نور الشريف يختم قائمة الجوائز بـ"أفضل ممثل" في وهران
نور الشريف يختم قائمة الجوائز بـ"أفضل ممثل" في وهراننور الشريف يختم قائمة الجوائز بـ"أفضل ممثل" في وهران

نور الشريف يختم قائمة الجوائز بـ"أفضل ممثل" في وهران

حين عرض فيلم "بتوقيت القاهرة" في مهرجان وهران السينمائي الأخير، بدا واضحا لدى النقاد الذين تابعوا دورة المهرجان قبل نحو شهرين، وكنت واحدا منهم، أن جائزة أفضل ممثل ستكون من نصيب نور الشريف الذي رحل اليوم.

كان الجمهور الجزائري وضيوف المهرجان يملؤون القاعة في تلك المدينة الباهية وهران، وإذ أطل نور الشريف في أول مشهد خفت الضجيج وساد القاعة صمت يعبر عن مدى التقدير لممثل استقرت صورته في وجدان المشاهد العربي.

لم يكن الشريف حاضرا في الدورة بسبب وضعه الصحي، لكن الدور المميز والأخير الذي أداه في الفيلم الذي أخرجه أمير رمسيس، جدد بريق الموهبة التي تحلى بها نور الشريف طوال تجربته السينمائية.

يلعب الشريف في الفيلم دور أب متقدم في السن، يعاني فقدان الذاكرة، وهو أظهر، باتقانه لشخصية رجل متعب، يجهد في تذكر شريط العمر الحافل بالأحداث والوقائع، مهارة في تقمص شخصية الرجل المنهك الذي سئم الحياة.

اندمج الشريف مع هذا الدور الذي يجسد تراجيديا رجل يقترب من الموت، وكأن السينما، في هذه الحالة، كانت معادلا فنيا لما عليه نور الشريف الإنسان الذي كان يعاني، فعليا، لدى أداء الدور، من المرض الذي أودى بحياته بعد أشهر قليلة.

في حفل ختام المهرجان وعند إعلان اسم نور الشريف كـ"أفضل ممثل" ضجت القاعة بالتصفيق، ووقف الجمهور احتراما لهذه القامة الفنية ولمسارها "الملتزم" الذي صاغ ذاكرة السينما المصرية والعربية من "الكرنك" إلى "سواق الاوتوبيس" إلى "زمن حاتم زهران" إلى "ليلة ساخنة" إلى "المصير" إلى "ناجي العلي" إلى "دماء على الأسفلت" إلى "دم الغزال" إلى "عمارة يعقوبيان" وسواها من الأفلام التي أنارت عتمة صالات السينما لعقود طويلة.

استطاع نور الشريف بهذه الأفلام أن يقلب المفاهيم ويكسر التقاليد السائدة، فلم يكن ينحاز لأدوار الفتى الوسيم العاشق والحالم، بل تمرد على الرؤية النمطية التي تختزل التمثيل في الوسامة والملامح الجميلة التي تضمن النجاح بمقاييس شباك التذاكر.

هذا "التمرد الفني" قاده إلى للعب دور الفليسوف العربي ابن رشد مع يوسف شاهين ودور فنان الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي مع الراحل عاطف الطيب، ناهيك ‘ن أدوار "المصري الغلبان" من خلال العمل مع مخرجين ثاروا على الظلم الطبقي والاجتماعي، واعتبروا السينما فنا قادرا على تغيير المجتمعات.

بهذا المعنى، يمكن القول إن نور الشريف ساهم في إخراج السينما المصرية من مستنقع الميلودراما، والإثارة المجانية، ليقدم بديلاً متمثلاً في تلك السينما التي تطرح أسئلة من شأنها تقديم قراءة جديدة للواقع الاجتماعي والسياسي عبر تقديم نماذج مقهورة من المجتمع المصري الزاخر بالخيبات والهموم.

ومن اللافت أن اختياره لهذه الأدوار التي حظيت بتقدير النقاد، لم يبعده، في الآن ذاته، عن النجومية الجماهيرية الواسعة، وهو بذلك حقق المعادلة الصعبة التي تجمع بين النخبوي والجماهيري عبر أدوار شديدة التنوع والثراء ستعيش طويلا في الذاكرة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com