إلى أين تتجه المواجهة في الأردن بين "الدولة" والإخوان؟
إلى أين تتجه المواجهة في الأردن بين "الدولة" والإخوان؟إلى أين تتجه المواجهة في الأردن بين "الدولة" والإخوان؟

إلى أين تتجه المواجهة في الأردن بين "الدولة" والإخوان؟

يبدو أن مراكز صنع القرار في الدولة الأردنية قد حسمت أمرها تجاه ملف جماعة الإخوان المسلمين في المملكة، بعد عقود شهدت خلالها العلاقة بينهما، تعرجات وهزات كثيرة.

لكن الطرفين كانا دائما يحافظان على شعرة معاوية في العلاقة بينهما، وهو ما لم يعد متاحا الآن، بحسب محللين، فقد وجهت السلطات الأردنية "ضربات" استهدفت مركز قوة التنظيم، بدءا من قرار حل جماعة الإخوان المسلمين ونهاية بقرار اعتقال نقيب المعلمين وأعضاء مجلس النقابة المحسوبين على الجماعة، وكف يدهم عن النقابة وإغلاق مقراتها لمدة عامين.

هذه التطورات ألقت بظلالها على الساحة الأردنية والإقليمية حول طبيعة وشكل العلاقة بين جماعة الإخوان والدولة الأردنية خلال المرحلة المقبلة، فقد رأى محللون في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن التطورات "تنذر بقطع العلاقة كليا بين الطرفين".

وحذر المحللون في الوقت ذاته من "تصاعد التوتر وانعكاس ذلك على الوضع الداخلي في الساحة الأردنية كون جماعة الإخوان ليس من المستبعد أن تعمد إلى التحرك عبر قواعدها الجماهيرية في محاولة لزيادة الضغوط على النظام بشكل مباشر من خلال النقابات المهنية التي تسيطر على بعضها".

ويحشد المعلمون للنزول إلى الشارع، يوم الأربعاء، في محاولة للضغط على الحكومة ودفعها إلى التراجع عن قراراتها بشأن النقابة، وهو ما يمكن أن يتطور إلى صدام مباشر في الميدان.

نقابة المعلمين الهاجس الأكبر

وعلى مر السنوات الأخيرة، شكلت نقابة المعلمين هاجسا بالنسبة للدولة الأردنية، خاصة بعد أن تزعمها محسوبون على جماعة الإخوان، وتنفيذ النقابة الإضراب العمالي الأطول في تاريخ المملكة الذي شل العملية التعليمية لنحو شهر في العام 2019، وأجبر الدولة على الجلوس إلى طاولة الحوار والتفاوض مع نقابة المعلمين.

وجاء تحرك الدولة الأخير ضد نقابة المعلمين، مع تلويح الأخيرة بتنفيذ إضراب آخر رفضا لقرار الحكومة إلغاء العلاوات المالية مؤقتا في ظل جائحة كورونا، وهو ما اعتبرته الحكومة "استقواء على الدولة، وإضرارا بالمصالح العامة".

يقول المحلل والكاتب السياسي الدكتور منذر الحوارات، إن "تحرك الدولة الأخير ضد نقابة المعلمين، جاء لفرض هيبة الدولة، لاسيما في ظل تطبيق قانون الدفاع (الطوارئ) لمواجهة وباء كورونا، بالإضافة إلى تسلح الحكومة بالقاعدة الجماهيرية الواسعة من الشارع التي أيدت إجراءات الحكومة والتي نجحت في مواجهة الجائحة صحيا بالرغم من التداعيات الاقتصادية، فكل هذا وضع الدولة الأردنية في تجاة المواجهة المباشرة مع جماعة الإخوان المسلمين وأذرعها في داخل النقابات المهنية وبخاصة نقابة المعلمين".

لكنه رأى في الوقت ذاته، أنه "كان الأجدر بالحكومة ألا تنهي جسما منتخبا، وإنما كان بالإمكان توجيه التهم لأعضاء مجلس نقابة المعلمين وإحالتهم للقضاء مع استمرار عمل النقابة، وذلك حماية للديمقراطية النقابية وما تشكله هذه المؤسسات من تجربة ديمقراطية".

وينوه الحوارات في حديث لـ"إرم نيوز"، إلى أن "إخوان الأردن يتمتعون ببنية تحتية قوية في المساجد والمدارس القرآنية والجامعات؛ ما منحها قاعدة سياسية وتنظيمية جاهزة، لذلك لم يكن مفاجئا أن يفوز مرشحو الجماعة وغيرهم من المرشحين المحسوبين عليها في أي انتخابات سواء أكانت نيابية أم نقابية، وهو ما ينذر بارتفاع وتيرة الخصومة والتوتر مع الدولة وقد تنفجر اجتماعيا وتظهر في الشارع".

من "الود" إلى الصدام

وحول شكل العلاقة بين الدولة الأردنية والإخوان، يقول الحوارات: "مع بداية تشكل جماعة الإخوان في الأردن عام 1945، كانت العلاقة بينها وبين النظام، قائمة على الود وكانت تعمل وفق القوانين على مدى عقود الأحكام العرفية السابقة؛ ما أتاح للإخوان بناء قاعدة جماهيرية كبيرة وعلى نظر الدولة".

ويضيف: "لكن مع انطلاق موجة ما عرف بالربيع العربي، نهاية 2010، تغيرت الأمور وأصبحت الدولة الأردنية تنظر إلى الجماعة على أنها في طور التمرد وقد لا تكون شريكا كما كانت في السنوات والعقود الماضية وبدأت النظرة تتغير لبحث إستراتيجية جديدة للتعامل مع هذه الجماعة".

ويتابع: "وفي ظل التغيرات الإقليمية وما مورس على الأردن من ضغوط فيما يتعلق بملف الإخوان، وجدت عمان نفسها مضطرة لاتخاذ قرار حاسم لمواجهة الأبعاد الاجتماعية والسياسية التي كونتها الجماعة في الشارع الأردني لمنع محاولات استخدام هذه الأبعاد لتحقيق مصالح الجماعة".

ويشير في هذا السياق، إلى أن "فكرة اجتثاث التيار الإخواني أو على الأقل وضع ضوابط مشددة على حركته، كانت موجودة في أذهان صناع القرار في الأردن منذ فترة، لكنهم كانوا بانتظار التوقيت المناسب للتخلص من عبء تواجد الجماعة القوي على الساحة المحلية، والتخلص من الضغوطات الإقليمية".

انزعاج الدولة

من جانبه، يقول عضو البرلمان الأردني سابقا والمحلل السياسي الدكتور هايل ودعان الدعجة، إنه بعد الهزة التي شهدتها العلاقة بين الدولة الأردنية والإخوان إبان فترة الربيع العربي، وانزعاع الدولة من تصرفات الجماعة، كان هناك أمر آخر أزعج السلطات أيضا، وهو ما اعتبره البعض "وقوف الإخوان خلف نقابة المعلمين في محطتين: الأولى تمثلت في إضراب عام 2019، والثانية تمثلت في لغة التحدي الصادرة عن النقابة وتحديدا نائب النقيب ناصر النواصرة وبعض أعضاء مجلس النقابة والتي انطوت على استقواء وتنمر فيما يتعلق بالمطالبة بالعلاوة التي وعدت الحكومة بصرفها بداية العام الجاري".

ويضيف الدعجة في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "الحكومة فسرت وقوف جماعة الإخوان خلف هذا التعنت النقابي، بأنه تحد واضح للدولة دفع باتجاه اتخاذ قرار حاسم خاصة بعد أن قضت محكمة التمييز، أعلى سلطة قضائية في الأردن، منتصف الشهر الجاري، باعتبار جماعة الإخوان منحلة بسبب عدم تصويب أوضاعها القانونية".

الانتخابات النيابية

وقال النائب السابق الدعجة إن "هذا الأمر قد يدفع بالحكومة إلى ممارسة الضغط على الجماعة باتجاه الالتزام بقرار المحكمة وضرورة تنفيذه والالتزام به ،  إضافة إلى احتمالية فتح المجال أمام تيارات إسلامية أخرى لمنافسة حزب جبهة العمل الإسلامي ( الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين ) في الانتخابات النيابية القادمة بطريقة قد تضعف من فرصها بتحقيق نتائج لافتة ، بما يمكن اعتباره بمثابة رسالة رسمية لجماعة الاخوان بانتهاء فترة الأجواء الإيجابية بينهما ".

الإخوان يردون

استنكر حزب جبهة العمل الإسلامي ما وصفه بـ"الحملة المسعورة التي تقوم بها الحكومة ضد الحريات العامة وتكريس نهج الأحكام العرفية وسياسة التأزيم، والتي كان آخرها ما قامت به الحكومة من إجراءات تعسفية ضد نقابة المعلمين"، على حد تعبير الحزب.

واعتبر الحزب في بيان صادر عنه السبت، أن "ما جرى بحق نقابة المعلمين يعكس كونه قرارا سياسيا واستمرارا للعقلية العرفية التي توسعت فيها الحكومة تحت مظلة قانون الدفاع"، محذرا من أن "مثل هذه الإجراءات ستزيد من حالة الاحتقان المجتمعي وتأزيم الحالة الوطنية".

الدولة قوية

ماذا بعد؟

وحول مستقبل العلاقة بين الطرفين، يرى المحلل السياسي منذر الحوارات أن "الدولة قد تبقي على بعض الأوراق من أجل المساومة عليها وخلق بديل يكون مقبولا سياسيا وفكريا ومنشقا عن الحركة الأم وهو ما شهدته الساحة السياسية الأردنية فعلا"، في إشارة إلى تشكيل "جمعية جماعة الإخوان المسلمين" التي رخصتها الحكومة رسميا.

ويحذر المحلل السياسي في الوقت ذاته من إمكانية أن تلجأ الجماعة في ظل الهزات التي تعرضت لها أخيرا إلى "العمل السري؛ ما يشكل خطرا ومواجهة سياسية، وعليه يجب على الدولة فتح قنوات حوار وفقا لقوانين وضوابط محددة واحتواء الجماعة لحماية التكوين المجتمعي الأردني المبني على المشهد السياسي".

وكانت محكمة التمييز الأردنية أصدرت، في منتصف الشهر الجاري، قرارا حاسما يقضي باعتبار جماعة الإخوان المسلمين "منحلة حكما وفاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية"، لعدم قيامها بتصويب أوضاعها القانونية.

وكانت قوات الأمن الأردنية أخلت مقر جماعة الإخوان المسلمين في عمان وأغلقته بالشمع الأحمر في عام 2016.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com