاب السياسية إلى دعم وثيقة إعلان مبادئ الاتفاق الوطني الذي وقع في تونس".

وفي مؤتمر صحافي له بعد التوقيع، قال الصادق إن "وثيقة إعلان المباديء تعتبر خطوة في المسار الصحيح، لتحقيق الاتفاق السياسي بتوازن، وهذا الاتفاق سينتج عنه الحلول السريعة للأزمة في مدة أقصاها شهر، إذا تلقى الدعم من الشعب الليبي".

واعتبر عضو المؤتمر الوطني عبد القادر حويلي، خلال لقاء تلفزيوني مع قناة محلية ليبية، أن "اتفاق تونس يجعل الحل السياسي الذي جرى التوصل إليه تحت رعاية المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا، برناردينو ليون، في الصخيرات المغربية، لا قيمة له".

ودافع عضو المؤتمر الوطني، عما جرى التوصل إليه في تونس قائلاً "اتفاق تونس تم بناء على قرار المؤتمر الوطني رقم 124 لسنة 2015"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن "الاتفاق سيجري المصادقة عليه في الجلسة المقبلة للمؤتمر الوطني وسيتم تشكيل لجنة تتألف من خمسة أعضاء، تتولى ما نتج عن الاتفاق ومنها تنقيح الدستور المعدل واختيار رئيس الحكومة ونائبيه".

ورحبت بلدية مدينة طبرق، على لسان عضوها فرج المبري، بالاتفاق المعلن، وذات الأمر لدى بلدية غريان (غرب) التي تبنت الموقف نفسه من الاتفاق الجديد في تونس، بين مجلس النواب والمؤتمر الوطني.

وقال المبري في تصريحات صحافية، إن "إعلان المبادئ الذي وقعه أعضاء من مجلس النواب والمؤتمر الوطني في تونس، خطوة إيجابية تسرع قيام الدولة الليبية".

وأعلن اتحاد مؤسسات المجتمع المدني ببلدية غريان، في بيان، أنه يبارك ويؤيد ويدعم بكل قوة ما توصل إليه وفدا المؤتمر الوطني العام ومجلس النواب من توافق، وتوقيع مبادئ الاتفاق الوطني لحل الأزمة الليبية".

وفي الاتجاه نفسه، أعلن أعيان الجنوب الليبي خلال بيان، تأييدهم للاتفاق الذي تم بين الطرفين في تونس، كما أعلن رئيس مجلس أعيان مدينة مصراته (غرب)، عبر تصريحات له، تأييده لهذه الخطوة التي اعتبرها الأمل في الوصول إلى حل سياسي، لإنهاء الأزمة في بلاده.

ويأتي على الطرف الآخر، رافضون لما تم التوصل إلية خلال اتفاق تونس، وبينهم 94 نائباً بالبرلمان المنعقد في طبرق، الذين أعلنوا في بيان، أنهم "متمسكون بالاتفاق السياسي المبرم في الصخيرات المغربية تحت رعاية الأمم المتحدة".

ووقعت أطراف ليبية من بينها مجلس النواب، وعمداء مجالس بلدية، أبرزهم المجلس البلدي في مصراتة، بالأحرف الأولى، وثيقة الاتفاق السياسي بالصخيرات المغربية في يوليو/تموز الماضي، غير أن المؤتمر الوطني العام في طرابلس، اعترض على مضمونها وطالب بتعديلات على نصها.

وفي بيانهم، قال الرافضون "فوجئنا برئيس البرلمان عقيلة صالح وعدد من النواب، عندما أعلنوا عن حوار جديد تحت مسمى حوار ليبي - ليبي، ومع أطراف تجاوزهم الحوار السياسي، لتعنتهم ورفضهم نتائج الحوار الذي ترعاه البعثة الأممية، ودون أن يطرح الأمر على مجلس النواب، وفقًا لما تنص عليه اللائحة الداخلية للمجلس".

وتابع النواب الليبيون "نرفض أي لقاءات يكون الغرض منها إفشال أو التشويش على الحوار السياسي الذي تدعمه الأمم المتحدة، كما نرفض أي تدخل في عمل لجنة الستين المنتخبة من قبل الشعب الليبي، لصياغة دستور دائم يحقق تطلعات كل الليبيين، دون أن يكون ذلك وفق الإجراءات الدستورية المنصوص عليها"، في إشارة لأحد بنود اتفاق تونس الذي ينص على اعتماد الدستور الليبي السابق، بعد إخفاق لجنه كتابة الدستور الليبي الحالية في التوصل لكتابة دستور جديد للبلاد.

وقال الناطق الرسمي باسم مجلس النواب الليبي فرج أبو هاشم، في تصريح لـ"الأناضول" ما قام به رئيس لجنة العدل والمصالحة بالبرلمان، النائب إبراهيم عميش، نراه سذاجة سياسية".

واعتبر الناطق باسم البرلمان الليبي أن "ما جرى في تونس، يعد محاولة يائسة من بعض المعرقلين للاتفاق السياسي الليبي من الطرفين، وإفشال ما توصل إليه الحوار".

واعتبر عضو المؤتمر الوطني عبد الرحمن الشاطر، خلال تصريح صحفي له أن "ما أعلن عنه مؤخراً من اتفاق مبادئ في تونس، هو من صنع قلة لا تمثل أغلبية أعضاء المؤتمر الوطني العام، ولا يمكن لأحد أن يتحدث باسمها، "إذ لم يتم تفويضهم رسمياً في جلسة رسمية للمؤتمر، وبذلك فهو اجتهاد من قبلهم قد يشكرون عليه".

وتابع الشاطر أن "الدخول في مناقشة اتفاق جديد، يعني العودة إلى المربع الأول لبحث تفاصيل أشبعت بحثاً، من قبل أطراف الحوار لمدة سنة كاملة".

وذهب عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي (لجنة الستين)، ضو المنصوري، لأبعد من ذلك، حين شكك في تدوينة له على صفحته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، في "نوايا موقعي إعلان تونس".

وقال المنصوري "ما جري في تونس، هو حدث ملبد بالغيوم قد لا تنقشع آثاره قريباً، وهذا الاتفاق سيؤدي إلى مزيد من الخلافات بين أطراف الصراع المتناحرة على مستقبل ليبيا".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com