السودان.. تلويح حمدوك بالاستقالة يضع "الاتفاق السياسي" على المحك
السودان.. تلويح حمدوك بالاستقالة يضع "الاتفاق السياسي" على المحكالسودان.. تلويح حمدوك بالاستقالة يضع "الاتفاق السياسي" على المحك

السودان.. تلويح حمدوك بالاستقالة يضع "الاتفاق السياسي" على المحك

فاقم تلويح رئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك، بالاستقالة من منصبه، تعقيدات المشهد المحتقن في البلاد، وفتح أبواب الخيارات الصفرية بعد أن أوصدت "بالاتفاق السياسي" الموقع مع رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبدالفتاح البرهان.

ووضع رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، شرطين أساسيين قال إن لم يتحققا؛ فإنه سيضع استقالته ويغادر منصبه، بحسب ما نقلته وكالة رويترز.

الشرط الأول "الالتزام بتنفيذ الاتفاق السياسي الذي وقعه حمدوك في 21 نوفمبر الماضي، مع عبدالفتاح البرهان"، بينما الشرط الثاني "أن يحصل رئيس الوزراء على دعم القوى السياسية".

وشمل "الاتفاق السياسي" 13 بندا بينها "إنفاذ الشراكة بين المدنيين والعسكريين بروح وثقة مع الالتزام بتكوين حكومة مدنية من الكفاءات المستقلة".

كما نص الاتفاق على أن "يكون مجلس السيادة الانتقالي مشرفا على تنفيذ مهام الفترة الانتقالية دون التدخل المباشر في العمل التنفيذي، بجانب إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، مع التحقيق في حوادث القتل والإصابات التي جرت أثناء التظاهرات".

واستبعد المتحدث باسم الحرية والتغيير، عمار حمودة، أن يحصل حمدوك على دعم القوى السياسية بعد أن وقع "اتفاقا سياسيا" من وراء ظهرها مع المكون العسكري.

وقال حمودة لـ "إرم نيوز"، إن حمدوك يحتاج إلى استعادة ثقة الحرية والتغيير فيه، موضحا: "لا أعتقد أن ذلك سيكون منالا سهلا بعد ما أقدم عليه من توقيع مع البرهان".

وذكر أن "حمدوك فاجأ الحرية والتغيير بالتوقيع على الاتفاق السياسي، باسمه فقط، ثم جاء بعد ذلك يترجاها أن تدعمه"، وتابع: "هذا نمط لا يخدم قضية بلد".

شروط موضوعية

واعتبر المحلل السياسي، عزالدين دهب، أن شروط حمدوك التي وضعها مقابل الاستقالة "موضوعية ومنطقية"، لجهة أنه لن يستطيع أن يعمل في ظل عدم الالتزام بتنفيذ بنود "الاتفاق السياسي"، مع انعدام الثقة بين الطرفين، نتيجة قرارات البرهان في 25 أكتوبر الماضي.

وأكد دهب في حديثه لـ "إرم نيوز" أن إعادة الثقة بين أطراف السلطة الانتقالية في السودان، لن تتم إلا في حالة الالتزام بالاتفاق السياسي، الموقع بين "البرهان وحمدوك".

وأشار دهب إلى أن أهم نقاط "الاتفاق السياسي" التي يجب الالتزام بها هي "عدم التدخل في قرارات حمدوك باختيار حكومته، وبسط الحريات من إطلاق سراح المعتقلين وحرية التعبير وإيقاف العنف المفرط ضد المتظاهرين".

وقال: "صحيح لم يسقط ضحايا خلال الاحتجاجات التي أعقبت توقيع الاتفاق السياسي ما يشير إلى التزام الأجهزة الأمنية بالاتفاق، لكن فيما يتعلق بالتدخل في تشكيل الحكومة سمعنا نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان حميدتي، يصرح بأن على حمدوك أن يستعين بالإدارة الأهلية للقبائل في تشكيل الحكومة، مما يعتبر تدخلا مباشرا في مهام وصلاحيات حمدوك".

واعتبر دهب أن تصريحات حميدتي قد تكون واحدة من الأسباب التي جعلت حمدوك يلوح باستقالته، لجهة أنه من غير المعقول أن يعتمد على القبائل في تشكيل الحكومة في ظل وجود القوى السياسية.

وأضاف: "صحيح لن تعود الأمور إلى ما قبل 25 أكتوبر الماضي، لكن لا بد من وجود قوى سياسية تستطيع أن تساهم مع حمدوك في معالجة الفراغ الذي تعيشه البلاد".

الأكثر قبولا

وفيما يتعلق بشرط حمدوك الثاني المتعلق بحصوله على دعم القوى السياسية، يؤكد دهب أن القوى السياسية ليس أمامها غير دعم حمدوك لإكمال الفترة الانتقالية، رغم مهاجمتها له بعد توقيعه على الاتفاق السياسي.

وأوضح أن حمدوك يظل الشخصية الأكثر قبولا على المستويين الداخلي والخارجي، وأن عملية إبراز شخصية قيادية جديدة ليتقبلها الداخل والخارج أمر معقد.

وتابع: "حمدوك استطاع خلال الفترة الماضية أن يقود الثورة ويقدم مشروع رجل دولة وحفظ مكانة مرموقة للسودان إقليميا ودوليا، وأن المجتمع الدولي بات يعتبر حمدوك الشخصية المناسبة للتعامل معه في السودان".

وقال دهب إن على "القوى السياسية والمكون العسكري وحمدوك" المحافظة على وضعية الثورة؛ لأن البحث عن خيارات صفرية هو بمثابة القفز في المجهول.

ودعا إلى إيجاد "صيغة توافقية" ترمم ما يمكن ترميمه في جدار الثقة المنهار، مع التزام المكون العسكري بالاتفاق السياسي، وإعطاء حمدوك فرصة الحوار مع القوى السياسية لإخراج البلاد من نفق الأزمة.

يشار إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، دعا خلال مؤتمر صحفي، أمس الأربعاء، الشعب السوداني إلى تغليب "الحس السليم" والقبول بالاتفاق السياسي، المبرم بين "حمدوك والبرهان"؛ لأن بإمكانه أن يتيح انتقالا سلميا فعالا إلى ديمقراطية حقيقية في السودان.

وقال: "أتفهم ردة فعل أولئك الذين يقولون لا نريد أي حل مع الجيش، لكن بالنسبة لي، فإن إطلاق سراح رئيس الوزراء وإعادته إلى منصبه هو نصر مهم".

وتابع: "ندائي للقوى المختلفة وللشعب السوداني هو أن يدعموا رئيس الوزراء حمدوك في الخطوات المقبلة لانتقال سلمي إلى ديمقراطية حقيقية في السودان".

أقرب إلى الاستقالة

من جهته، قال المحلل السياسي علي الدالي، إن حمدوك يعيش حالة تنازع ما بين الاستجابة إلى "شارع رافض للاتفاق السياسي مع المكون العسكري، ومجتمع دولي يطالب بضرورة الالتزام بهذا الاتفاق".

وأوضح الدالي في حديثه لـ" إرم نيوز"، أنه إزاء هذا الضغط والتنازع قد يجد حمدوك نفسه أقرب إلى الاستقالة، خصوصا وأن الرجل فقد الشارع والجماهير التي كانت الداعم الأول له في رئاسة الحكومة، رغم عدم رغبة القوى السياسية والمكون العسكري.

وأكد الدالي أنه من الصعب أن يحصل حمدوك على دعم القوى السياسية في هذه المرحلة، بعد توقيعه من وراء ظهرها على "الاتفاق السياسي" مع المكون العسكري، حيث إن حمدوك بهذا التوقيع أزاح القوى السياسية من المشهد ووضع نفسه مكانها، كما أن المكون العسكري نفسه غير راغب في استمرار حمدوك لولا الضغط الخارجي.

وأشار الدالي إلى أن تنفيذ "الاتفاق السياسي" تم بطريقة غير مبشرة، حيث إن إطلاق سراح المعتقلين الذي كان يحتاج لساعات فقط، جرى بعد أكثر من أسبوع من توقيع الاتفاق، كما أن هنالك معتقلين دون ضدهم بلاغات "كيدية" لإعادة حبسهم.

وفيما يتعلق بالحريات وحق التظاهر، يقول الدالي إن المواكب ما زالت تواجه بالقمع حيث وقعت إصابات وسط المتظاهرين، كما اقتحمت قوات عسكرية المستشفيات واعتقلت مصابين من داخلها.

وتابع: "هذه كلها معطيات تشير إلى أن حمدوك بات أقرب إلى الاستقالة من الاستمرار في الحكومة".

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر مجموعة عسكرية اقتحمت أحد المستشفيات، الثلاثاء الماضي، وأخذت مصابا من نقالة المرضى.

واستدعى حمدوك مدير عام قوات الشرطة، الفريق أول شرطة حقوقي عنان حامد محمد عمر؛ لمعرفة التفاصيل حول احتجاجات 30 نوفمبر، ووجه بالتحقيق في واقعة اقتحام المستشفى واعتقال المريض.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com