مشروع لتعديل الدستور يثير جدلا بالأردن.. هل سحبت الحكومة الولاية من نفسها؟
مشروع لتعديل الدستور يثير جدلا بالأردن.. هل سحبت الحكومة الولاية من نفسها؟مشروع لتعديل الدستور يثير جدلا بالأردن.. هل سحبت الحكومة الولاية من نفسها؟

مشروع لتعديل الدستور يثير جدلا بالأردن.. هل سحبت الحكومة الولاية من نفسها؟

يتفاقم الجدل في الأردن، حول مشروع تعديل الدستور، الذي جاء بما يتلاءم مع مخرجات لجنة شكلها عاهل البلاد، لتحديث المنظومة السياسية.

وكان الملك عبدالله الثاني، أوكل في حزيران/ يونيو الماضي، لرئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي، رئاسة اللجنة التي كانت مهمتها وضع مشروع قانون جديد للانتخاب، ومشروع قانون جديد للأحزاب، والنظر بالتعديلات الدستورية المتصلة حكما بالقانونين، وآليات العمل النيابي.

وخرجت اللجنة في نهاية أعمالها بأيلول/ سبتمبر الماضي، بمقترحات لتعديل 22 مادة في الدستور الأردني، وهي المواد المتعلقة بقانوني الانتخاب والأحزاب.

ورُفعت المقترحات إلى مجلس الوزراء، الذي أضاف إليها 8 مواد أخرى، قبل أن يحيلها إلى مجلس النواب بصفة الاستعجال، والذي بدأ دورة غير عادية في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.

لكن "النواب" ارتأى أن تحال التعديلات إلى لجنته القانونية، بعد إثارتها جدلا واسعا تحت القبة في أول جلسة انتخب فيها عبدالكريم الدغمي، النائب المخضرم رئيسا للمجلس خلفا لعبد المنعم العودات.

"مجلس الأمن الوطني"
وواجه "إنشاء مجلس للأمن الوطني يرأسه الملك"، وفق التعديلات التي قدمتها الحكومة، رفضا من قبل نواب وأحزاب وفعاليات سياسية، إلى جانب ورود ما قيل إنها "ثغرات دستورية" في الأسباب الموجبة التي قدمتها الحكومة.

وبحسب التعديلات المقترحة "ينشأ مجلس الأمن الوطني والسياسة الخارجية، ويتولى جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن المملكة والأمن الوطني والسياسة الخارجية، على أن يكون الملك رئيسه، حيث يتألف المجلس من رئيس الحكومة، ووزراء الدفاع والخارجية والداخلية، وقائد الجيش، ومدير المخابرات، وعضوين يعينهما الملك".

ويرى محللون أن "وضع هذا المجلس يأتي في إطار الخشية مستقبلا من تشكيل حكومات برلمانية أو حزبية (سواء إسلامية أو يسارية) لا تتوافق بالضرورة مع السياسة الخارجية للدولة".

ويسعى الأردن من خلال لجنة التحديث السياسية، إلى وضع أسس لتشكيل حكومات برلمانية خلال عقد من الزمن، لكن الخشية من تجربة الأحزاب للسلطة، تشكل هاجسا كبيرا، وفق المحللين.

وكانت المعارضة الأشد لمقترح المجلس، من قبل النائب الإسلامي صالح العرموطي، الذي وصف التعديلات بأنها "انقلاب على الدستور".

وأبدى العرموطي تخوفات من أن هذه التعديلات "تمهيد لنزع صلاحية السلطة التنفيذية".

"لا خلاف كبيرا"

وقال أستاذ القانون الدستوري ومقرر لجنة التعديلات الدستورية في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، ليث نصراوين، إن "اللجنة أقرت 22 مقترحا لتعديل الدستور بما يتلاءم مع قانوني الانتخاب والأحزاب".

وأشار نصراوين، إلى أن "مقترحات اللجنة لم يكن حولها خلاف كبير، بعكس ما قدمته الحكومة من 8 مقترحات وتحديدا حول مجلس الأمن الوطني".

وأضاف في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "الإخراج الدستوري والصياغي للمجلس لم يكن مناسبا، وهو سبب المعارضة الشديدة له من قبل البعض".

وشرح أن "كلمة يتولى المجلس غير مناسبة، بالإضافة إلى أن تحديد أعمال المجلس وفق نظام خاص يتعارض مع صلاحية الملك".

ولفت إلى أنه "كان من الأولى عند إضافة هذا المجلس أن يكون مثل مجلس السياسات الذي يرأسه الملك حاليا، ويكفي أن تصدر الإرادة الملكية لانعقاده، دون الحاجة لقانون أو نظام".

وبين نصراوين أن "اللجنة عالجت ثغرة وفاة رئيس مجلس النواب أو استقالته، وتم إعطاء النواب حقا في إقالة رئيس مجلسهم وهو ما لم يكن موجودا في السابق".

وأشار إلى أن الاعتراض أيضا من قبل النواب يأتي على إلغاء جمع الوزارة والنيابة في آن معا، مشيرا إلى أن "اللجنة ضيقت من حصانة النائب".

وخفّضت التعديلات الدستورية المقترحة "فترة ولاية رئيس مجلس النواب إلى سنة شمسية واحدة بدلا من اثنتين، مع البقاء على جواز إعادة انتخابه، إلى جانب تحديد حالات فقدان رئيس مجلس النواب لمنصبه، بالاستقالة التي يقدمها إلى الأمانة العامة للمجلس وتعتبر نافذة من تاريخ تقديمها، أو الوفاة، أو بقرار صادر عن ثلثي أعضاء المجلس".

ورأى نصراوين أن "طرح البعض لوجود انقلاب على الدستور، كلمة كبيرة لا أتفق معها".

"تعديلات الحكومة أضرت باللجنة الملكية"
من جهته، قال المحلل السياسي، وأحد أعضاء اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، عامر سبايلة، إن ظاهرة الرفض والقبول للمخرجات صحية ولا بد منها.

وأضاف السبايلة أن "ما خلق الخلل هو إلحاق مجلس الأمن الوطني بالتعديلات التي اقترحتها اللجنة؛ لأن الحديث عن التعديلات الدستورية كان فقط محصورا في المواد المتعلقة بقانوني الانتخاب والأحزاب".

ورأى في تصريح لـ"إرم نيوز"، أنه "لو مرت المقترحات دون الإضافات التي قدمتها الحكومة فإنها لم تواجه جدلا أو أي اعتراض".

وقال: "لا أعرف كيف زج بهذه التعديلات ولا أعرف أين طبخت؟، لأنها بالتأكيد ستفجر خلافات، وستقابل بالتشكيك من قبل الناس وتحديدا حول جدية الإصلاح السياسي".

وتابع السبايلة: "هذا للأسف أضر بعمل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وشكل حالة من الضبابية حول الحالة السياسية في الأردن".

"طعنة في الدستور"
وكان لافتا في ظل هذا الصخب، تصريح نائب رئيس الوزراء الأسبق ممدوح العبادي، حول التعديلات الدستورية، والذي اعتبر أن ما قدمته الحكومة "طعنة في الدستور الأردني".

ودعا العبادي في تصريحات لموقع "جو 24" المحلي، مجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان، إلى "رد بعض التعديلات وشطب المواد التي تتعارض مع مبادئ الدستور، خاصة المتعلقة بمجلس الأمن الوطني".

"الحكومة تسحب الولاية العامة من نفسها"
بدوره، رأى الكاتب والمحلل السياسي ماجد توبة، أن "ما خرجت به اللجنة الملكية من توصيات، كان متقدما، حتى لو لم يكن يلبي جميع المطالب حول قانوني الانتخاب والأحزاب، لأن المهم في ذلك أنه كان هنالك توافق كبير حول هذه المخرجات".

وأضاف توبة أن "الكارثة الكبرى والتي نسفت كل هذه الإنجازات، كانت التوصيات التي قدمتها الحكومة حول مشروع تعديل الدستور".

واعتبر في تصريح لـ"إرم نيوز" أن "الحكومة سحبت الولاية العامة من نفسها بتقديمها لمجلس الأمن الوطني، الذي ينزع صلاحياتها، والتي هي أساس الدستور الأردني".

ورأى أن "للحكومة دورا في رسم السياسية الخارجية والداخلية حتى بعض التعيينات، التي بموجب التوصيات ستفقدتها".

وتابع: "أرى خرقا كبيرا للدستور، وتراجعا كبيرا عن دستور 1952.. على أصحاب القرار بعد أن شاهدوا الردة الشعبية الكبيرة حتى من بعض المحسوبين على الموالاة وتحذيرهم من هذه التعديلات، أن يتوقفوا عندها ولا يقروها؛ لأن ذلك في مصلحة الأردن والشعب والنظام السياسي".

واستغرب توبة من "التبريرات التي قالت إن مجلس الأمن الوطني، هو لضمان السياسة الأمنية والخارجية للأردن في حال تشكيل حكومات برلمانية أو حزبية كما التجربة المغربية".

وقال إن "المجلس بعكس الحكومات، لن يكون مسؤولا أمام البرلمان فكيف يعطى صلاحيات واسعة، بشكل ينسف فكرة العماد الرئيسي الذي يقوم عليه الدستور، وهو مبدأ الفصل بين السلطات".

ويبقى مشروع تعديل الدستور في أدراج اللجنة القانونية لمجلس النواب، التي ستقره وتحيله للمجلس خلال الأيام القادمة للتصويت عليه رغم المعارضة الشديدة لبعض مواده.

يشار إلى أن الدستور الأردني الذي وضع العام 1952، عدل 9 مرات في عهد الملك الراحل الحسين بن طلال، وعدل 3 مرات في عهد الملك عبد الله الثاني خلال الأعوام 2011، 2014، 2016.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com