تونس.. سياسيون يدعون للمحاسبة قبل المصالحة
تونس.. سياسيون يدعون للمحاسبة قبل المصالحةتونس.. سياسيون يدعون للمحاسبة قبل المصالحة

تونس.. سياسيون يدعون للمحاسبة قبل المصالحة

قوبل مقترح الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، بالإعلان عن مشروع قانون للمصالحة، بالرفض من قبل السياسيين والحقوقيين والمنظمات الاجتماعية، مطالبين بإلغائه، وفسح المجال أمام هيئة الحقيقة والكرامة، لتقوم بإجراءات المكاشفة والمحاسبة والمصالحة، تماشياً مع ما جاء به الدستور التونسي الجديد.

وثبت مشروع القانون الأساسي تجاوزات السياسيين ورجال الأعمال في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، والمتعلق بالإجراءات الخاصة بالمصالحة في المجال الاقتصادي والمالي"، موضوع المبادرة التشريعية الصادرة عن رئاسة الجمهورية والتي صادق عليها مجلس الوزراء.

وأكد السبسي أن ثلاثة أصناف ستكون معنية بقانون المصالحة الوطنية الذي يهدف إلى طي صفحة الماضي والنظر إلى المستقبل.

ولف السبسي إلى أن المعنيين بقانون المصالحة الوطنية هم الموظفون الذين قاموا بأعمال قد تدخل تحت طائلة القانون لكنهم لم يستفيدوا منها، والمواطنون عموما بمن فيهم رجال ونساء الأعمال من الذين ربما استفادوا من العهد السابق حيث سيتم النظر في ملفاتهم على أساس إعادة الأموال و إجراء الصلح ومن ثم تبرئة ذمتهم بالرجوع عن التتبعات ومخالفات الصرف.

الرفض القطعي

وأضافت الشبكة أن: "هذا المشروع هو في الحقيقة سطو على مهام وصلاحيات هيئة الحقيقة والكرامة وهو كذلك يمثل خرقا للدستور بالنقطة 9 من الفصل 148 من الأحكام الانتقالية وفيه أيضا خرق لقانون العدالة الانتقالية، إضافة إلى تكريس مفاهيم الإفلات من العقاب وتبييض الفساد والمفسدين، وتحصين قانوني لجرائم الرشوة والفساد".

يعارض أحكام الدستور

واعتبرت هيئة الحقيقة والكرامة، مشروع القانون "إجراءات خاصة بالمصالحة في المجال الاقتصادي" وأنه: "يفرغ منظومة العدالة الانتقالية من محتواها ويؤدي إلى التخلي عن أهم آلياتها في كشف الحقيقة والمساءلة والتحكيم والمصالحة وإصلاح المؤسسات لضمان عدم التكرار، و يضمن الإفلات من العقاب لمرتكبي أفعال تتعلق بالفساد المالي وبالاعتداء على المال العام".

وأضافت الهيئة أن: "هذا المشروع وعلاوة على تعارضه مع أحكام الدستور وإهماله لقواعد النظام العام الدستوري، فإنه لا ينسجم مع التزامات الدولة التونسية في مجال مكافحة الفساد وإنفاذ القوانين الواقية منه على غرار الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد التي صادقت عليها تونس".

ولفتت إلى أن القانون يتضمن أحكاماً لا تضمن حيادية واستقلالية لجنة التحكيم المقترحة باعتبارها لجنة إدارية بحتة تخضع لتبعية ثنائية للجهاز التنفيذي من حيث التركيبة والإشراف.

وشددت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة على أن تهيئة مناخ ملائم للأعمال والاستثمار في البلاد يتطلب إطلاق إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد والتوقي منه ولا يمكن اختزاله في معالجة ملفات مخصوصة للأفراد المتورطين في الانتهاكات المالية والاعتداء على المال العام.

الإفلات من العقاب

بدوره، أكد القيادي في الحزب الجمهوري عصام الشابي، رفض المكتب التنفيذي للحزب لمشروع القانون الذي قدمه رئيس الجمهورية حول المصالحة الوطنية في المجال الاقتصادي والمالي.

وبين الشابي أن المصالحة تخرج عن التوافق الوطني العريض بخصوص مسار العدالة الانتقالية الذي تم تضمينه في الأحكام الانتقالية للدستور.

وأشار إلى أن حزبه متمسك بمسار العدالة الانتقالية ودعمه لهيئة الحقيقة والكرامة، معتبرا أن المشروع يؤدي إلى الإفلات من العقاب ويغطي على منظومة الفساد التي نهبت المال العام في حكم الإستبداد.

ضرورة إسقاط المشروع

إلى ذلك، دعت 9 جمعيات وطنية، غير حكومية، البرلمان إلى عدم المصادقة على مشروع قانون المصالحة الاقتصادية داعية إلى "ضرورة احترام مسار العدالة الانتقالية."

وأشارت الجمعيات إلى أن هذا المشروع "يتناقض تماما مع مبادئ الدستور"، مشددة على مخاوفها من أن يكرس هذا المشروع الإفلات من القانون وعودة من سرقوا ونهبوا الشعب التونسي في عهد الرئيس الأسبق.

وقال رئيس التنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية، عمر الصفراوي: "أن مثل هذه المبادرات تتعارض شكلا ومضمونا مع ما أقره الفصل 148 في الدستور ضمن الأحكام الإنتقالية، باعتبار أن الفصل المذكور ينص على أن تلتزم الدولة بتطبيق منظومة العدالة الانتقالية في جميع مجالاتها والمدة الزمنية المحددة بالتشريع المتعلق بها، ولا يقبل في هذا السياق الدفع بعدم رجعية القوانين أو بوجود عفو سابق أو بحجية اتصال القضاء أو بسقوط الجريمة أو العقاب بمرور الزمن".

انتهاز مصيبة الإرهاب

ويرى حزب التيار الديمقراطي أن السلطة بدل أن تقوم بوضع الإستراتيجية المناسبة لمكافحة الإرهاب وخاصة لرسم سبل وقاية الشباب التونسي من الانخراط في التنظيمات المتطرفة، عاد رئيس الجمهورية لانتهاز مصيبة الإرهاب داعيا لتمرير مشروع قانون أسماه المصالحة دون أن يفسر ما علاقة اقتراحه بمكافحة الإرهاب.

وأضاف بيان الحزب أن: "المصالحة وضع أسسها قانون العدالة الانتقالية، التي ألزم الدستور الدولة بتطبيق منظومتها في جميع مجالاتها، وما قانون المصالحة المزعومة إلا خرق للدستور واستبدال لهيئة الحقيقة والكرامة بهيئة خاضعة للحكومة ستكون مهمتها، ليس تسريع البت في الملفات كما قيل، وإنما إعفاء المورطين في الفساد من دفع التعويضات التي تناسب ما نهبوه من الدولة والاكتفاء بفتات".

لا لدعم المشروع

ودعا رئيس التيار الديمقراطي، محمد عبو "كل أعضاء الأحزاب المشاركة في الحكم، وخاصة مناضلي حركة النهضة التي دفعت في زمن الاستبداد آلاف المساجين وعشرات الشهداء وعانت من قهر نظام فاسد ومستبد، لدعوة أحزابكم لعدم دعم هذا المشروع وتوفير سبل تسريع عمل العدالة الانتقالية دون مساس بقانونها، وفتح ملفات الفساد وتطبيق القوانين على الجميع واحترام حقوق الإنسان"، مؤكدا أن "هذا هو السبيل الوحيد للخلاص من مظاهر التخلف الذي نعيشه".

واعتبر المرصد التونسي لاستقلال القضاء أن: "الأهداف والمضامين والآليات الواردة سواء بشرح الأسباب أو بنص المشروع المذكور لا تتوافق مع مقتضيات العدالة الانتقالية باعتبارها مسارا متكاملا من الآليات والوسائل لفهم ماضي انتهاكات حقوق الإنسان ومعالجتها بما يحقق المصالحة الوطنية فضلا عن اعتماد المشروع لمفاهيم مبهمة من قبيل العدالة التصالحية والاستناد إلى إجراءات مختصرة وغير شفافة في مسائل تتسم بالتعقيد والخطورة كالأفعال المتعلقة بالفساد المالي والاعتداء على المال العام".

ونبه رئيس المرصد، القاضي أحمد الرحموني، إلى أن الإجراءات الخاصة الواردة بالمشروع كإقرار العفو والصلح خارج الضمانات الأساسية: "من شأنها أن تؤدي إلى توسيع دائرة الفساد والمساس بثقة المواطن في الدولة والتفريط في المال العام والإضرار بالاقتصاد الوطني ومناخ الإستثمار".

وأوضح الرحموني أن تأسيس المشروع المتعلق بالمصالحة لمسار مواز للعدالة الانتقالية يتضمن إسقاطا للمراحل الضرورية لتلك العدالة وذلك من جهة كشفها لحقيقة الإنتهاكات ومساءلة المسؤولين عنها وجبر ضرر الضحايا بما يساهم في تكريس منظومة حقوق اإلنسان وهو ما يشيرا إليه الفصل 1 من القانون الأساسي عدد 53 لسنة 2013 المؤرخ في 24 ديسمبر 2013 والمتعلق بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها.

ضرورة سحب المشروع

وطالب الرحموني: "بسحب مشروع القانون المتعلق بالمصالحة والتخلي عن التوجهات الرامية إلى تهديد مسار العدالة الانتقالية والتراجع عن مشروع القانون الذي تعدّه وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية بشأن إعادة النظر في إجراءات المصادرة وإجراء الصلح بخصوص الممتلكات المشمولة بها".

 ودعا إلى "الاعتماد في معالجة الانتهاكات المتصلة بالمجال الاقتصادي والمالي على منظومة العدالة الانتقالية والأحكام الخصوصية المتعلقة سواء بنظر الدوائر القضائية في الانتهاكات الخاصة بالفساد المالي والإعتداء على المال العام أو بتعهد لجنة التحكيم والمصالحة بمطالب الصلح في ملفات الفساد المالي."

وتضمن بيان مجلس الوزراء أن مشروع القانون الأساسي المصادق عليه حول إجراءات خاصة بالمصالحة في المجالين الاقتصادي والمالي، أقر تدابير خاصة بالانتهاكات المتعلقة بالفساد المالي والاعتداء على المال العام تمثلت في إيقاف التتبع أو المحاكمة أو تنفيذ العقوبات في حق الموظفين العموميين وأشباههم إضافة إلى إمكانية إبرام صلح لفائدة كل شخص حصلت له منفعة من أفعال تتعلق بالفساد المالي والاعتداء على المال العام والعفو عن مخالفات تراتيب الصرف بهدف إنجاح مسار العدالة الانتقالية في هذا المجال واستكماله في أقرب الآجال.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com