الجزائر.. شكوك حول افتعال أزمة "العربيّة" لترتيبات ما بعد بوتفليقة
الجزائر.. شكوك حول افتعال أزمة "العربيّة" لترتيبات ما بعد بوتفليقةالجزائر.. شكوك حول افتعال أزمة "العربيّة" لترتيبات ما بعد بوتفليقة

الجزائر.. شكوك حول افتعال أزمة "العربيّة" لترتيبات ما بعد بوتفليقة

في أول رد فعل له على الضجة التي سببتها وزيرة التعليم بشأن تدريس العامية بدلا عن الفصيحة، في السنوات الأولى للتعليم، أكد رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال أن الحكومة لا تنوي المساس بمكانة اللغة العربية بأي شكل من الأشكال؛ باعتبارها "مرجعيةً دستوريةً وحضاريةً وثقافيةُ".

وبدا عبد المالك سلال حريصا على التأكيد، أن هرم السلطة في البلاد تابع بــ"اهتمام" النقاش الدائر منذ أسابيع حول هوية المدرسة الجزائرية وطرائق تطوير النظام التعليمي، محذرا من أية محاولات تسييس تطال القطاع التربوي.

حكومة تحت القصف
ويُستشفّ من تصريح رئيس الوزراء أن موجة السخط العام ودخول أحزاب سياسية موالية ومعارضة على خط الرفض الشعبي والمدني لمخطط التدريس باللهجة العامية على حساب الفصحى، قد حاصرت الحكومة وجعلتها في موضع حرج بعد استهدافها بسيول من الانتقاد وصل إلى حد اتهامها بالخضوع لضغوط لوبي تغريبي مرتبط بفرنسا.

وحين تُتّهم الحكومة التي تُسير البلاد بأنها تُعرّض سيادة الجزائر إلى الخطر باعتبار اللغة العربية مقوما أساسيا في الهوية الوطنية حسب "المرجعية النوفمبرية" لثورة التحرير، فإن السلطة تتحول إلى موقع الدفاع عن النفس حتى لا تُمسُّ هيبة الدولة.

وفي السياق، دافع رئيس الوزراء عن مكانة اللغة العربية وقال إنها "مسألة تم الفصل فيها نهائيا إلى جانب اللغة الأمازيغية"، موضحا أن "برنامج الرئيس بوتفليقة واضح بالنسبة لهذا المبدأ ومهمة الحكومة هي السهر على تجسيده بما يضمن للمدرسة الجزائرية الحفاظ على كل مقوماتها".

وكانت وزيرة التعليم، نورية بن غبريط، قد أعلنت قبل أيام عن توجه الدولة للتدريس بلهجة الشارع في الطور الابتدائي، مبررة أن ذلك يساهم في "التحصيل الجيد للمعارف والمكاسب اللغوية عند التلميذ".

واستشهدت الوزيرة بإحدى التوصيات البيداغوجية المتمخضة عن مؤتمر "إصلاح التعليم" الذي نظمته وزارة التربية منتصف الشهر الفائت، لكن رئيس الوزراء عبد المالك سلال اعتبر ذلك "مجرد مقترح كغيره من المقترحات التي ستدرس بعمق وسيتم التدقيق فيها من أجل استخلاص ما هو إيجابي وإضافي لتطوير النظام التربوي".


تهليل بنصر مزعوم
و تلقّفت وسائلُ إعلام مناهضة لوزيرة التعليم، تصريحَ عبد المالك سلال لتعرب عن غبطتها بما وصفته "تخلي الحكومة عن الوزيرة" وهلّل كثيرون لتصريح رئيس الوزراء الذي "تبرّأ" من تسيير نورية بن غبريط لهذا الملف بشكل جعل الحكومة في موقف ضعف أمام أحزاب المعارضة وتنظيمات المجتمع المدني التي تعزّزت قوتها بتدخل أكبر حزبين في الموالاة وأكثرهما دعمًا لبوتفليقة (جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي).

غير أن متابعين آخرين للمشهد السياسي في البلاد، وصفوا تصريح رئيس حكومتهم بالمتوقع واعتبروا أن الأمر "مفبرك" وتمت هندسته في شكل سيناريو "سياسي" يرفع من شعبية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حين يُظهره "في ثوب المنتصر لقيم الأمة وهويتها والحامي لمقوماتها والساهر على تطبيق الدستور الذي ينص على احترام مكانة العربية كلغة رسمية ناضل لأجلها شهداء ثورة التحرير وجاهد لاستمراريتها رجال الفكر والثقافة".

وعلى هذا الأساس، يتوقع هؤلاء إجراء تغيير وزراي طفيف ينتهي بإقالة الوزيرة نورية بن غبريط من الحكومة على طريقة تنحية وزير التجارة السابق عمارة بن يونس بعد مرافعته لتحرير بيع الخمور وإلغاء مرسوم الوسم باللغة العربية على السلع المستوردة من الخارج، وظهر حينئذ بوتفليقة "منتصرا" لمطالب شعبية وسياسية ارتفعت عاليًا لإقالة الوزير العلماني الموالي للرئيس نفسه.


الخلافة
ويعتقد قطاعٌ آخر أن نتائج المعركة الدائرة رحاها في ساحة المدرسة الجزائرية، بأنها تصبّ في حساب رئيس الحكومة عبد المالك سلال دون غيره باعتباره "المرشح" الأكثر حظا لخلافة بوتفليقة؛ ما يعني أن الحاصل إمّا "ملهاةٌ" للشعب قصد إتمام ترتيبات مرحلة ما بعد الرئيس المتربع على عرش السلطة منذ ما يزيد عن 16عاما أو رفع "أسهم" رئيس وزرائه الحالي في مواجهة مدير ديوان الرئاسة أحمد أويحي الذي يرشحه كثيرون للعب دور محوري في مرحلة ما بعد بوتفليقة.

ومهما تكن النتائج والتكهنات، فإنّ صناع القرار في الجزائر يعكفون على خدمة أجندة سياسية مرتبطة أساسا بترتيبات مرحلة ما بعد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وكل الذي يجري حاليا هو التحضير لسيناريو محكم يتم إخراجه بطريقة "فنية ودقيقة" حسب الرأي الغالب الذي يُفسّر القرارت الحكومية الأخيرة في سياق إطالة عمر نظام الحكم، بغض النظر إن كان هذا الموقف صائبًا أو خائبًا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com