هل تسعى إسرائيل لتحويل الانتفاضة إلى ثورة ضد السلطة الفلسطينية؟
هل تسعى إسرائيل لتحويل الانتفاضة إلى ثورة ضد السلطة الفلسطينية؟هل تسعى إسرائيل لتحويل الانتفاضة إلى ثورة ضد السلطة الفلسطينية؟

هل تسعى إسرائيل لتحويل الانتفاضة إلى ثورة ضد السلطة الفلسطينية؟

تحاول المؤسسات الأمنية والسياسية والعسكرية ووسائل الإعلام الإسرائيلية طمس مصطلح "الانتفاضة" في وصفها للأحداث الحالية بالأراضي الفلسطينية المحتلة، بما لو كان ذلك على حساب التقليل من شأن هذه الأحداث، مستخدمة بدلا من ذلك مصطلحات من بينها "موجة الإرهاب"، على أمل ألا تتسبب الإجراءات القمعية التي ترسخ لها السلطات الإسرائيلية في موجة من الانتقادات على الصعيد الدولي، أو أن ينتقل الزخم في الشارع الفلسطيني إلى العالم العربي.

الاحتلال تأهب منذ عام

ومع ذلك، يعتقد مراقبون أن ما يدور بداخل تلك المؤسسات يختلف تماما عن الروايات التي يسوقها الإعلام الإسرائيلي، مؤكدين أن جيش الاحتلال يتأهب منذ عام كامل للانتفاضة الفلسطينية الثالثة، وأجرى العديد من المناورات الواسعة لقمعها حال اندلعت، مقدرا وقتها أن "الانتفاضة الفلسطينية الثالثة قد تندلع حال قام مستوطنون يهود بأعمال إرهابية ضد الفلسطينيين بالضفة الغربية، وأن البؤرة الرئيسية ستكون بالقدس الشرقية"، وهو ما حدث تماما، حين قام إرهابيون يهود (الوصف الذي استخدمه أيضا الإعلام والسياسيون الإسرائيليون) بإحراق منزل عائلة دوابشة بقرية دوما/ قضاء نابلس، أواخر يوليو/ تموز الماضي.

تحقق السيناريوهات

وتحقق سيناريو "الإرهاب اليهودي" منذ تاريخ حرق منزل عائلة دوابشة، وشن العديد من السياسيين الإسرائيليين وأعضاء الكنيست عن الأحزاب المعارضة هجوما حادا ضد حكومة نتنياهو، مطالبين إياها بوضع حد لتلك الظاهرة التي تنذر بإشعال الأوضاع على الأرض، وتسبب أضرارا خطيرة لدولة الاحتلال، وبخاصة في الخارج، وتحددت قوائم بأسماء تنظيمات وشخصيات متطرفة، تعلم السلطات الإسرائيلية أنها تمارس عمليات إرهابية منظمة ضد الفلسطينيين وتتغاضى عن ذلك.

وسبق كل ذلك تحذيرات شملتها تقارير جهات أمنية إسرائيلية، صدرت منذ شهر آذار/ مارس الماضي لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تقول إن فشل المسيرة السياسية إلى جوار تجميد الأموال المستحقة لصالح السلطة الفلسطينية، سيشعل انتفاضة فلسطينية محتملة.

خطط معدة سلفا

ويقدر مراقبون للشأن الإسرائيلي أن تحقق السيناريو الذي استعد له جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية والاستخباراتية قبل عام، (هذا بخلاف التقارير والتحليلات الإسرائيلية التي تحدثت عن غطاء توفره الحكومة الإسرائيلية ورجال الدين للإرهاب اليهودي)، كان مصحوبا بـ"إخراج الخطط المعدة مسبقا من الأدراج" والتي أعدها الاحتلال لمواجهة تطورات كانت معروفة أيضا بشكل مسبق، لافتين إلى أن تلك الخطط كانت تشمل الخطوات التي سيتخذها الاحتلال على المستوى العسكري والأمني والسياسي والإعلامي، والتي كان عنوانها الأساسي "طمس أي بوادر لكلمة انتفاضة، بما في ذلك لو كان على حساب التقليل من شأن أحداث من هذا النوع".

ويتمسك الإعلام الإسرائيلي حاليا بمصطلح "موجة الإرهاب الفلسطينية"، بعد أن كان المحللون الإسرائيليون قد حذروا من أن "موجة الإرهاب اليهودي" الأخيرة ستؤدي إلى احتقان بالشارع الفلسطيني، قد يتحول إلى مواجهات بين الفلسطينيين والمستوطنين بالضفة الغربية، وهو ما حدث بالفعل، ولكن إعلام الاحتلال بدأ في تحويل الدفة، وتوقف عن استخدام مصطلح "الإرهاب اليهودي" ليحل محله مصطلح "الإرهاب الفلسطيني".

ويحمل محللون حكومة نتنياهو المسؤولية عن التطورات الحالية، ويلمحون إلى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تتغاضى عن عمليات محددة يقوم بها فلسطينيون غاضبون، بهدف ترسيخ فكرة أن ما يحدث ليست انتفاضة ردا على الإرهاب اليهودي الأخير والفشل السياسي لحكومة نتنياهو، ويرسخون لمصطلح "الإرهاب الفلسطيني"، لمعالجة الآثار الناجمة عن تعميم مصطلح الإرهاب اليهودي إعلاميا في الشهرين الماضيين.

محاور تنفيذ المخطط

ويذهب المحللون إلى أن رد الفعل الفلسطيني الذي لم يكن على المستوى المتوقع في بعض المراحل، نظرا لمحاولات السلطة الفلسطينية منع أي رد فعل عنيف ضد جرائم المستوطنين وقمع الشرطة الإسرائيلية، حفاظا على الخط الذي حدده رئيس السلطة محمود عباس، والذي يسعى لتمرير خطوات على الصعيد الدولي، ويعلم أن الاحتلال بصدد عرقلة تلك الخطوات عبر إشعال الأرض، كان يقابل بتصعيد إسرائيلي واضح، وعلى سبيل المثال واقعة قتل وسحل فتاة فلسطينية من الخليل تدعى "هديل الهشلمون"، وتعمد نشر صور وحشية لجثمانها الذي ظل ملقى على الأرض لمدى نصف ساعة، سعيا منه للعزف على وتر الغضب الفلسطيني.

وبالتالي يرى المحللون أن الاحتلال الإسرائيلي ينفذ الخطة التي كانت قد وضعت قبل عام على محورين، الأول يتمثل في استفزاز حماسة الشارع الفلسطيني كلما هدأت الأمور، والثاني يتمثل في التغاضي عن عمليات يقوم بها بعض الفلسطينيين، ليستغلها كمبرر للإجراءات العقابية التي يطبقها حاليا ضد الفلسطينيين بالأراضي المحتلة.

ثورة على السلطة

بيد أن هناك محور ثالث يعمل عليه، يتعلق بمحاولة الحديث عن كون السلطة الفلسطينية شريكا في الإجراءات الإسرائيلية، مركزا على التعاون الأمني بين الجانبين، بهدف توجيه غضب الشارع الفلسطيني ضد السلطة الفلسطينية أيضا، ومحاولة تحويل الدفة من انتفاضة ضد الاحتلال إلى ثورة على السلطة الفلسطينية، ومن ثم إسقاطها، وإسقاط ما تقوم به من خطوات دولية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com