صفارات الإنذار تدوي في حيفا والكرمل
كثّف الجيش السوداني سلسلة غاراته الجوية اليومية على مواقع مختلفة في إقليم دارفور غربي البلاد، الواقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع، ما تسبب بمقتل عشرات المدنيين.
وخلّفت غارات الجيش الجوية على دارفور، بمدن "زالنجي والجنينة وقرى محيطة بها"، قتلى وجرحى وسط المدنيين، بينهم أطفال ونساء، لم يتم التأكد من عددهم بعد، إضافة إلى تدمير عدد من منازل المواطنين، وفق شهود عيان لـ"إرم نيوز".
وبحسب الشهود، فإن الطيران الحربي قصف منازل النازحين بمخيم "خمس دقائق" في مدينة زالنجي، ما تسبّب بمقتل 3 أشخاص من أسرة واحدة، وجرح 7 نقلوا إلى مستشفى زالنجي لتلقي العلاج، وحالاتهم خطرة.
وفي غرب دارفور، أفاد شهود عيان بمقتل مواطن، وإصابة آخرين، في غارات نفذها الطيران الحربي التابع للجيش السوداني على قرى يقطنها عرب البدو قرب مدينتي "كرينك والجنينة".
كما أكد شهود العيان لـ"إرم نيوز" أن الطيران الحربي استهدف بغاراته منطقتي "أم القرى" شرق الجنينة و"قلالها" غربي مدينة كرينك، مشيرين إلى أن سقوط نحو 5 براميل متفجرة على منطقة "أم القرى" تسبب بمقتل المواطن "تجاني فضل العسولية"، وإصابة 5 أشخاص آخرين، فضلًا عن تدمير عدد من المنازل.
وقال الشهود إن الطيران الحربي التابع للجيش السوداني أسقط نحو 5 براميل متفجرة أخرى على قرية "قلالها"، تسببت بنفوق عشرات المواشي، بينما لم تخلّف ضحايا بشرية.
وفي مدينة الفاشر شمالي دارفور، ظلت الأحياء الشمالية والشرقية الواقعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع تتعرض بشكل يومي لغارات جوية من الطيران الحربي التابع للجيش السوداني.
كما تعرضت مدينة الضعين شرقي دارفور خلال الأيام الماضية لسلسلة غارات جوية، تسببت بمقتل عشرات المدنيين، كما دمرت جزءا من مستشفى المدينة، ومدرسة كانت مركزا لإيواء النازحين من الحرب.
منشآت حيوية
ومنذ بداية الحرب في السودان، عمد الجيش السوداني إلى شنّ غارات جوية متتالية على مناطق لم تشهد أي نشاط عسكري، كما استهدف منشآت حيوية بينها مصادر المياه في دارفور، ما أدى إلى تدميرها في عدة مواقع، خصوصًا مناطق الرعاة الرُحَّل شمالي دارفور.
وأكد مصدر مطلع لـ"إرم نيوز" أن الطيران الحربي التابع للجيش السوداني دمّر نحو 15 مصدرًا للمياه في منطقة الزُرق من أصل 18، ما أدى إلى نزوح جميع سكان المنطقة، وهم من الرعاة الرُحل.
وأشار إلى أن الطيران الحربي دمّر أيضًا مجمع مياه به أكثر من 4 آبار تعتبر أكبر منتج للمياه حول مدينة مليط، وأصبحت اليوم مدمرة تمامًا بعد أن كان يعتمد عليها الرعاة في سقي مئات الآلاف من رؤوس الأغنام والإبل والماشية، مشيرًا إلى أن هؤلاء سيضطرون إلى النزوح والبحث عن مناطق بديلة تتوفر فيها المياه.
وذكر المصدر أن الجيش السوداني دمّر كذلك مصادر مياه في منطقة تُسمى "جديد السيل" شمالي مدينة الفاشر، وهي أيضًا من بوادي رعاة الإبل.
ويقطن مناطق "الزرق ومليط وغرة زاوية"، وغيرها من المناطق التي جرى استهدافها بالطيران الحربي التابع للجيش السوداني، قبائل "الزيادية والمحاميد والرزيقات".
وسيتعين على هذه المجموعات السكانية التي تحترف الرعي البحث عن مصادر مياه جديدة لمواشيها، ومع قلة موارد الرعي والمياه عمومًا في دارفور، من المتوقع أن تنشأ صراعات قبلية جديدة على هذه الموارد، مما يفاقم أزمة الإقليم الأمنية.
استهداف الحواضن
ويرى الصحفي المهتم بالأوضاع في دارفور، علاء الدين بابكر، أن الغارات التي يشنها الجيش السوداني على المناطق الآمنة في دارفور تأتي في سياق التحريض على السكان المصنفين "أنهم حواضن اجتماعية لقوات الدعم السريع".
وأوضح بابكر أن الجيش بهذه الأفعال يمضي في تأكيد الاتهامات التي تلاحقه، بأنه يمثل جماعة سياسية محددة، وليس كل السودانيين.
وقال لـ"إرم نيوز": إن "الجيش السوداني في كل الحروب التي خاضها كان ضد المواطنين السودانيين، ولم تكن ضد جهة خارجية، إذ ظل منذ خمسينيات القرن الماضي يحارب السودانيين في الجنوب والشمال".
وأشار إلى أن الممارسات اليومية للجيش السوداني خلال هذه الحرب جعلت الناس يصنفونه "أنه يتبع جهة سياسية ومناطقية محددة""، فهو بدلًا من استهداف خصومه، يستهدف المواطنين الأبرياء الذين يعتبرهم حواضن اجتماعية لأعدائه.
وأكد أن المناطق جميعها التي ظل يستهدفها الجيش السوداني في دارفور تقطنها قبائل يقاتل بعض أبنائها في صفوف قوات الدعم السريع، ما يجعل استهدافه لهذه المناطق كأنه عقاب جماعي للسكان.
وذكر أن الجيش يهدف من خلال ضرب ثروات المواطنين الحيوانية وتدمير مصادر المياه إلى استنزاف هذه المجتمعات وحصارها، مما يقودها إلى التهلكة، قائلًا إنها "ممارسات لا تجعله يستحق أن يكون جيش وطن يمثل السودانيين كلهم، وإنما جيش جماعة سياسية واجتماعية محددة".