قلق أردني من تنامي النفوذ التركي في القدس والمسجد الأقصى
قلق أردني من تنامي النفوذ التركي في القدس والمسجد الأقصىقلق أردني من تنامي النفوذ التركي في القدس والمسجد الأقصى

قلق أردني من تنامي النفوذ التركي في القدس والمسجد الأقصى

صورتان أثارتا حفيظة صانع القرار الأردني، الأولى طرد رئيس المؤسسة الدينية الأردنية أحمد هليل من على منبر صلاح الدين والثانية، لرئيس الشؤون الدينية التركي محمد غورماز، وهو يعتلي المنبر ويخطب خطبة الجمعة ويتجول في ساحات المسجد الأقصى ويرفع شباب أتراك صورة العلم التركي امام قبة الصخرة المشرفة.

صورة أظهرت مدى الانزعاج الأردني من مآلات العلاقة مع القدس، لتظهر أصوات أردنية تشير إلى تخوف من بروز المنافس التركي على الولاية الدينية الهاشمية على المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وهو ما يعيد إلى أذهان صانع القرار الأردني محاولة تركيا إعادة مجدها عبر بوابة المسجد الأقصى والوصاية الهاشمية عليه.

وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية السابق الدكتور عبدالسلام العبادي يرى في الاستقبال الحافل للمسؤول التركي من قبل أهل القدس والفلسطينيين وصورة منع رئيس المؤسسة الدينية الأردنية أحمد هليل من اكمال خطبة صلاة الجمعة في الأقصى رسالة لا بد من الانتباه لها والتحذير منها.

ويتساءل العبادي الذي جلس على كرسي الوزارة الدينية أكثر من عشر سنوات، عن سبب الترحيب الفلسطيني وخاصة أهل القدس بالضيف التركي والسماح له بالخطبة وإلقاء الدرس الديني، ولا يسمح لمسؤول الشؤون الدينية للدولة التي ترعى المسجد الأقصى والقدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين بنفس القدر من الفرصة لإلقاء خطبة أو درس ديني في المسجد الأقصى.

ويعتبر وزير الأوقاف الأسبق عبد الرحيم العكور أن هذه رسالة قاسية ولا بد من التنبه لها، ومحاسبة من سعى لتقويض صورة الرعاية الهاشمية للقدس والمسجد الأقصى.

ويقول العكور لشبكة" إرم" الإخبارية أنها مفارقة غريبة أن يسمح ويسهل لأمر مسؤول الشؤون الدينية التركي التي لا تقدم بلاده دينارا واحدا لدعم صمود الأهل في القدس وللمرابطين في المسجد الأقصى لحمايته من دنس الصهاينة، بينما نرى صورة مؤذية من أهلنا في القدس لسماحة إمام الحضرة الهاشمية وقاضي القضاة أحمد هليل.

وبدا واضحا أن أنصار الحركة الإسلامية، في مختلف الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى رأسهم حزب التحرير الذي يؤمن بعودة الخلافة الإسلامية من لجديد، إضافة إلى أنصار ومؤيدي حماس، والحركة الإسلامية في مناطق الـ 48حاولوا إرساء أجواء احتفالية للخطبة التركية.

ويقول مصدر أردني متسائلا" ألم ينتبه هؤلاء من حزب التحرير وحركة حماس أن الضيف التركي وثل بلادهم عبر مطار بن غوريون، بينما وصل الوفد الأردني عبر جسر الملك الحسين، الذي هو معبر بين الأراضي الأردنية والأراضي الفلسطينية".

ويرى رئيس الوزراء الأردني الأسبق الدكتور معروف البخيت أن حادثة الاعتداء على قافلة الحرية لكسر الحصار عن غزة، واستشهاد 9 من المدنيين الأتراك، ومواقف أردوغان الحازمة، لتثير الإعجاب في العالم العربي، فاختفت كل الحساسيات والإشكالات السابقة بين تركيا والعالم العربي، فمكانة تركيا اليوم ومكانة الزعماء الأتراك مكانة عظيمة.

ويؤكد البخيت الذي كان سفيرا لبلاده في تركيا وإسرائيل" أنه يجب الا يفوتنا، أنه قبل الحادث الأخير، وتزامناً مع توجه الحكومة التركية الحالية للعالم العربي، فقد شنت تركيا حملة ثقافية موجهة للعالم العربي من خلال المسلسلات الدرامية التركية التي تهدف الى التعريف بتركيا، إضافة إلى إطلاق محطة تلفزيونية رسمية تركية ناطقة باللغة العربية.

أما عربياً حسب البخيت فقد جاءت أغلب التقديرات لسبب التحرك التركي لتركز على فرضيتين: الأولى وجود مشاعر إسلامية لدى الحكومة التركية تدفعها لنصرة قضايا المسلمين، والثانية تطرح نظرية المؤامرة، بوجود طموحات للقادة الأتراك (العثمانيون الجدد) للعب دور إقليمي في العالم العربي والاسلامي رداً على الاتحاد الاوروبي الذي يرفض انضمام تركيا.

يظهر أن رئيس الشؤون الدينية التركي، أخذ مساحة من إعادة الاعتبار لهذا المنصب منذ سقوط الخلافة التركية" العثمانية"، حيث بدأ رئيس الدولة التركية الطامح رجب طيب أردوغان بإعادة الألق لهذا المنصب، من خلال حديثه الواضح" أن منصب رئاسة الشئون الدينية ليس منصباً عادياً بل هو مقام رفيع لا يقل منزلة عن مكانة "البابا" الذي يستقل السيارات الفارهة والعربات المصفحة"، ويستطرد أردوغان في تقديم الرعاية لهذا المنصب بقوله في تصريحات للصحافة التركية" سيخصص طائرة خاصة لرئاسة الشئون الدينية بعد التشاور مع رئاسة الوزراء".

الأردن الرسمي طرح سؤالا كبيرا، برسم الإجابة حتى اللحظة عند أهل القدس، لماذا يتم استقبال من لا يساندكم ويدعمكم، استقبال الأبطال والفاتحين، بينما نرى تصرفا غير مقبول بحق كبير الرئاسة الدينية الأردني في القدس؟

وبالعودة إلى التاريخ، فإنه لم يسبق لوزير تركي أن قام بزيارة إلى القدس وصلى فيها إماما وخطيبا، في المسجد الأقصى، فكانت زيارة غورماز هي الأولى من نوعها في تاريخ الجمهورية التركية، وسابقة لمثل هذا الموقع البارز في تركيا، ان قام بزيارة رسمية إلى القدس، وألقى فيها خطبة.

غورماز تطرق في خطبنه إلى المصاعب التي عاشتها وتعيشها القدس منذ احتلالها خلال الحرب العالمية الأولى وعقب سيطرة اليهود عليها عام 1967، وأشار إلى أن القدس قد شهدت العدل والأمان في ظل الدول الإسلامية المتعاقبة التي كفلت لغير المسلمين أداء عبادتهم بحرية وضمنت لجميع الطوائف الأمن والازدهار، في لإشارة منه إلى دولة الخلافة العثمانية.

دولة أردوغان تقوم بعمل استراتيجي وممنهج في القدس ومختلف أراضي الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، فتسعى لنشر الثقافة التركية، من خلال تعليم اللغة التركية في القدس وسائر مناطق الضفة الغربية.

وبحسب معلومات أردنية رسمية فقد تم في الأسابيع والأشهر الأخيرة افتتاح مزيد من المدارس بدعم تركي في احتفالات رسمية، شارك فيها أردوغان بنفسه عبر نظام الفيديو كونفرنس (مؤتمر ينقل بالفيديو).

ومن بين هذه المدارس: مدرسة الخليل التركية، مدرسة الصداقة التركية في جنين، مدرسة البيرة التركية للبنات، والمدرسة الفاطمية في نابلس.

وقد أعلن نائب رئيس الوزراء التركي السابق، في أحد هذه الاحتفالات، عن خطة تركية لتعليم اللغة التركية في 32 مدرسة في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة؛ في خطوة واضحة من قبل الحكومة التركية لتعزيز الحضور التركي لدى الفلسطينيين،

وبحسب المعلومات الأردنية التي يتم رصدها للحراك التركي في القدس والضفة الغربية، فأن الدعم التركي الثقافي هو جزء من توجّه سياسي تركي أكبر لتعزيز دور تركيا في القدس والمناطق الفلسطينية.

الحلم التركي بفتح بوابة له في القدس، بدأ بنشاطات ثقافية، واستمالة بعض القوى الاجتماعية والسياسية والعشائرية في القدس، خاصة مع بعض كبار العائلات المقدسية مثل عائلة الحسيني.

النشاط التركي في القدس والمسجد الأقصى على وجه التحديد، يضعه الأردن تحت المجهر، ويراقبه جيدا، لأن هناك قناعة أردنية بحسب مصادر سياسية رفيعة المستوى" تركيا تحاول إعادة مجدها ومجد السلطان العثماني يعبر بوابة القدس بعدما فشلت في السيطرة على الأزهر الشريف أيام الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي".

التخوف الأردني يؤكد أن لتركيا أطماع دينية على الساحة العربية لقيادة المحور السني، خاصة بعد التمدد السعودي إثر تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لمقاليد الحكم في السعودية.

وتعتبر وكالة التعاون والتنسيق التركية" تيكا"، هي بوابة العمل التركي على الأراضي الفلسطينية سواء في الضفة الغربية أو القدس او قطاع غزة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com