أزمة الأجور تُضعف الجيش الصومالي في حربه على المتشددين
أزمة الأجور تُضعف الجيش الصومالي في حربه على المتشددينأزمة الأجور تُضعف الجيش الصومالي في حربه على المتشددين

أزمة الأجور تُضعف الجيش الصومالي في حربه على المتشددين

مقديشو- يهدد عجز الصومال عن دفع أجور جنود جيشه بل وحتى إطعامهم، بتقويض أعوام من المكاسب العسكرية ضد حركة الشباب الإسلامية المتشددة، ويستنزف الفساد الروح المعنوية ويضعف الجيش في حربه ضد المتشددين.

وفي الشهرين المنصرمين، اقتحمت حركة الشباب المتحالفة مع تنظيم القاعدة، قاعدة لقوات الاتحاد الإفريقي لحفظ السلام، وسيطرت مجدداً على بلدات صغيرة من القوات الصومالية المتقهقرة في منطقة شبيلي السفلى جنوب مقديشو.

ورغم أنه لا أحد يتوقع أن يستعيد المتشددون السيطرة على المناطق الواسعة التي خسروها منذ طردهم جنود الاتحاد الإفريقي والجنود الصوماليون من مقديشو في 2011، هناك مخاوف بأن الجهود التي استمرت لأعوام لإصلاح الجيش قد تنهار مع اتجاه الجنود الذين لم يتقاضوا أجورهم إلى الهرب من الخدمة أو ينصبون نقاط تفتيش لجمع الرشى.

وتسبب عدم دفع أجور الجنود الذي وصل لستة أشهر بالنسبة لبعض الجنود في توتر العلاقات بين الحكومة والمانحين الغربيين مثل الولايات المتحدة ودول أوروبية استثمرت مليارات الدولارات لإرساء الاستقرار في الصومال ولمنع انتشار التشدد الإسلامي من القرن الإفريقي.

وقال الكولونيل فرح -وهو قائد عسكري في جنوب الصومال- إن "الجنود الغاضبين أقاموا نقاط تفتيش غير مشروعة لترويع المدنيين.. قيادة جنود لم يتقاضوا أجورهم مشكلة لأن أوامرك تلقى آذاناً صماء".

وأضاف فرح في تصريح صحافي "لا يمكنك أن تطلب منهم أن يذهبوا معك لخط القتال. يقولون .. لماذا نموت؟".

ويشير تقرير لم ينشر لمجموعة مراقبة تتبع الأمم المتحدة، إلى أن الفساد هو أحد أسباب عدم دفع الأجور. وفي التقرير تتهم المجموعة القادة العسكريين الكبار بتضخيم عدد القوات واختلاس التمويل المخصص للأجور.

ووضع التقرير من أجل مجلس الأمن الدولي ولن ينشر حتى تراجعه الدول الأعضاء.

وقال المتحدث باسم الحكومة، عبد السلام آتو، إن الصومال سيحقق في الاتهامات التي وردت في تقرير الأمم المتحدة، مضيفاً أن الاهتمام بالجيش هو "أهم أولوية" للبلاد.

وأي صحوة للشباب ستثير قلق الدول المجاورة مثل كينيا، حيث نفذت الحركة هجمات كبيرة قتلت المئات عقاباً لكينيا على إرسال جنود للصومال في إطار قوة الاتحاد الإفريقي.

وقال دبلوماسي غربي: "دفع أجور الجنود هو من أهم القضايا التي نطرحها باستمرار مع الحكومة"، مضيفاً أن "عدداً من المبعوثين أثار القضية مع الرئيس حسن شيخ محمود.. نشعر كلنا بقلق بالغ".

وعزل محمود قائد الجيش الشهر الماضي، وأعلن خططاً "لإصلاحات جوهرية في القطاع الأمني"، متعهداً بأن "رفاهة الجيش الوطني الصومالي ستكون على رأس أولوياته".

وأضاف أن "الإصلاحات ستتضمن مساعي استخدام أنظمة الدفع الإلكتروني لدفع الأجور بدلاً من الأكياس التي تتكدس فيها ملايين الدولارات التي يتم جمعها من البنك المركزي والتي يستخدمها كبار الضباط حتى الآن".

"جنود وهميون"

ويزعم التقرير الذي وضعته مجموعة مراقبة الصومال وإريتريا التابعة للأمم المتحدة، والتي تشرف على الامتثال لعقوبات الأمم المتحدة، أن "التسلسل الهرمي (للجيش) قام بشكل ممنهج بتضخيم عدد جنوده للحصول على تمويل أكبر للرواتب والحصص".

وقالت المجموعة "توضح حالات قليلة الخطر الذي يمثله سوء الإدارة المالية والاختلاس على السلام والأمن والاستقرار في الصومال أكثر من الفساد داخل المؤسسات الأمنية للحكومة الاتحادية".

وأضافت أن "نطاق الاختلاس والإفلات من العقوبة داخل الجيش الصومالي الوطني قلص ثقة المانحين".

وقال ضاهر عدن علمي قائد الجيش المقال إن اتهامات الأمم المتحدة "لا أساس لها" وإن العجز عن دفع الأجور هو بسبب نقص الإيرادات وليس الكسب غير المشروع.

وقال رئيس الوزراء عمر شرماركي، إن المكاسب التي حققتها حركة الشباب في الآونة الأخيرة في منطقة شبيلي السفلى ليست لها أهمية استراتيجية.

وحول عدم دفع أجور الجنود، قال رئيس الوزراء إن حكومته تركز على استبعاد "الجنود الوهميين" لتحديد حجم الجيش الحقيقي.

وتابع أن الصومال -الذي يفتقر للأموال- "سيحاول تحقيق إيرادات إضافية من الموانئ لدفع أجور الجنود التي تبلغ 100 دولار في الشهر دون أن يحدد متى ستستأنف المدفوعات.

وتكمل الولايات المتحدة وبريطانيا رواتب الجنود الصوماليين من الحكومة بمنحة قيمتها 100 دولار في الشهر لكل جندي.

ويقول خبراء إن "أحد أسباب عدم انهيار جيش الصومال في ظل هذه الظروف هي المساعدة التي يحصل عليها من جنود حفظ السلام التابعين للاتحاد الإفريقي المجهزين بشكل أفضل، والذين كثيراً ما يقتسمون الحصص الشخصية والوقود مع الجنود الصوماليين الذين يقاتلون معهم جنبا إلى جنب.

"الأيام الخوالي السيئة"

مع انحسار وجود حركة الشباب إلى عدة مناطق في جنوب الصومال، كان المانحون يأملون في أن يتولى الجيش الوطني الصومالي مسؤولية الأمن في الريف ويبني على المكاسب التي حققتها قوة الاتحاد الإفريقي.

وقال إستيج يارلي هانسن وهو خبير في شؤون الصومال في جامعة النرويج لعلوم الحياة: "لا يمكن أن يعيد الصومال بناء نفسه دون إصلاح الجيش. لن تختفي الشباب أبدا إذا لم تؤمن الريف ولا يمكن عمل ذلك إلا من خلال الصوماليين أنفسهم".

ويبدو أن برنامجاً لدمج مقاتلي الميليشيات العشائرية في الجيش على شفا الانهيار في منطقة كيسمايو الجنوبية حسبما يقول شيوخ العشائر في المنطقة.

وقال الشيوخ إن مئات المقاتلين رحلوا بسبب عدم دفع الأجور رغم أن الحكومة تنفي ذلك.

وقال مستشار أمني غربي: "تراجع عددهم من 1500 إلى 800 في الأسبوعين الأخيرين"، مضيفا أن العجز عن دفع أجور الجنود يتسبب في زيادة عدد نقاط التفتيش غير المشروعة ويعيد الجيش إلى "الأيام الخوالي السيئة".

وقال مراقبو الأمم المتحدة إن "إصلاح الأوضاع المالية للجيش مهم للحفاظ على المكاسب التي تحققت والحيلولة دون انهيار محتمل للدولة بعد رحيل قوات الاتحاد الأفريقي".

لكن رفع الروح المعنوية لجنود مثل حسن عثمان سيكون أمراً صعباً دون مساعدتهم على إطعام أسرهم.

ويقول حسن: "لا يمكن أن تكون سعيدا عندما تحاربك حركة الشباب من جهة وتطلب زوجتك ورقة الطلاق من جهة أخرى".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com