بدء حركة إعمار "خجولة" في قطاع غزة‎
بدء حركة إعمار "خجولة" في قطاع غزة‎بدء حركة إعمار "خجولة" في قطاع غزة‎

بدء حركة إعمار "خجولة" في قطاع غزة‎

غزة- عادت عجلة الإعمار لتدور ببطء في قطاع غزة بعد توقف تام دام أكثر من 7 أشهر منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع صيف العام الماضي.

وبدأت مشاهد حركة البناء ترتسم في المدينة المحاصرة، في محاولة للتخفيف من "أزمة الإسكان" التي تعصف بالغزيين منذ نزوح عشرات الآلاف منهم عقب تدمير نحو 28 ألف وحدة سكنية بفعل هجمات الجيش الإسرائيلي الجوية والبرية خلال الحرب الأخيرة.

وكان لتحديد وزارة الاقتصاد في قطاع غزة أسعار الإسمنت دورا مهما في تشجيع حركة الإعمار.

وأعلنت وزارة الاقتصاد في غزة في شهر مارس/ آذار الماضي عن تحديد سعر طن "الإسمنت" للمستهلك بقيمة (1000 شيقل) (ما يعادل 250 دولارا أمريكيا).


وقالت الوزارة في تصريح صحفي إنه تم "التوافق مع التجار في غزة على تحديد سعر الإسمنت لوضع حد للتجار الذين يستغلون حاجة الفلسطينيين للإسمنت ويبيعونه بأسعار باهظة قد تصل إلى أكثر من 3000 شيقل (قرابة 750 دولارا أمريكيا) للطن الواحد".


وفي أحد أزقة مدينة غزة، انشغل الفلسطيني تحسين أبو القمبز في توجيه 3 من عماله انهمكوا في تشييد سقف أحد المنازل.


ويقول تحسين أبو القمبز، مقاول بناء فلسطيني، لـ"الأناضول" إن "ما ألحقته الحرب الأخيرة من دمار في قطاع غزة فاقم من أزمة السكن بشكل غير مسبوق، ما أدى إلى ارتفاع إيجارات المنازل وهذا كله دفع الناس للتوجه لبناء منازل جديدة".

ويعاني القطاع (360 كلم2) من كثافة سكانية هي الأعلى في العالم بسكانه البالغ عددهم أكثر من 1.8 مليون نسمة.


ويرى أبو القمبز أن تحديد وزارة الاقتصاد لأسعار الإسمنت كان من أهم ما دفع الفلسطينيين في قطاع غزة لاستغلال الفرصة وبناء منازلهم.

ويضيف البناء الفلسطيني، بينما كان يوجه عماله لتجهيز كميات جديدة من الخرسانة، أن "سعر طن الإسمنت وصل بعد الحرب الأخيرة إلى أكثر من 3000 شيقل إسرائيلي فكان من المستحيل أن يقدم أحد على بناء منزله، ولكن عندما حددته وزارة الاقتصاد بـ1000 شيقل بات السعر مناسبا نوعا ما، وبدأت تتحرك عجلة الإعمار ببطء".

وعلى مقعد خشبي صغير كان الفلسطيني مأمون حسونة (50 عاما) يجلس شارد الذهن ويراقب أعمال البناء في منزله الجديد المكون من ثلاثة طوابق.


ويقول حسونة لوكالة الأناضول: "قررت بناء منزل جديد لأسكن فيه مع أبنائي الثلاثة بدلا من الشقق السكنية المستأجرة التي نعيش فيها منذ عدة أعوام، ولا أجد فرصة أفضل من هذه للبناء فأسعار الإسمنت انخفضت نسبيا عما كانت عليه بعد الحرب".

ويضيف حسونة: "أوضاعنا الاقتصادية سيئة للغاية فأبنائي يملكون متجرا صغيرا لبيع الملابس المستوردة وأسواق قطاع غزة تعاني من ركود كبير منذ انتهاء الحرب صيف العام الماضي بسبب ارتفاع مستوى الفقر والبطالة لذلك فضلنا بناء منزل جديد، بدلا من الاستمرار في دفع إيجارات لمنازلنا يزيد مجموعها عن 1000 دولار شهريا".


ويعاني 30 % من سكان القطاع والبالغ عددهم 1.7 مليون نسمة من البطالة، فيما تسجل نسبة الفقر بحسب جهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني 40%.

ويوضح أن بناء منزله المكون من 3 طوابق سيكلفه نحو 60 ألف دولار يملك منها هو وأبناؤه 50 ألفا، وسيدفع المبلغ المتبقي على أقساط شهرية.

وقبل ارتفاع أسعار مواد البناء والأسمنت بشكل خاص كان بناء الطابق الواحد لا تزيد تكلفته عن 12 ألف دولار، حيث كان سعر طن الأسمنت 500 شيقل (125 دولارا) فقط.

ويخشى حسونة أن تزداد الأوضاع السياسية في غزة سوءا، وتزيد إسرائيل من تشديد حصارها وتمنع توريد مواد البناء بشكل كلي، فلا يتمكن بعد ذلك من بناء منزله.


من جانبه، يؤكد تاجر مواد البناء الفلسطيني، سلمان فليفل، أن بيع الإسمنت ومواد البناء شهد حركة نشطة خلال الأسابيع الماضية بعد تحديد وزارة الاقتصاد لأسعاره.

ويقول فليفل للأناضول: "بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة كان من النادر جدا أن يشتري أحد كميات كبيرة من الأسمنت لبناء منزله بسبب ارتفاع أسعاره بشكل جنوني، ولكن سماح إسرائيل بتوريد مواد بناء لأصحاب المنازل التي دمرت خلال الحرب وبيع هذه المواد في السوق السوداء أدى لانخفاض أسعارها ما أدى لتحريك عجلة البناء".


ويوضح أن الإسمنت المتوفر في السوق السوداء في غزة، يحصل عليه التجار من أصحاب البيوت المدمرة الذين يحصلون عليه بدورهم من وزارة الأشغال العامة والإسكان وفقا لآلية إعمار غزة التي وضعتها الأمم المتحدة بالتوافق مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

ويشير إلى أن التجار يشترون طن الإسمنت من أصحاب المنازل المدمرة بأسعار تتراوح من 700 إلى 900 شيقل، ويبيعونه بـ1000 إلى 1200 شيقل. (الدولار يعادل 3.9 شيقل).

وسمحت إسرائيل في الرابع عشر من شهر أكتوبر/تشرين أول الماضي، بإدخال مواد بناء إلى قطاع غزة، واستأنفت توريدها على فترات متباعدة خلال الأشهر الماضية، وفق آلية وضعتها منظمة الأمم المتحدة، بالتوافق مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

وبدأت وزارة الأشغال العامة والإسكان في حكومة التوافق الوطني الفلسطينية، في 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بتوزيع كميات من الإسمنت اللازم لإعادة إعمار المنازل المدمرة خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وكانت الإذاعة الإسرائيلية العامة قد قالت في 26 إبريل/ نيسان الماضي إن كمية الإسمنت التي دخلت من إسرائيل إلى قطاع غزة، خلال الأشهر التي أعقبت الحرب على القطاع، وحتى منتصف أبريل الجاري بلغت نحو 130 ألف طن.

وأضافت الإذاعة أن هذه الكمية من الاسمنت، دخلت إلى غزة تحت مراقبة إسرائيلية، وبعدها مراقبة من قبل طواقم الأمم المتحدة.

ويلفت التاجر الفلسطيني فليفل إلى أن المصدر الثانوي للأسمنت ومواد البناء في غزة هو كميات قليلة كانت مخزنة قبل الحرب الإسرائيلية الأخيرة.

ويتوقع أن تنخفض أسعار الأسمنت بشكل أكبر في حال زادت السلطات الإسرائيلية من الكميات التي توردها للقطاع.


وشنت إسرائيل في 7 يوليو/ تموز الماضي حرباً على قطاع غزة، استمرت 51 يوماً، وتسببت في مقتل نحو ألفي فلسطيني، وإصابة أكثر من 11 ألفاً آخرين، بحسب مصادر طبية فلسطينية، فضلاً عن تدمير 28366 وحدة سكنية، وفق إحصاءات لوزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.

يذكر أن قطاع غزة يحتاج إلى أكثر من 2 مليون طن من الاسمنت لإعادة الإعمار خلال العامين والنصف القادمين، بحسب دراسة صادرة عن الشركة الفلسطينية للخدمات التجارية، (أكبر شركة شبه حكومية حاصلة على امتياز استيراد الاسمنت من إسرائيل).

وقال وزير الأشغال العامة والإسكان في حكومة التوافق الوطني الفلسطينية مفيد الحساينة، خلال وقت سابق من الشهر الماضي، إن قطاع غزة في الوقت الحالي يحتاج إلى ما بين 5 إلى 8 آلاف طن إسمنت يومياً، حتى تسير عملية إعادة إعمار غزة بشكل طبيعي، لكن ذلك لم يتم تحقيقه بعد 9 شهور من الحرب على قطاع غزة.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com