سجال بين نقابة الصحفيين التونسيين والحكومة حول حرية الإعلام
سجال بين نقابة الصحفيين التونسيين والحكومة حول حرية الإعلامسجال بين نقابة الصحفيين التونسيين والحكومة حول حرية الإعلام

سجال بين نقابة الصحفيين التونسيين والحكومة حول حرية الإعلام

انتقدت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ما ورد على لسان وزير تكنولوجيا الاتصال والاقتصاد الرقمي، نعمان الفهري، الذي دعا إلى ضرورة إعادة إسناد إجازات البث في الإعلام السمعي البصري إلى الحكومة.

واعتبرت تصريح الوزير "عودة إلى أساليب نظام بن علي الاستبدادي في احتكار الإعلام وتطويعه لخدمة النظام".

هيئة تعديلية

وقال الوزير الفهري، في تصريح إعلامي، خلال تظاهرة حول الاقتصاد الرقمي في تونس: "إنّ السياسة الاقتصادية لقطاع الإعلام (إسناد الرخص والعائدات المالية المتأتية منها)، تبقى من مشمولات الحكومة  وليس "الهايكا" (الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري) باعتبارها هيئة تعديلية، على غرار الهيئة الوطنية للاتصالات التي تضطلع بدور تعديلي بين المشغلين في مجال الاتصال".

وأكد على أنّ الدور الاقتصادي لقطاع الإعلام "يبقى من مشمولات السلطة التنفيذية التي تحدد سياسة تشجيع القطاع، وليس "الهايكا" التي تمنح الرخص دون اعتماد منهجية واضحة"، حسب تعبيره.

وتأسست "الهايكا"، في الثالث من مايو 2013 بموجب المرسوم عدد 116 المؤرخ في 2 نوفمبر 2011، وهي هيئة دستورية تعنى بالمشهد الإعلامي السمعي والبصري التونسي وتنظمه وتسعى إلى استقلاليته للوصول إلى طريقة جديدة في حوكمة الإعلام وتعزيز حرية التعبير في البلاد، ومن مشمولاتها إسناد الرخص إلى وسائل الإعلام الجديدة، وإجازات البث إلى القنوات التلفزيونية والإذاعية.

سابقة خطيرة

وأثارت تصريحات الوزير حفيظة النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، واعتبرها النقيب ناجي البغوري "سابقة خطيرة تعود بنا إلى أساليب نظام بن علي الاستبدادي في احتكار الإعلام و تطويعه لخدمة النظام".

وأضاف البغوري مستنكراً "التصريحات المخالفة للدستور لهذا الوزير الذي لا ماض له في الدفاع عن الحريات. ونذكّره أنّ التونسيين دفعوا ثمناً باهظاً زمن الاستبداد وأثناء الثورة وبعدها من أجل حرية الإعلام واستقلاليته".

مبادرة تشريعية مشبوهة

وقالت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في بيانها إنّ أحد أطراف الرباعي الحاكم (حزب آفاق تونس)، الذي ينتمي إليه الوزير نعمان الفهري، يستعدّ إلى تقديم مبادرة تشريعية "مشبوهة" بخصوص تنظيم قطاع الإعلام بشقيه السمعي البصري والمكتوب "في إطار السعي إلى السيطرة على الصحافة التونسية عبر محاولة إحياء وزارة الإعلام في شكل جديد".

وشدّدت على أنّ إسناد الرخص يبقى من مشمولات "الهايكا"، حسب المرسوم 116، محذّرة من أنّ تصريحات الوزير "تأتي في إطار سعي حكومة الحبيب الصيد إلى الانقلاب على هيئة دستورية وضرب مكسب حرية الإعلام، وتذكر أنّ إصلاحاً حقيقياً للقطاع يجب أن يمرّ عبر الهياكل الممثلة للمهنة".

عودة النظام القديم

واستغربت نقابة الصحفيين التونسيين ما أسمته "ادّعاء الفهري بأنّ قطاع الإعلام يكبّد الدولة خسائر  تصل إلى 100 مليون دينار سنوياً في حين تدافع حكومته عن مشروع قانون مشبوه لحماية الفاسدين و ناهبي المال العام تحت مسمى  المصالحة الاقتصادية".

ونبّهت إلى "ضرورة الوقوف ضد عودة النظام القديم من خلال هذه المبادرات المشبوهة والتصريحات اللامسؤولة"، إضافة إلى "عودة سياسة التعليمات الصادرة عن ديوان رئيس الحكومة التي تهدف إلى تطويع الإعلام العمومي و جعله في خدمة أحزاب الحكم".

بلبلة وجدل

وكان في ردّ الوزير نعمان الفهري، "شيء من التراجع"، وقال إنّه "لم يطالب بمنح تراخيص البث السمعي البصري إلى الحكومة"، مؤكداً في تصريح إذاعي أنّه "لم يُدل أبداً بهذه التصريحات وأنه من أكثر المدافعين عن التعددية في قطاع الإعلام".

وأشار الوزير إلى أنّ "القانون واضح وأنّ التراخيص من مشمولات الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري"، مضيفاً أنه يتفهّم "أن يُخطئ صحافي أو إعلامي"، لكنه لا يتفهم أن "تتخذ النقابة مجرّد ادعاءات والبناء عليها وإثارة البلبلة والجدل".

مبالغة ومغالطة

حكومة الحبيب، هي الأخرى لم تقف موقف المتفرّج، بل ردّت على بيان نقابة الصحفيين، الذي "اتهمت فيه ديوان رئيس الحكومة بمحاولة تطويع الإعلام العمومي وإعادة سياسة التعليمات"، واعتبر المكلف بالاتصال في رئاسة الحكومة، ظافر ناجي، أنّ "في البيان الذي استند إلى وقائع غير موجودة، مبالغة".

وكشف أنّ النقابة أبلغته بأنها "متخوّفة من عودة النظام القديم وسياساته التي كانت مُتّبعة في التعامل مع الإعلام".

وتحدى ناجي في تصريحات إذاعية أن تكون رئاسة الحكومة "قد اتصلت بأي إعلامي أو مؤسسة إعلامية لإملاء تعليمات مُعينة"، مؤكداً على أنها "ستكون ضامنا أساسيا لحرية التعبير، وستدافع عنها أكثر من أي هيكل آخر، فالإعلام، بالنسبة لرئيس الحكومة خط أحمر لا يجب التدخل فيه".

وسبق لنقيب الصحفيين التونسيين، ناجي البغوري، وفي أكثر من مرّة، أن نبّه إلى بعض الممارسات التي قد تعمل على تركيع الإعلام وإعادته إلى زمن مضى.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com