رايتس ووتش: حكومة الثني تتغاضى عن التعذيب والاحتجاز التعسفي
رايتس ووتش: حكومة الثني تتغاضى عن التعذيب والاحتجاز التعسفيرايتس ووتش: حكومة الثني تتغاضى عن التعذيب والاحتجاز التعسفي

رايتس ووتش: حكومة الثني تتغاضى عن التعذيب والاحتجاز التعسفي

اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش، الحكومة الليبية المعترف بها دولياً، والقوات الأمنية المتحالفة معها والتابعة لها، بالمسؤولية عن تفشي الاحتجاز التعسفي ، والتعذيب للمحتجزين في سجون شرق ليبيا، ما يجعل الحكومة ومسؤولي مقرات الاحتجاز التابعة لها ، في دائرة الاتهام لحقوق الانسان .

وبحسب تقرير جديد للمنظمة الحقوقية، تلقت "إرم" نسخة منه ، فإن غياب سلطة حكومية مركزية أدى إلى تعطيل واسع النطاق للقانون والنظام، وانهيار فعلي لنظام العدالة، نتجت عنه عمليات احتجاز تعسفي وموت تحت التعذيب، واعتقال دون توجيه تهم رسمية .

روايات عن التعذيب

وتؤكد هيومن رايتس ووتش، أنها تمكنت  بين شهري يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان 2015 ، من وصول نادر بنوعه إلى مقرات الاحتجاز في البيضاء وبنغازي، التي يسيطر عليها الجيش الليبي ووزارتا العدل والداخلية، وأجرت مقابلات فردية مع 73 من المحتجزين دون حضور الحراس.

وقال كثير من المحتجزين، إن المحققين أرغموهم تحت التعذيب على "الاعتراف" بجرائم خطيرة ، كما أنهم وصفوا انتهاكات أخرى تشمل غياب الإجراءات السليمة والرعاية الطبية، والحرمان من الزيارات العائلية، وعدم إخطار العائلات باحتجازهم، ورداءة ظروف الاحتجاز ، بل وجاء من بين المحتجزين أطفالاً دون سن الثامنة عشرة.

وقد أجرت المنظمة ، مقابلات مع مجموعة مكونة من 13 رجلاً في سجن الكويفية، اعتقلوا بتهمة التورط مع مليشيات متطرفة مثل أنصار الشريعة، إما مباشرة أو بطرق غير مباشر بسبب تورط أحد أقاربهم ، وقد تم نقل معظمهم بين عدد من وحدات الاستجواب العسكرية في بنغازي وحولها، وكانوا ضمن مجموعة من 34 رجلاً تم نقلهم من سجن برسس في 4 أبريل/نيسان ، ولم يوجه الاتهام الرسمي إلى واحد منهم.

واضافت رايتس ووتش، أن رجلا خمسينيا و أب لثمانية أبناء، اعتقل في منزله قبل 7 أشهر، روي ظروف اعتقاله "تم اعتقالي وأخذي إلى مقر توكرة لأن جاري اتهم ابني الذي يبلغ من العمر 15 عاماً بالانتماء إلى أنصار الشريعة، وابني الآن متوفى، وفي توكرة اضطررت للرقاد على فراش معدني بينما شرع أربعة أشخاص في ضربي بأنبوب بلاستيكي حتى انكسر الفراش. وعندما فقدت الوعي صبوا الماء فوقي". وتابع " قضيت 11 يوماً في زنزانة فردية بدون طعام ، فلم يعطوني سوى التمر والماء غير الصالح للشرب ... ، كنت معصوب العينين حينما أخذوا بصمتي على وثيقة ما" .

ويروي محتجز بسجن قرنادة ، ملابسات اعتقاله ، قائلاً "اعتقلت من منزلي في 27 ديسمبر/كانون الأول 2014، وتعرضت للضرب المبرح والتعذيب بأيدي أفراد الكتيبة 21 التابعة للجيش ، الذين اتهموني بالانتماء إلى الإخوان المسلمين، كانوا يضربونني على وجهي ويبقونني في الحبس الانفرادي، كما لم يعرض عليّ أحد توكيل محام، ولا توجد تهم بحقي حتى الآن" .

كما نقلت هيومن رايتس ووتش ، شهادة محتجز بسجن الكويفية - القسم العسكري ، حيث أكد أنه تعرض لضرب مبرح بيد أحد الحراس، وساقه اليسرى فوق الركبة مباشرة، وكتفه الأيسر وظهره، قبل بدء الاستجواب، ويؤكد المحتجز "ضربت بأنبوب  بلاستيكي على رأسي، وما زالت الآثار ظاهرة " .

تحذير.. ووعيد

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، بالتعليق على هذه الممارسات ، " يجب على الحكومة والقادة العسكريين ومديري السجون، المبادرة فوراً إلى الإعلان عن سياسة عدم التسامح مع التعذيب، ومحاسبة أي شخص ينتهك حقوق المحتجزين، ينبغي لهم أن يدركوا أنهم يواجهون خطر التحقيق والملاحقة الدولية ، إذا لم يضعوا حداً للتعذيب بأيدي القوات الخاضعة لقيادتهم" .

وتضيف وتسن ، "لقد أخفق أعضاء مجلس الأمن في التصدي للجرائم الخطيرة المتفشية في ليبيا، فمنحوا صكاً على بياض للمزيد من الانتهاكات، وعليهم إرسال رسالة واضحة إلى جميع الأطراف، تفيد بأن مرتكبي التعذيب أو غيره من الجرائم الخطيرة، لن يفلتوا من العدالة وسوف يحاسبون دولياً".

وطالبت هيومن رايتس ووتش مؤخراً، بدعوة مكتب الأمم المتحدة للمفوض السامي لشؤون حقوق الإنسان، بتسريع نشر بعثة تحقيق أقرها مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في مارس/آذار 2015 ، وكلفها بالتحقيق في الجرائم الخطيرة في ليبيا منذ 2014 ، وضمان قيامها بالنظر في أنماط الاحتجاز التعسفي والتعذيب ، وغيره من ضروب المعاملة السيئة في مقرات الاحتجاز الليبية .

الموت تحت التعذيب

تؤكد هيومن رايتس ووتش ، بأنها تمكنت من رصد روايات للموت جراء التعذيب، لكنها لم تتأكد من مصادر مستقلة لتلك الوفيات.

وتشير المنظمة، بأنها تمكنت من مقابلة كافة المحتجزين على انفراد ، بدون حضور الحراس. ووافق المحتجزون على نشر المعلومات "المستمدة منهم"، إلا أنها قررت ألا تنشر أسماء المحتجزين ، لمنع الانتقام منهم .

وقال اثنان من المحتجزين بالقسم العسكري في سجن الكويفية إن رامي كمال الفيتوري، وهو رجل عمره 30 عاماً من قار يونس، توفي جراء التعذيب بإدارة المباحث الجنائية في بنغازي نهاية مارس/آذار الماضي، وإن عائلته جاءت لتسلم الجثمان.

وقال المحتجزان الاثنان، "الفيتوري كان متهماً بالانتماء إلى قوات درع ليبيا" ، وهو الجهاز الذي انضم إلى جماعة أنصار الشريعة فيما بعد .

وقال محتجز آخر ممن أجريت معهم المقابلات بسجن الكويفية ، إنه أثناء احتجازه بسجن برسس توفي أحد المحتجزين هناك ، وهو سعد بن حميد، بعد تعذيبه وتركه في زنزانة فردية.

ولم يتذكر المحتجز تاريخ الواقعة، لكنه أضاف أن محتجزاً آخر في برسس انتحر شنقاً بعد تعذيبه ، إلا أنه لا يعرف اسم الرجل ولم يستطع تذكر توقيت الواقعة .

عمليات الاعتقال والاحتجاز "تعسفية"

يؤكد التقرير، أن جميع المحتجزين الذين أجريت معهم المقابلات في سجون عسكرية ومدنية في بنغازي والبيضاء ، عدا ثلاثة يقضون أحكاما مفروضة من قبل فبراير/شباط 2014 ، إن السلطات لم توجه إليهم أية اتهامات رسمية ، وإنهم لم يتواصلوا مع مستشارين قانونيين ، وإنهم لم يعرضوا على قضاة ، ولم يجدوا سبيلاً أو فرصة للطعن القانوني على قرارات احتجازهم.

وقال المقدم محمد الثني، المدير المكلف لسجن الكويفية، لـ هيومن رايتس ووتش أثناء اجتماع في 16 أبريل/نيسان ،" القضية الأكثر أهمية هي إعادة تفعيل ملاحقات النيابة والقضاء ، فربما يفرج عن نصف المحتجزين إذا حدث هذا ، لدينا قضايا لأشخاص محتجزين لشرب الخمر، وعقوبته القصوى هي السجن لمدة 6 أشهر، ومع ذلك فقد امتد احتجازهم لما يفوق السنة ، بسبب عدم وجود محاكم فاعلة".

شاهد من أهلها

من جهته، قال العقيد صالح العبدلي مدير الشرطة القضائية في بنغازي، وهي الجهة المسؤولة عن إدارة السجون تحت إشراف وزارة العدل، وعن توفير الأمن في المحاكم، قال لـ هيومن رايتس ووتش ، " لقد علقت نيابة بنغازي العامة أعمالها في فبراير/شباط 2014، ولم تعد للعمل حتى الآن ، وأي معتقل بعد ذلك التاريخ لم يشهد ملاحقة نظامية ".

بدروها، تؤكد سحر بانون وكيلة وزير العدل لشؤون حقوق الانسان في الحكومة الليبية ، بإن " نظام العدالة الجنائية في شرق ليبيا قد انهار ، حيث لا توجد محاكم جنايات عاملة ، وإن المحامي العام ببنغازي أمر بتعيين لجنة من أفراد النيابة لتصنيف قضايا المحتجزين " .

فرج الجويفي، رئيس النيابة العسكرية في البيضاء، يشدد على إن العاملين معه ما زالوا يجرون التحقيقات ، وإن محكمة البيضاء العسكرية ما زالت تعمل بقاض واحد. لكن الجويفي، أكد توقف محكمة بنغازي العسكرية عن العمل.

وتؤكد هيومن رايتس ووتش في ختام تقريرها ، بأن ليبيا طرف في معاهدات دولية وإقليمية ، تترتب عليها التزامات قانونية تتعلق بمعاملة المحتجزين ، فالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، يقرر ضرورة عرض أي محتجز على وجه السرعة،  على قاض أو موظف له صلاحية قضائية.

وتعمل اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ، على إلزام ليبيا بالتحقيق مع المسؤولين عن التعذيب على أراضيها وملاحقتهم .

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com