صراع نحو قصر المرادية
صراع نحو قصر المراديةصراع نحو قصر المرادية

صراع نحو قصر المرادية

تفكك الخطاب السياسي بين المرشحين يثير استياء الجزائريين

وسط تشرذم للخطاب السياسي بين المرشحين الستة لرئاسة الجزائر، واستياء الجزائريين من الأوضاع التي أصبحوا يعيشونها والتي تنوعت بين الاجتماعية والاقتصادية والتي جعلت الأقطاب السياسية تتحرك من أجل خلق وعود لتحسين ظروفهم، اتضح أن الهوة اتسعت بين الطبقات السياسية التي قررت خوض الاستحقاق الرئاسي والمواطن الجزائري نتيجة تجارب عايشها هذا الأخير في الانتخابات الماضية حيث أصبح يعتبر أن الوعود الكاذبة ارتبطت بمن يريد الوصول إلى قصر المرادية.



انتخابات على وقع الاحتجاجات

وتعيش الجزائر أسابيع غير عادية، حيث أصبحت الاحتجاجات السمة البارزة في الشارع حيث تنوعت مصادر الاحتجاجات فمنهم من اتجه إلى الجانب الاجتماعي مطالبا بإيجاد حلول للمشاكل التي يعيشها على غرار البطالة المتفشية في عهدة بوتفليقة أو صيغة العمل حيث تظاهر العشرات الأحد في العاصمة للنظر في قضية إدماجهم في مناصب مرسمة ومثبتة بدلا من نظام العقود متهمين الحكومة الجزائرية بالتقاعس بشأن هذا الملف.

والشيء الأبرز أن الاحتجاجات لم تعد تخص فئة معينة ولا منطقة معينة وهو ما ظهر في انتفاض سكان الجنوب الجزائري ضد النظام حيث شهدت عدة محافظات مجموعة من المظاهرات على غرار ورقلة حيث أكد المشاركون فيها بأن"المدينة تنعم بموارد طبيعية جمة على غرار البترول ولكن الحكومة تكرمت على شبان المنطقة بمنحهم شهادة البطالة في ظل تواجد أجنبي قوي وهو ما جعلنا نخرج للشارع من أجل الاحتجاج والمطالبة بحقوقنا".

ولدى حديث الكثير من الشباب لـ"ارم" اتضح أن الأغلبية أصبحت تعي بأن السياسيين أصبحوا لا يعرفون الشباب إلا في فترة الحملة الانتخابية وأثناء فوزهم ترمى الوعود إلى الوادي على حد تعبيرهم، ومن الاحتجاجات ما تعلقت أيضا بالعهدة الرابعة حيث تشكلت كتل سياسية وحركات مناوئة لترشح بوتفليقة لعهدة جديدة في ظل الظروف الصحية التي كانت محل جدل بين المحللين السياسيين منها حركتي" بركات ورفض".

موقف المعارضة

وقبل أيام تفصلنا عن انتخابات الرئاسة في الجزائر تحدثت المعارضة الجزائرية المكونة من أحزاب وشخصيات يتقدمها رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور، رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية محسن بلعباس، رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، رئيس جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله و رئيس حزب جيل جديد جيلالي سفيان عن الوضع السياسي في الجزائري حيث اجتمعت الشخصيات وأكدت مرة أخرى بأن التزوير سيكون حاضرا في انتخابات الرئاسة وأن الجزائريين لا يأبهون بهذه الانتخابات كونهم "لن يلدغوا من الجحر مرتين" وأن نفس سيناريو هذه الانتخابات تكرر مع الجزائريين في الانتخابات الماضية دون تحسن أوضاعهم بل بالعكس ازدادت سوءا في ظل وجود مافيا تنهب خيرات البلاد على حد تعبير المعارضة التي أكدت بأنها ستصعد من لهجة الاحتجاجات عشية الانتخابات.

وفي السياق ذاته تشكلت حركات مناوئة لترشح بوتفليقة لعهدة رابعة على غرار "حركة بركات" التي تقودها العضو أميرة بوراوي والتي أكدت بأن الحركة تضم شخصيات مثقفة تعي الخطر المحدق بالجزائر ولن تسكت عن هذه الكارثة كما سمتها (ترشح رئيس سقيم للرئاسة)، وأضافت بوراوي بأن "كل العصابات المحيطة ببوتفليقة تريد المحافظة على مصالحها وبالتالي أصبحت تنتهج كل السبل التي لا علاقة لها بالديمقراطية من أجل تحقيق مأربها وبقاء بوتفليقة"، وقالت بوراوي بأن الاحتجاجات ستتواصل حتى ولو فاز بوتفليقة بمنصب الرئيس.

وفي نفس السياق تشكلت حركة أخرى تدعى "رفض" والتي تتفق مع حركة بركات في الأهداف والتي شرعت في حركاتها الاحتجاجية الرافضة لترشح بوتفليقة.

والشيء الملفت للانتباه أنه تغير رد فعل قوات الأمن الجزائرية بعد إصدار السلطات الفرنسية بيان بضرورة احترام الحريات وحق التظاهر السلمي، حيث وبعد جملة الاعتقالات التي مست أعضاء "حركة بركات" في الاحتجاجات الأولى اختفت هذه الاعتقالات بعد البيان الفرنسي.

فيديو لاعتقال المحتجين من حركة بركات



فيديو بعد البيان الفرنسي أمام مقر التلفزيون الجزائري



ممثلو بوتفليقة يتهمون حركة بركات

وشن ممثلو الحملة الانتخابية للمرشح بوتفليقة هجوما على حركة بركات متهمين إياها بالعمل لصالح جهات أجنبية تريد ضرب استقرار الجزائر والعمل على القيام بثورة في الشارع، وقال مدير ديوان رئاسة الجمهورية الجزائرية وممثل بوتفليقة في الحملة الانتخابية أحمد أويحي" نقول لا لبركات ونقول نعم لبوتفليقة الذي أنجز مشاريع يشهد لها الكل".

ولم يختلف كلام وزير الدولة المستشار الخاص لدى رئاسة الجمهورية الجزائرية عبد العزيز بلخادم عما قاله أويحي يشأن حركة بركات، حيث أشار بلخادم في تجمعاته الداعمة لبوتفليقة إلى هوية حركة بركات ناسبا إياها لجهات لا تحب الخير للجزائر محذرا الجزائريين من الانسياق ورائها لأنها تهدد أمن الجزائر، ولم تستثن انتقادات ممثلو بوتفليقة الأحزاب المعارضة التي تدعو للمقاطعة حيث اعتبرت مناداتهم بعدم التصويت دليل على ضعفهم وعدم قدرتهم على مجاراة الشعبية التي يتمتع بها بوتفليقة.

ورغم كل التصريحات التي بناها مساندو المرشح بوتفليقة ضد حركة بركات الرافضة لعهدة رابعة أملا في تحطيم شعبيتها إلا أن الحركة قررت توسيع نطاق احتجاجاتها إلى محافظات أخرى بعدما كانت محصورة في العاصمة، في حين أكدت الأحزاب المعارضة أنها ستواصل نشاطاتها قبل وبعد الانتخابات، وهو ما يشير بأن الشارع الجزائري لن يكون بخير في الأيام القادمة.

فيديو.. أويحي يتهجم على حركة بركات الرافضة لعهدة رابعة لبوتفليقة



حملة بألوان الاتهامات

وميزت الحملة الانتخابية التي انتهت الاثنين بتبادل الاتهامات بين عدة مرشحين حيث بدت التهجمات واضحة بعد تصريحات مديرية حملة بوتفليقة التي وصفت المرشح بن فليس بالشخصية التي حاولت دوما زعزعة الحملة الانتخابية وبارتكاب أعمال عنف تهدد مستقبل الجزائر خاصة بعد أحداث محافظة بجاية حيث منع مدير حملة بوتفليقة عبد المالك سلال من إقامة تجمع شعبي حيث اتهمت المديرية بن فليس بتورطه في أعمال الشغب التي حدثت بجاية، ورد بن فليس بأنه لا يحتاج إلى مثل هذه الأمور ليثبت شعبيته وأن الملايين معه وهم ضد نظام بوتفليقة وحاشيته، وأن "الخوف الذي ينتاب بوتفليقة من كثرة شعبيتي هو ما جعلهم يختلقون اتهامات لا أساس لها من الصحة" قال بن فليس.

ولم يسلم بن فليس من اتهامات بوتفليقة فقط بل اتهمته مرشحة حزب العمال لويزة حنون واعتبرته من أبناء النظام الجزائري وبالتالي "فهو يسير بنفس الطبخة السياسية لبوتفليقة".

وتنوعت الاتهامات وتعدت حدودها في ظل حضور تجاوزات على غرار مشاركة وزراء في الحملة الانتخابية وتهجمهم على مرشحين ودعاة المقاطعة، حيث اتهم وزير الشؤون الدينية غلام الله المقاطعين بالغشاشين، ووزير النقل عمار غول الذي انضم إلى ممثلي بوتفليقة وتهجم عدة مرات على المناوئين للعهدة الرابعة، ووزير التربية بابا أحمد أيضا الذي دافع عن انجازات بوتفليقة وغيرهم من الوزراء، حيث صارت الحملة الانتخابية ساحة للصراع الكلامي في أحد أسوء الحملات الانتخابية التي تعيشها الجزائر من حيث التجاوزات والتنظيم الذي لم يكن في المستوى بالنظر إلى ما صرحت به اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات التي صرحت قبل بداية الحملة الانتخابية بأنها ستسهر على نجاحها، وما زاد الطين بلة هو الحروب الكلامية في مواقع التواصل الاجتماعية التي أصبحت بؤرا لزرع التوتر.

اعتداءات على صحفيين ورجال إعلام

وما ميز الحملة الانتخابية أيضا الاعتداءات التي طالت رجال الإعلام، حيث تعرض طاقم "قناة النهار الجزائرية" إلى الضرب المبرح من طرف أشخاص في محافظة بجاية حيث كان من المنتظر أن يشرف مدير حملة بوتفليقة عبد المالك سلال على تجمع شعبي بالإضافة إلى تكسير كاميرا قناة التلفزيون الجزائري الحكومية، واتهمت جهات هذه القناة بدعمها لبوتفليقة وعدم احترام أخلاقيات المهنة، وتعرض صحفي قناة النهار في محافظة خنشلة للاعتداء أيضا وهو ما جعل الإعلام مهددا في ظل تحذيرات دولية من وضعية الإعلام والصحفيين بالجزائر والاعتداءات التي مستهم.

من جهة أخرى أكد محللون سياسيون بأن بعض الإعلاميين في الجزائر لم يلتزموا الحياد وهو ما جعل الثقة تختفي بينهم وبين المواطن الذي ينتظر المعلومة الصحيحة.

بوتفليقة وبن فليس: صراع نحو قصر المرادية

ويرى أغلب المحللين السياسيين والجزائريين أن التنافس سيقتصر بين شخصيتين لا أكثر وهو المرشح بوتفليقة والمرشح بن فليس، حيث أبدى ممثلو بوتفليقة في الحملة الانتخابية ثقتهم التامة في فوز مرشحهم الذي سيمثل الجزائر لعهدة رابعة، من جهته أكد بن فليس بأن الملايين معه وسيفوز بكرسي الرئاسة محذرا من التزوير حيث أشار بأنه لن يسكت عن حقه في حال حدوث هذا الأمر.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com