اتفاق لوزان.. الامتحان الصعب لخامنئي
اتفاق لوزان.. الامتحان الصعب لخامنئياتفاق لوزان.. الامتحان الصعب لخامنئي

اتفاق لوزان.. الامتحان الصعب لخامنئي

رغم الاحتفالات التي عمت شوارع طهران عقب الإعلان عن اتفاق لوزان، غير أن ذلك لم ينجح في إخفاء هواجس قادة إيران الذين بنوا سمعتهم وسطوتهم، طوال عقود، على أساس العداء لـ "الشيطان الأكبر"، كما تسمى أمريكا في أدبيات الثورة الإسلامية.
السياسة الإيرانية التي رفعت الصوت عاليا في وجه السياسات الأمريكية والإسرائيلية، ها هي ترضخ أخيرا لواشنطن، وتتأهب لأن تكون شرطي أمريكا في المنطقة، وهو ما يعتبر شرخا عميقا لصورة إيران التقليدية في الأذهان.
بهذا المعنى، يرى مراقبون أن الاتفاق الغربي مع إيران بشأن ملفها النووي، يعد امتحانا صعبا للزعيم الإيراني علي خامنئي الذي بنى أمجاد بلاده لسنوات طويلة على قاعدتين أساسيتين: البرنامج النووي المتطور، وتصدير الثورة الإسلامية.
وثمة من يذهب إلى أبعد من ذلك، إذ يشبه هذا الاتفاق النووي بقبول الزعيم الإيراني الراحل الخميني عام 1988 بوقف إطلاق النار مع العراق، وقال، عندئذ، جملته المشهورة بأنه كمن يتجرع "كأس السم"، في إشارة إلى صعوبة المهادنة مع عدوه اللدود، آنذاك، صدام حسين.
وعلى المنوال ذاته، فإن علي خامنئي سيحذو حذو سلفه ويتناول السم نفسه، لأنه سيتخلى عن أغلب ما في مشروعه النووي، من أجل إنقاذ بلاده من العزلة ومن العقوبات الاقتصادية.
وعلى الرغم مما تتحدث عنه إيران "المقاومة" من انتصار على قوى الاستكبار العالمي، فإن التنازلات التي قدمتها ضخمة، بحسب خبراء، وستمنعها من تطوير السلاح النووي.
وتحد الاتفاقية بشكل فعال من قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم كما تحد من مخزونها من اليورانيوم المخصب وتفرض تفتيشا دوليا غير مسبوق على المنشآت النووية الإيرانية وكل مراحل الحصول على المواد النووية.
ومع أن موافقة خامنئي على الاتفاق قد يعيد له شعبية افتقدها بعد قمع المحتجين عام 2009، لأن الاتفاق يلقى ترحيبا واسعا بين الإصلاحيين الإيرانيين، إلا أن ذلك لن ينقذه من انتقادات سيشهرها المحافظون عندما يتطلب الأمر ذلك.
ويرى مراقبون أن هذا الاتفاق لا يعني أن خامنئي قد مال إلى الإصلاحيين في النظام الإيراني، أو أنه سيغير موقفه من الولايات المتحدة، لكن في مجمل الأحوال ثمة إيقاع جديد في السياسة الإيرانية سيترك صداه على الملفات الداخلية.
ويرى مراقبون أن خامنئي سيستثمر المعارضة الاسرائيلية الشديدة للاتفاق والتي قد تساعده على تسويقه في الداخل.
ولعل أخطر ما سيترتب على هذا الاتفاق هو أنه سينجح في تأجيج صراع أجنحة ضمن القيادة الإيرانية.
ويرجح مراقبون احتمال أن يلجأ الحرس الثوري الإيراني إلى عرقلة الاتفاق، بينما سيسعى الرئيس حسن روحاني، الإصلاحي، إلى توظيف هذا الاتفاق من أجل كسب المزيد من النفوذ.
وإذا التزمت إيران بتعهداتها يمكن أن يتبدل انعدام الثقة بينها وبين الولايات المتحدة، وسيكون هذا تحولا سياسيا هائلا في الشرق الأوسط، فيمكن لإيران أن تصبح، مع مرور الوقت، حليفا قويا لأمريكا في الخليج كما كانت تحت حكم الشاه.
ولمح روحاني إلى مثل هذا الاحتمال، إذ قال إن "البعض يظن أن علينا إما أن نحارب العالم أو أن نستسلم للقوى الكبرى، إلا أننا نعتقد أن كلا الأمرين ليس صحيحاً، وهناك سبيل ثالث وهو أن بإمكاننا أن نتعاون مع العالم".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com