التعاطف مع اللاجئين السوريين والتوظيف السياسي
التعاطف مع اللاجئين السوريين والتوظيف السياسيالتعاطف مع اللاجئين السوريين والتوظيف السياسي

التعاطف مع اللاجئين السوريين والتوظيف السياسي

أثارت صورة الطفل السوري "إيلان"، الذي مات غرقاً، وقذفته الأمواج إلى شاطئ في بلدة "بودروم" التركية، تعاطفاً دولياً مع قضية اللاجئين السوريين، وإداة النقاش مجدداً حول المسألة السورية.

غير إن التعاطف مع اللاجئين لدى ملايين البشر، وخاصة في أوروبا، فتح الباب أيضاً أمام المتاجرين، من الساسة وسواهم، بالكوارث والمآسي الإنسانية، كي يوظفوها خدمة لأهدافهم السياسية ومصالحهم الضيقة.

ولعل التوظيف السياسي للمسألة السورية التي جسدتها صورة الطفل الكردي إيلان، وقبله صورة الأجساد المختنقة في "شاحنة الموت"، التي وجدت على جانب أحد الطرق السريعة في النمسا، شكلتا الحافز لعالم السياسة، كي يتحرك حيال الوضع في سوريا، وكأن أرواح أكثر من 300 ألف سوري، لم تك كافية لتحرك مشاعرهم وتشعل ألسنتهم.

وإذا كان التحرك الدولي مطلوباً ومحموداً لإيجاد حل لقضية اللاجئين، لكن الأفضل والأجدى أن يترجم الساسة ما يقوله على الدوام حول ضرورة إيجاد حلّ سياسي للأزمة السورية إلى أفعال، لأن ذلك الحل المأمول ينهي المشكلة من أساسها.

في هذا السياق، قال الحقوقي والمعارض السوري، عمار قربي، لشبكة إرم اليوم الثلاثاء، إن"حلّ المسألة السورية، يتطلب إرادة دولية وعربية، تجبر الأسد وحلفائه على التوقف عن قتل غالببية السورية، ولا شك في أن التعاطف مع معاناة اللاجئين أمر جيد، لكن بالمقابل هناك من العديد الساسة في العالم من يتعامل معهم على طريقة ناشطي جمعيات الرفق بالحيوان، وتراهم يكثرون من الكلمات الرنانة، التي تؤثر في الإنسان، فيما الناس في الداخل يموتون، تحت البراكيل والحاويات المتفجرة، التي تقصفها بهم طائرات النظام الروسية الصنع".

وأضاف: "المطلوب من المجتمع الدولي، وخاصة الدول الفاعلة، أن تتحرك لإيجاد حلّ جذري، ينهي المشكلة من أساسها، المتمثلة بالخلاص من نظام اعتاد على قتل غالبية السوريين منذ أكثر من أربع سنوات والعالم يتفرج".

أما ممثل المجلس الوطني الكردي في الائتلاف السوري المعارض، كومان حسين، فقال: "هناك زخم في مشاعر الأسى، وجرعات إنسانية متدفقة، أثارتها مأساة الطفل "إيلان" ذي الثلاث سنوات، وقد تعالت الأصوات التي تحركت بدوافع مختلفة. وكان بارزاً موقف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، لكن هناك من من رجال السياسة من يريد توظفيه مواقفه خدمة لمصالحه الضيقة، مثل رجل الأعمال المصري، الذي طرح شراء جزيرة في إيطاليا أو اليونان لإيواء اللاجئين فيها، ومعروف أنه رئيس حزب الأحرار في مصر، وهو يحاول استغلال ما يقوله حيال اللاجئين، لكسب أصوات بعض المصريين في الانتخابات البرلمانية، المقررة في مصر بأكتوبر/ تشرين الأول المقبل.

ويذهب معظم المراقبين إلى القول بوجو تعاطف إنساني عام في أوروبا وخارجها مع قضية اللاجئين السوريين، لكنهم أيضاً يقرون بوجود توظيف سياسي لهذه القضية، بل ويذهب بعضم إلى القول أن فتح الأبواب أمام الأعداد الكبيرة للاجئين السوريين هو محاولة إفراغ سورية من مكون اجتماعي أكثري، لأن الغالبية العظمى من اللاجئين هم من نفس المكون، بالتزامن مع توطين منهجي يقوم به النظام وإيران لوافدين ومناصرين من حزب الله ومن إيران، إلى جانب عملية إفراغ واسعة لمناطق في سوريا، مثل حمص القديمة والزبداني وبلودان وغيرها، وعمليات شراء العقارات التي تقوم بها إيران في دمشق القديمة وفي حي المزة الدمشقي وغير ذلك كثير. 

وفي النهاية، بعد أن تخف المشاعر، وتهدأ النفوس، سيستمر قتل السوريين، طالما النظام السوري مدعوم ومسنود من قبل روسيا وإيران وسواهما، وستستمر مأساة السوريين، من لاجئين ونازحين، وستبقى الأطماع الخبيثة للدول، وللمتاجرين بالحروب والكوارث والمآسي الإنسانية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com