"فورين بوليسي": الانتخابات الرئاسية الأمريكية تحدد مستقبل بشار الأسد
"فورين بوليسي": الانتخابات الرئاسية الأمريكية تحدد مستقبل بشار الأسد"فورين بوليسي": الانتخابات الرئاسية الأمريكية تحدد مستقبل بشار الأسد

"فورين بوليسي": الانتخابات الرئاسية الأمريكية تحدد مستقبل بشار الأسد

رأت مجلة "فورين بوليسي" أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة ستحدد مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد، مؤكدة أن نهج الولايات المتحدة تجاه سوريا لن يتغير، ولكن التوجهات المتشعبة تجاه إيران يمكن أن يكون لها تأثير غير مباشر على الاقتصاد السوري ونظام الأسد.
وقالت المجلة الأمريكية، في تقرير نشرته اليوم الأربعاء: "أضعف التأثير الاقتصادي للحرب الأهلية السورية الدولة، وأصبح يهدد بموجة جديدة من الاضطرابات، وفي الوقت الذي تسوء فيه الأوضاع الاقتصادية أيضا في إيران، الداعم المالي الرئيس للحكومة السورية، حيث يتجاوز دعمها الحليف الروسي، فإن سوريا أصبحت مجبرة على الاعتماد على مواردها المحدودة، الآن فإن بقاء الرئيس السوري بشار الأسد أصبح مرتبطا بنتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل، وما ستعنيه بالنسبة للعلاقات الأمريكية - الإيرانية".
العنصر الإيراني
وأضافت أن "تدهور الاقتصاد السوري يرجع إلى تدمير البنية التحتية منذ بدء الحرب الأهلية في عام 2011، إضافة إلى العقوبات الاقتصادية الصارمة التي فرضتها الولايات المتحدة. وقال البنك الدولي في أغسطس 2019 إن الناتج الإجمالي المحلي في سوريا تراجع إلى ثلث المستوى الذي كان عليه قبل اندلاع الصراع. ووفقا للتقرير، فإن 64% من النمو السلبي جاء نتيجة دمار رأس المال الحكومي".



وتابعت "في الظروف الطبيعية فإنه يمكن لسوريا أن تعتمد على الدعم المالي الإيراني، ولكن العقوبات الاقتصادية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إيران وضعت الاقتصاد الإيراني في وضع سيئ للغاية، وأجبرت طهران على البحث عن الموارد المحدودة، وتركت سوريا لتواجه أزمتها الاقتصادية منفردة".

وقالت المجلة "تسبب وباء كورونا في توجيه ضربة مؤلمة جديدة للاقتصاد الإيراني، أسفرت عن هبوط الناتج الإجمالي المحلي بنسبة 15%".

تأثير قرارات ترامب
وبينت المجلة أن "السياسة الأمريكية تجاه سوريا تحظى بتوافق من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، حيث تبنت إدارتا أوباما وترامب توجهات متشابهة مع دمشق، حيث قامتا بعمليات عسكرية واسعة النطاق لدحر تنظيم داعش الإرهابي، وفرض عقوبات اقتصادية صارمة على الاقتصاد السوري، يمكن للرئيس السوري بشار الأسد أن يعتمد على إيران في دعم اقتصاد بلاده، ولهذا السبب فإن نهج الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما والحالي دونالد ترامب مع إيران كان له التأثير الأكبر على اقتصاد سوريا".
وأوضحت "تفاوض أوباما على الاتفاق النووي الإيراني في عام 2015 ضمن أمور أخرى، وخفف العقوبات المفروضة على طهران، إذ أدى الاتفاق إلى رفع التجميد عن العديد من الأصول الأجنبية الإيرانية، وسمح لاقتصادها بالازدهار مرة أخرى، وهو ما منحها الفرصة كي تدعم حلفاءها في الخارج، ومن بينهم سوريا، ورحب الأسد ومستشارته بثينة شعبان بالاتفاق، وتوقعا أن يستمر الدعم الإيراني ويمضي قدما".


وتابعت "كان الدعم الإيراني عنصرا حاسما في بقاء نظام الأسد على قيد الحياة، واستغل هذا الدعم في هزيمة تنظيم داعش وقوات المعارضة، وإعادة نفوذه إلى معظم أنحاء البلاد. ولعبت روسيا دورا رئيسا على الصعيد السياسي، من خلال حماية سوريا أكثر من 14 مرة من قرارات الأمم المتحدة، حيث استخدمت حق النقض الفيتو لصالحها في مجلس الأمن".
وأكدت المجلة الأمريكية أن قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني وإعادة فرض العقوبات على إيران عام 2018 قلب المعطيات من جديد، بعد هذا القرار قالت وكالة أنباء مقربة من النظام الإيراني إن الخط الائتماني الإيراني تأثر بشدة، وتسبب في انهيار القطاع النفطي الإيراني، الذي تعتمد عليه طهران بشدة.


معاناة اقتصادية شديدة
وذكرت المجلة أن النظام السوري فرض إجراءات تقشفية شديدة، في أعقاب الأزمة الاقتصادية التي تعرضت لها إيران.

وأصدر الرئيس السوري بشار الأسد مرسومين تشريعيين عام 2019 يقضيان بزيادة المعاشات وأجور موظفي الحكومة، بهدف تعزيز القدرات المالية للمواطنين السوريين، على أمل أن يؤدي ذلك إلى زيادة في الطلب على البضائع والخدمات، وفي النهاية تحفيز الاقتصاد السوري.
وبيت المجلة "كان منطق الرئيس الأسد في اتخاذ تلك الإجراءات صحيحا، ولكن توجهاته السياسية تعرضت لعوائق تتمثل في الضعف الاقتصادي الموروث، فإضافة إلى ضياع دمار رأس المال الحكومي، فإن العقوبات الاقتصادية قطعت العلاقات بين سوريا والأسواق الدولية، وتسببت في تقليص قدراتها على جذب الاستثمارات الأجنبية، وهو ما أدى إلى تقييد قدراتها الإنتاجية".
وأضافت "الأهم من ذلك هو أن القدرات المالية السورية نحو التمويل الذاتي للاقتصاد محدودة للغاية، خاصة أن مالكي العقارات في سوريا أصبحوا مجبرين على الاستعانة بالمدخرات المالية كي يستطيعوا الوفاء بالالتزامات المفروضة عليهم، وحتى الطبقة الثرية في سوريا، فإنها لا تستطيع أن تقدم إلا مساعدة بسيطة للغاية، فقد قامت بسحب معظم أموالها من البنوك السورية واستثمرتها في دول مجاورة".



ورأت "فورين بوليسي" أن الإغاثة التي كانت ممكنة بالنسبة للنظام السوري من جانب الموارد الطبيعية في الدولة لم تعد متاحة أيضا، بعد أن فقد النظام السيطرة على حقول النفط، إضافة إلى العقوبات الأمريكية التي تحظر تصدير النفط إلى سوريا.
ومضت المجلة "حتى مع مبادرات الرئيس السوري بشار الأسد بمنح المزيد من الأموال إلى السوريين، فإنهم لم يستطيعوا أن يتغلبوا على سلسلة التحديات التي تواجه الاقتصاد، فالبنك المركزي السوري أصبح عاجزا في ضوء نضوب إمدادات العملة الأجنبية والذهب، وهو ما جعل البنك غير قادر على التوازن في سعر الصرف، وكذلك تمويل شراء الواردات من الخارج".

نوفمبر الحاسم
ونتيجة للاعتماد الكبير بالنسبة للاقتصاد السوري على الدعم المالي الإيراني، فإن مستقبل الدولة، وكذلك مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد نفسه، وفقا للمجلة الأمريكية، يعتمد على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل.


إذا فاز ترامب بولاية ثانية فإن الوضع لن يختلف كثيرا بالنسبة للسوريين، حيث من المتوقع أن تستمر إدارة ترامب في فرض أقصى أنواع الضغط على إيران، مع استمرار فرض العقوبات القاسية على طهران، وتجبرها على تركيز مواردها لصالح اقتصادها المتعثر، مع تعزيز الاستياء الشعبي ضد النظام الإيراني.
ولكن في حالة فوز المرشح الديمقراطي المحتمل جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فإنه من المتوقع أن تعود الولايات المتحدة إلى الدبلوماسية مرة أخرى، وتختار التعامل مع إيران، وتعود مرة أخرى إلى الاتفاق النووي السابق، وبالتالي فإنه من المتوقع أن تقوم إدارة بايدن برفع بعض العقوبات المفروضة على إيران، ما سيسمح لها بتوجيه بعض مواردها للخارج.
ورأت المجلة الأمريكية أن الخطر الكامن من تلك الخطوة أن الرئيس السوري بشار الأسد، سيتمكن من تعزيز قبضته في سوريا، وستكون تلك الخطوة أيضا عاملا في تقويض نظام العقوبات الأمريكية، وستطلق يد إيران في الشرق الأوسط، ولكنها ستؤدي أيضا في نفس الوقت إلى تخفيف المعاناة التي يواجهها الشعب السوري، وتعيد الاقتصاد مرة أخرى إلى مسار الاستقرار.
وخلصت المجلة إلى أنه بغض النظر عن نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وسواء كان الرئيس هو ترامب أو بايدن، فإن هذا لن يؤدي إلى رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، وأن النمو المحتمل لسوريا سيظل مقيدا طالما استمر الأسد على رأس السلطة، ولكن إذا نجحت سوريا في الحصول على الدعم الإيراني فإن الأسد سيظل ممسكا بزمام السلطة إلى الأبد.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com