احتقان بجنوب تونس بسبب خندق عازل على حدودها مع ليبيا
احتقان بجنوب تونس بسبب خندق عازل على حدودها مع ليبيااحتقان بجنوب تونس بسبب خندق عازل على حدودها مع ليبيا

احتقان بجنوب تونس بسبب خندق عازل على حدودها مع ليبيا

يتواصل العمل في تونس لحفر خندق عازل على طول حدودها الجنوبية مع ليبيا، وهو عبارة عن مجموعة من الخنادق والسواتر الترابية، ضمن منظومة مراقبة إلكترونية وجوية، على طول 220 كيلومتراً.

وتعيش منطقة بنقردان الحدودية (جنوب شرق) حالة احتقان في الوسط الشعبي من خلال اجتماعات شعبية وبيانات مطالبة الحكومة بالإيقاف الفوري لأشغال حفر الخندق، وصلت حدّ غلق الطريق الرابطة بين بنقردان ومنفذ رأس جدير الحدودي أمام الشاحنات التي تنقل السلع إلى ليبيا.

هذا الجدار الذي يجري تشييده، أقرّته الحكومة التونسية، من بين إجراءات عديدة، آخر شهر يونيو/ حزيران الماضي، بهدف محاصرة الإرهاب، وإيقاف نزيف التهريب، عقب العملية الإرهابية، التي أودت بحياة 39 سائحاً، وجرح 38 آخرين، في أحد النزل السياحية بمدينة سوسة الساحلية الجميلة.

القضاء على آفة التهريب

وخلال زيارته المنطقة العسكرية في مدينة بنقردان الحدودية، قال وزير الدفاع التونسي فرحات الحرشاني، إنّ: "المشروع يهدف إلى الاقتراب من الحدود مع ليبيا، فضلاً عن القضاء على آفة التهريب وخاصة الأسلحة".

وكان الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي، أقرّ في أغسطس/ آب 2013 إقامة منطقة عازلة، جنوب شرقي تونس لحماية الحدود ومنع تهريب السلاح.

ضرورة ملحّة

وأشار وزير التنمية والاستثمار، يس إبراهيم إلى أنّ تونس "تنسّق مع "مجموعة السبع" التي تضمّ كلاًّ من فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، بريطانيا، الولايات المتحدة الأميركية وكندا، للتسريع في تنفيذ مشروع الجدار الساتر الترابي بين تونس وليبيا."، معتبراً أنه "أصبح ضرورة ملحّة في ظل الخطر الإرهابي المتفاقم في ليبيا، جرّاء غياب الدولة في هذا البلد، واحتدام الصراعات الداخلية وتنامي البؤر الحاضنة للجماعات الإرهابية داخله".

وقال إبراهيم، في تصريح إعلامي، إنّ مهمة الساتر الترابي هي: "منع تسلل العربات والأفراد والمعدات والأجهزة التي لا تستطيع قوات الجيش والجمارك والحرس مراقبتها ورصدها بما يتوفر لديها من وسائل تقليدية".

خيار جيّد

اعتبر الخبير الأمني فيصل الشريف أنّ قرار الحكومة بناء جدار على الحدود التونسية الليبية "خياراً جيداً"، مؤكداً أنه "يساعد الجيش والحرس الوطنيين على المراقبة ويسهّل عليهما إعادة الانتشار بهدف سرعة التدخّل وصدّ أيّ تدخّل خارجي".

وقال الشريف في تصريح لشبكة "إرم" الإخبارية: "يهدف إقامة الجدار أو الساتر الترابي إلى مراقبة تحرّك الأشخاص والعربات على الحدود التونسية الليبية، وعلى مستوى المعبرين الحدوديين رأس جدير وذهيبة، إلى جانب التصدّي لعمليات تهريب السلع والأسلحة والمخدرات، وغيرها من الممنوعات."، مشدّداً على أنّ التنقل على الحدود بين تونس وليبيا "يحكمه مهرّبون يتاجرون في كل شيء".

معارضة

ووجد قرار حفر هذا الخندق على الحدود التونسية الليبية، معارضة من متساكني المناطق الحدودية الذين يعتمدون في كسب أرزاقهم على التهريب وتبادل مختلف السلع مع نظرائهم من الجانب الليبي عبر التجارة الموازية التي تعتبر المورد الأساسي لأهالي المدن الجنوبية التونسية القريبة من الحدود الليبية.

وعملت مجموعة من المحتجين، يوم أمس، على إجبار شاحنتين محمّلتين بالملح، متجهتين نحو الميناء التجاري بمدينة جرجيس، على إفراغه في الطريق، في حركة احتجاجية، على بناء الجدار على طول 220 كلم من الحدود التونسية الليبية، الذي يضيّق الخناق على تجارتهم البينية مع ليبيا، خارج الإطار القانوني.

واعتبر الناشط الحقوقي مصطفى عبدالكبير، من مدينة بنقردان، في تصريح خصّ به شبكة "إرم" الإخبارية، قرار حفر الخندق، برغم إيجابيته "تهديداً حقيقياً على مصادر أرزاق متساكني المناطق الحدودية".

العقل الأمني البائس

وإذا كان المسؤولون التونسيون يعتبرون أنّ هذا الجدار سيضع حدّاً للمشاكل العديدة التي تعاني منها تونس بسبب تدهور الوضع الأمني في ليبيا، فإنّ عديد السياسيين يرون غير ذلك حيث انتقد عدنان منصر، مدير ديوان الرئيس السابق، تفكير الحكومة في مثل هذا الجدار لمحاربة الإرهاب والتهريب، مشيراً إلى أنّ "بناء جدار عازل على الحدود مع ليبيا، هو آخر ما تفتّقت عنه قريحة حكومتنا العظيمة لمجابهة الإرهاب."، مضيفاً "بهذا العقل الأمني البائس الذي عفا عنه الزمن تظن حكومتنا أنه بمقدورها مواجهة الإرهاب، باعتباره سلعة مستوردة.".

وتساءل عدنان منصر، في معرض حديثه "هل من أحد يحسن القراءة في هذه الحكومة ويتابع تطورات الظاهرة الإرهابية ويحسن فهمها ليستطيع بعد ذلك مواجهتها؟."، مشدّداً على ضرورة متابعة "تطوّر الظاهرة الإرهابية وفهمها بشكل جيد لمواجهتها، والتعامل معها خارج السياقات الأمنية العقيمة.".

واعتبر منصر في تدوينة أنّ الإرهاب "منتوج محلي، يصعد إلى السطح عندما تعجز الدولة عن بيع الأمل لمواطنيها."، ومؤكداً على أنّ "الأيديولوجيا والسلوك البوليسي البائس لا يقاومان الإرهاب، بل يدعمانه ويغذيانه بمبررات جديدة كل مرة".

ويمتدّ الخندق العازل من معبر رأس جدير الحدودي بمدينة بنقردان الحدودية (جنوب شرق)، ويعتبر المنفذ الأكبر بين تونس وليبيا، حتى معبر ذهيبة/وزان بمحافظة تطاوين (جنوب شرق)، على مسافة نحو 220 كيلومتراً.

وتشترك تونس وليبيا بخط حدودي على طول نحو 500 كيلومتر، ويربطهما منفذان بريان فقط.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com