سكان تكريت بين سندان داعش ومطرقة ميليشيا الشيعة
سكان تكريت بين سندان داعش ومطرقة ميليشيا الشيعةسكان تكريت بين سندان داعش ومطرقة ميليشيا الشيعة

سكان تكريت بين سندان داعش ومطرقة ميليشيا الشيعة

بغداد- بينما تُطْبق القوات العراقية على تكريت، يمزق من تبقى من السكان الأقمشة البيضاء لصنع رايات الاستسلام لخشيتهم من المقاتلين الشيعة، الذين يستعدون لتحرير المدينة، أكثر من خوفهم من مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

وفر معظم سكان تكريت في الشهور التي تلت سيطرة تنظيم داعش على المدينة في حزيران/ يونيو الماضي. ولاذ من بقوا بالفرار أيضا في الأيام القليلة الماضية، لكن عددا قليلا اختار البقاء في انتظار مصيره.

ومع تقدم وحدات الحشد الشعبي الشيعية المسلحة ووحدة صغيرة من المقاتلين السنة قال أبو سيف (37 عاما) الذي وجد ملاذا له في كركوك بعد فراره من تكريت، الأربعاء 4 آذار/ مارس الجاري: "بعض الناس يقولون إنهم يفضلون الموت في بيوتهم".

وتباطأ تقدم القوات الزاحفة من الشمال والجنوب والشرق بسبب انفجارات القنابل ورصاص القناصة. ولم تدخل القوات المدينة نفسها حتى الآن لكنها ربما تشن هجمات وشيكة على بلدتي الدور والعلم المجاورتين.

وقال أبو سيف: "الوضع مرعب.. نخاف أكثر من الحشد الشعبي لأنهم يسعون للانتقام".

وأضاف أن "تعزيزات تقدر بآلاف المقاتلين من تنظيم الدولة الإسلامية تدفقت على المدينة من مناطق أخرى أعلن فيها التنظيم دولة الخلافة وأنهم يستعدون للقتال حتى الموت"، متوقعا أن تكون المعركة طويلة ودامية.

وأقر السكان الفارون بأن "كثيرين منهم رحبوا بمقاتلي التنظيم المتشدد على أساس أنهم سينقذونهم من القمع الذي شعروا به من جانب الحكومة التي يقودها الشيعة والتي وصلت إلى السلطة بعد الإطاحة في عام 2003 بصدام حسين المولود في تكريت".

لكنهم بدأوا يشعرون بالسخط من وجود التنظيم المتطرف بعد أن بدأ أفراده في إعدام الناس الذين يعتبرونهم مصدر تهديد، إضافة إلى العجز عن تقديم الخدمات، وحظر التدخين، وإجبار النساء على ارتداء ملابس تغطي أجسادهن من الرأس وحتى أخمص القدم.

لكنهم خشوا من التعرض لنفس المعاملة التي عانى منها السنة في محافظة ديالى المجاورة، حيث وجهت اتهامات إلى فصائل شيعية مسلحة بارتكاب مذابح ضد المدنيين وحرق منازلهم أثناء طرد المتشددين وهو ما نفته الفصائل.

وقال عمر التكريتي (32 عاما) الذي هرب من بلدة العلم منذ بضعة أيام مع سبعة من أفراد أسرته: "نحن بين المطرقة والسندان.. إما سنحترق بنيران متشددي الدولة الإسلامية أو بنيران الميليشيات".

وتعهد بعض مقاتلي الميليشيات بالانتقام لمقتل 1700 جندي شيعي قتلهم متشددو الدولة الإسلامية عندما اجتاحوا تكريت في حزيران/ يونيو بدعم من بعض العشائر المحلية.

وقال متحدث باسم مجلس عشائر صلاح الدين إنه "لا يوجد أي خوف من قوات الأمن أو أفراد الحشد الشعبي وإن الدولة الإسلامية تحاول ترويع السكان لكسب تأييد السنة". وقال مروان جبارة إن "نحو أربعة آلاف سني يشاركون في الحملة لاستعادة تكريت".

وقال مقاتلون شيعة يزحفون من الشرق إنهم "يتقدمون برفقة سكان محليين من السنة على اتصال بسكان تكريت لطمأنتهم على ضمان سلامتهم إذا رفعوا الأعلام البيضاء عندما يدخل المقاتلون المدينة".

لكن سكانا عبروا عن قلقهم من تدخل إيران التي تؤيد بعض الفصائل المسلحة المشاركة في القتال.

وشوهد القائد البارز بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، في الجبهة الشرقية وهو يوجه العمليات فيما يبدو.

ولا يتوقع أحد من المدنيين الفارين العودة إلى المدينة في المستقبل المنظور ما لم تتول قوات سنية محلية حكم المدينة. وقال أبو سيف: "إذا سيطرت الفصائل المسلحة لن يعود أي منا" إلى المدينة.

دروع بشرية

وحث رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، وهو يعلن بدء الهجوم يوم الأحد، المدنيين على مغادرة تكريت، لكن السكان قالوا ‘ن المسلحين حاولوا إرغامهم على البقاء.

وقال طارق الجبور (25 عاما) الذي كان يدرس العلوم السياسية في جامعة تكريت وفر من بلدة العلم منذ بضعة أيام حاملا مدخراته وجواز سفره: "إنهم يريدون استخدامنا كدروع بشرية".

وأضاف الجبور "الناس الأبرياء سيقتلون مما يقوي موقف الدولة الإسلامية في الموصل والرقة"، مشيرا إلى أن "المسلحين سيسعون لاستغلال وفيات المدنيين لاجتذاب مزيد من السنة إلى صفوفهم".

وتوجه الجبوري إلى مدينة سامراء القريبة التي تسيطر عليها الحكومة، لكنه يريد الآن مغادرة العراق بالكامل. وقالت الأمم المتحدة، أمس الأربعاء، إنها "تساعد 24 ألف شخص نزحوا إلى منطقة سامراء وحدها بسبب القتال في صلاح الدين".

ويقول مدنيون آخرون انهم "يحاولون الخروج لأن الطرق مغلقة وبعضهم لا خيار أمامه سوى الانتقال إلى مكان آخر داخل الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية إلى الشمال والغرب من تكريت أو جبال حمرين الواقعة إلى الشرق".

وغادر أبو خالد (29 عاما) تكريت قبل فجر السبت الماضي حتى لا يوقفه مسلحو الدولة الإسلامية، الذين كانوا يقيمون عددا من نقاط التفتيش على الطرق آنذاك.

وقطع أبو خالد نحو ألف كيلو متر في مسار دائري عبر ست محافظات للوصول إلى الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد في الشمال. ووصف هذا المسار الدائري في أنحاء الأنبار وكربلاء وبغداد وديالى والعودة إلى صلاح الدين وأخيرا كركوك.

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أمس الأربعاء إن "المدنيين في تكريت يواجهون "خطرا حقيقيا" من مقاتلي الدولة الإسلامية والقوات الحكومية على حد سواء".

وقال جو ستورك، نائب مدير المنظمة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا: "على كل القادة في تكريت التأكد من أن قواتهم تحمي المدنيين والسماح لهم بالفرار من منطقة القتال".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com