أمان ثمنه المعاناة على مشارف دمشق
أمان ثمنه المعاناة على مشارف دمشقأمان ثمنه المعاناة على مشارف دمشق

أمان ثمنه المعاناة على مشارف دمشق

دمشق - يمر هذا الشتاء أكثر هدوءا من العام الماضي على أهل جرمانا البلدة السورية التي تقع في ضاحية دمشق ولم تتعرض لقصف من المتمردين منذ أن نفذ الجيش هجوما واسعا أدى إلى إبعادهم من بلدة مجاورة.

ورغم أن الدولة جلبت المزيد من الامن إلى جرمانا-معقل التأييد الحكومي- فإن سكانها يعانون من ضائقة جديدة إذ أن الشتاء قارس البرودة في ظل صعوبة العثور على مادة المازوت. ويجري استخدام خشب الإشجار بل والأثاث لتدفئة المنازل.

‭‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬‬وقال عدنان طنوس البالغ من العمر 50 عاما "الآن الأمور أفضل من العام الماضي" متذكرا كيف كانت منطقته تتعرض للقصف بمعدل 10 إلى 15 قذيفة هاون يوميا قبل عملية الجيش في المليحة في أغسطس آب الماضي.

لم يعد طنوس خائفا من التنقل ليلا إلا أنه يعود في النهاية إلى منزله البارد. وفيما كانت زوجته تضع الأخشاب داخل المدفئة المعدة أساسا للاستعمال بالمازوت امتلأت الغرفة بالدخان وقال طنوس "السنة الماضية كنا نتدبر أمرنا ببعض المازوت ولكن الآن أبدا."

وفي الخارج كان ابنه يستخدم الفأس لتكسير ما تبقى من خزانة واهية يقول طنوس انها لا تعطي نفس الحرارة مثل المازوت.

وفيما الازمة السورية على وشك دخولها العام الخامس فإن معظم الناس في دمشق لا يبدون كثيرا انزعاجهم من سقوط الصواريخ وقذائف الهاون التي لا تزال تعطل بين الفينة والاخرى الحياة في المدينة انطلاقا من المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في ضواحيها الشرقية.

ولم تشهد دمشق حيث تتركز سلطة الرئيس بشار الاسد حجم الدمار والحرمان الذي تعاني منه أجزاء أخرى من سوريا لا سيما المناطق المحاصرة التي يسيطر عليها المتمردون وتعرضت لدمار واسع.

ومع ذلك فان العبء الاقتصادي الناتج عن الحرب له أثر شديد في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة حيث يقطن الجزء الأكبر من السوريين.

وقد دمر الصراع الاقتصاد السوري وتراجعت الليرة من 47 مقابل الدولار الواحد عشية الحرب إلى 220 الآن. وتزايد التضحم. وسيارات الاجرة التي تعمل على عداد يقاس على أساس أسعار 2010 يطلب سائقوها سبعة أضعاف المبلغ المبين على الشاشة.

والاقتصاد الذي يعاني من عقوبات فرضتها الولايات المتحدة والدول الاوروبية التي تريد أن يتنحى الاسد وسجل نموا بلغ 3.2 بالمئة قبل الحرب قد دخل دائرة الانكماش والركود الاقتصادي مع تضخم كبير في الاسعار.

وقد رفعت الدولة أسعار المواد الغذائية المدعومة والطاقة. ففي شهر يناير كانون الثاني الماضي رفعت الحكومة سعر الخبز بنسبة 40 في المئة لتصبح الربطة وزنتها كيلو ونصف الكيلو تباع الان بسعر 35 ليرة أي ما يعادل 16 سنتا.

وارتفع سعر المازوت المدعوم من الدولة بنسبة 257 في المئة مقارنة مع مستويات ما قبل الحرب. وكان الارتفاع في شهر يناير كانون الثاني الماضي. ولكن نادرا ما يمكن العثور على المازوت بأسعار مدعومة ويباع بضعف سعره المدعوم في السوق السوداء في حال العثور عليه.

ونتيجة لذلك ازدهرت تجارة الحطب وقال تاجر حطب في جرمانا وهو محاط بأكياس من الخشب الجاهز للبيع إن الطلب قد ازداد بنسبة خمسين في المئة "حتى بائعي الفواكه والخضروات أصبحوا يبيعون الحطب." ‭‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬‬وقال أحد المارة وهو يراقب ما يجري إن التجارة الجديدة تلحق ضررا ببساتين سوريا التي تعد موردا مهما لإيرادات البلاد. ولكن في الشتاء القارس تبدو الأولويات قصيرة المدى. ‭‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬‬وقال طنوس الذي يتقاضى ما يعادل أربعة دولارات في اليوم كموزع لمنتجات مواد التنظيف "كل الأسعار تضاعفت" وانه يركب دراجة هوائية لتوفير الاموال بدلا من استخدام المواصلات العامة. وأضاف "لم نشو اللحمة منذ شهرين أو ثلاثة."



ومع ذلك يبدو دعمه للأسد صلبا وقال هو يشكر الجيش إن الأمن يمثل أولويته. وهو يعتبر نفسه محظوظا ويذكر قصة أحد معارفه القدامى الذي خرج من منطقة يسيطر عليها مسلحون بقصص تحكي كيف يأكل الناس العشب من أجل البقاء على قيد الحياة. ‭‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬ ‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬‬وعلى مشارف جرمانا توجد أنقاض مبان سكنية في حي بيت سحم تذكر بالدمار الشديد جراء الحرب في مناطق أخرى. وقدرت الامم المتحدة عدد قتلى الحرب السورية بحوالي 200 ألف قتيل.

الحكومة التي ظلت تتلقى دعما عسكريا واقتصاديا من الحلفاء بما في ذلك ايران تعي الارهاق الاقتصادي. وقد أمر الاسد بدفع منحة معيشية بمبلغ أربعة الآف ليرة (18 دولارا) شهريا لكل موظف أو متعاقد أو متقاعد في يناير كانون الثاني.

وتقول الحكومة إنها تواجه حربا اقتصادية تشنها الولايات المتحدة والدول الاوروبية والعربية تريد رحيل الاسد.
"2015 عيشها غير"

وفي محاولة لرفع المعنويات أطلقت حملة مدعومة من قبل الحكومة الشهر الماضي شعارها "2015 عيشها غير" ويظهر هذا الشعار على لوحات الاعلانات في جميع أنحاء دمشق ومحلات البقالة التي تديرها الدولة وتقدم عروضا خاصة كجزء من الحملة.

وقال أحد مدراء محلات السوبر ماركت الحكومية التي تبيع السلع بأسعار منخفضة "الدولة تقول للشعب: أنا قوي. أنا موجود. وأستطيع التدخل في أي لحظة."

لكن وزير النفط والثروة المعدنية سليمان العباس رد على أسئلة النواب في مجلس الشعب المتعلقة بواقع قطاع النفط قائلا "ان الوزارة اضطرت إلى ترشيد توزيع طلبات المحروقات على المحافظات نتيجة عدم توفر النفط الخام المحلي وقلة كميات النفط الخام الموردة إلى مصفاتي حمص وبانياس" كما ورد في تقرير نشرته وكالة سانا في 18 فبراير شباط.

وقال عباس إن "الأولوية حاليا هي لتأمين احتياجات القطاعات الاساسية كالجيش والقوات المسلحة والافران والمشافي والاتصالات".

كما ساهم الطقس البارد في زيادة الطلب.

ومع وقوع حقول النفط السورية بأيدي جماعة تنظيم الدولة الاسلامية في الشرق فان ايران تزود حليفتها بالوقود عبر خط الائتمان مع طهران.

وقال شريف شحادة النائب في البرلمان في مقابلة مع رويترز إنه فوجىء بمدى فعالية الاقتصاد السوري في هذه الظروف. وأضاف أنه كان قد أبلغ رئيس الوزراء وائل الحلقي مؤخرا أن الشعب بحاجة إلى "الدفء والغذاء والدواء".

ووفقا لتقرير للامم المتحدة صدر العام الماضي بلغ الناتج الاجمالي المحلي السوري في سوريا 33 مليار دولار في عام 2013 أي ما يقرب من نصف مستواه قبل بدء الصراع في عام 2011.

وقال هيغازون كومريان البالغ من العمر 53 عاما وهو صاحب شركة لبيع قطع الغيار للاليات الزراعية "كنا نعيش بألف نعمة".

ويقع مكتبه في منطقة شرق دمشق حيث لا تزال قذائف الهاون تسقط بشكل منتظم انطلاقا من مناطق يسيطر عليها المتمردون ويقصفها الجيش السوري باستمرار.

وفي داخل المحل حيث حركة البيع ضئيلة يراكم كومريان صناديق قطع الغيار الحديدية أمام متجره للوقاية من شظايا قذائف الهاون المتساقطة.

وفي نفس الوقت يأسف بسبب انعدام الأمن وارتفاع أسعار المازت في السوق السوداء ويقول "أخي غادر إلى تكساس عام 2012 وأنا أريد أن أرسل أولادي لاكمال دراستهم. وإذا كانت الامور ستبقى على هذا النحو أنا سأنضم إليهم بالتأكيد."

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com