وكالة: غارة جوية إسرائيلية استهدفت 3 سيارات محملة بمواد طبية وإغاثية في حمص
قال محللون سياسيون إن الصفقة التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية للتوصل لاتفاق بين حماس وإسرائيل وتتضمن نشر قوات حفظ سلام في قطاع غزة، لن تلقى قبولاً من كلا الطرفين اللذين يتمسكان بشروطهما حول الهدنة.
يأتي ذلك بعد إعلان المتحدثة بالإنابة باسم وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون) أن الولايات المتحدة تعمل من كثب مع الحلفاء والشركاء من أجل التوصل إلى صفقة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة تتضمن نشر قوات لحفظ السلام، دون مشاركة قوات عسكرية أمريكية.
أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية أيمن البراسنة قال إن الاقتراح الأمريكي لن يكون مقبولا من حماس أو إسرائيل، فالجانبان يتمسكان بمواقفهما وشروطهما للهدنة.
وأشار أيضا إلى ما يتنامى من مطالب وقناعة لدى مراكز القرار الإسرائيلية بمواصلة الحرب، بعد أن طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو من المؤسسة الأمنية صياغة إجراءات الرد على مقتل الرهائن الستة مؤخراً.
وأضاف البراسنة لـ "إرم نيوز": "رغم التفاؤل الذي حاولت الولايات المتحدة الحفاظ عليه للتوصل لاتفاق، فإن نتنياهو حاول التقليل بشكل علني من شأن التقدم في المفاوضات، كما تسود رؤية تشاؤمية حسب ما تنشره وسائل الإعلام الإسرائيلية حول إمكانية التوصل لاتفاق خلال الأيام القليلة القادمة".
وتابع البراسنة بالقول: "تأتي الصفقة الأمريكية في ظل اتساع الفجوة بين حماس وإسرائيل، حيث توجد عدة قضايا عالقة بين الطرفين، مثل الانسحاب من الأماكن المكتظة على محور فيلادلفيا وعدد الأسرى الفلسطينيين الممكن الإفراج عنهم، وكذلك عدد المحتجزين الإسرائيليين المطلوب الإفراج عنهم".
ويرى البراسنة أن هناك "تناقضا واضحا" بين تصريحات الإدارة الأمريكية وتصريحات الحكومة الإسرائيلية.
وأوضح بالقول "تؤكد الولايات المتحدة أنه تم التوصل إلى 90% من الاتفاق وأن هناك قضيتين فقط عالقتين أمام المفاوضات، هما الانسحاب من محور فيلادلفيا وعدد الأسرى والمحتجزين الذين سيتم الإفراج عنهم بين الطرفين، بينما يقول نتنياهو إن التوصل إلى اتفاق لا يزال بعيدًا ويتمسك ببقاء الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا".
وزاد البراسنة بالقول: "نحن أمام مشهد لا يقود إلى توصل قريب للهدنة، حيث يرى نتنياهو أن تحقيق أهداف الحرب في غزة يمر عبر محور فيلادلفيا، وأن الجيش لن ينسحب منه على الإطلاق. وفي المقابل، تصر حماس على انسحاب الجيش الإسرائيلي بشكل كامل من قطاع غزة".
وعليه، يقول البراسنة إن "المطلوب وفق حماس ليس مقترحا جديدا، بل إلزام نتنياهو بما وافقت عليه الحركة سابقاً، إلا أن نتنياهو ما زال يصر على مواصلة الحرب وعدم الانسحاب من محوري نتساريم وفيلادلفيا وسط وجنوبي القطاع".
وأكد "بالمقابل تتمسك حماس بإنهاء الحرب وعودة النازحين والانسحاب الإسرائيلي من كامل القطاع".
من جهته يقول الباحث في الشؤون السياسية بلال العضايلة إن الإدارة الأمريكية من خلال مبادرتها الأخيرة "كأنها تقول لحماس: خذيها أو اتركيها، وهي تعلم أن حماس لن توافق على بقاء سيطرة إسرائيل على محور فيلادلفيا".
وأضاف العضايلة لـ "إرم نيوز": "ما يجري الحديث عنه أمريكياً هو وجود قوات فلسطينية مدربة من الولايات المتحدة الأمريكية، أو قوات دولية وليس قوات حفظ سلام، لأن الأخيرة تأتي لفرض وقف إطلاق النار وفض الاشتباك ومراقبة الامتثال لوقف إطلاق النار، وهو ما يستلزم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي".
وأكد العضايلة أهمية مناقشة وجود آلية مراقبة موثوقة ذات صفة ملزمة لفرض تطبيق شامل لما قد يُتفق عليه.
وقال إن "نتنياهو المشحون بتعقيدات السياسة المحلية لا يزال يجد المخارج للتهرب من التوصل لاتفاق، وقد يجد مخارج للتنصل من تنفيذه لاحقا، لا سيما أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية قد تأتي بحليفه ترامب على بعد بضعة أسابيع".
ووفق العضايلة، فإن هناك قضايا أخرى لا تقل جدلية، كوجهة إقامة الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم، والترتيبات الإدارية للحكم المدني، وإدخال المساعدات، وإعادة الإعمار في غزة.
وأوضح "هنا تبرز تساؤلات مثل: هل ستنفرد حماس في تسيير مختلف الشؤون في القطاع، أم سيكون للسلطة الوطنية دور في ذلك؟".
وأشار العضايلة إلى أن "الاتفاق لم ينضج بعد، وفي الصورة الحالية فإن المرحلة الأولى لا تتضمن انسحابا إسرائيليا من محور فيلادلفيا، على أن يتم التفاوض حوله بعد انتهاء المرحلة الأولى، وهو أمر ينطوي على خطورة انهيار التنفيذ المستدام للصفقة".
وأكد أن "المصلحة الأمنية والسياسية للإقليم تقتضي الاتفاق على كل تفاصيل مراحل الاتفاق وعدم تأجيل أي من القضايا الإشكالية، حتى لا يقتصر الأمر على مرحلة واحدة تتجدد بعدها العمليات الإسرائيلية في القطاع".
الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية محمد الشياب يرى أن فكرة إرسال قوات حفظ سلام قد تلقى رواجا وقبولا عند الجانب الإسرائيلي لعدة اعتبارات من بينها ضمان حالة من الاستقرار جنوبها، وتجنب المزيد من الخسائر المادية والبشرية.
وفي المقابل قال الشياب لـ "إرم نيوز" إن "حماس ربما ترى أن الحديث عن قوات حفظ سلام قد يكون مقدمة لمحاصرتها والحد من نشاطاتها العسكرية، وأن وجودها يُمكّن إسرائيل من إعادة التموضع الاستراتيجي وبناء خطط جديدة لمواجهتها".
ووفق الشياب، فإن حماس يُمكن أن ترفض الصفقة التي لا تحقق الحد الأدنى من مطالبها، ومن ثم فإن على الطرف الأمريكي استيعاب مطالب الطرف الأكثر تضررا خصوصا في الجانب الإنساني، وأن تقدم الولايات المتحدة عرضا يمكن قبوله، ويتم البناء عليه من أجل الإسهام في وقف الحرب وتداعياتها.