السودان يتعثر في مرحلته الانتقالية في غياب دعم جديد من المانحين‎
السودان يتعثر في مرحلته الانتقالية في غياب دعم جديد من المانحين‎السودان يتعثر في مرحلته الانتقالية في غياب دعم جديد من المانحين‎

السودان يتعثر في مرحلته الانتقالية في غياب دعم جديد من المانحين‎

بادر السودان على نحو مفاجئ إلى الانفتاح على إسرائيل وأعلن عن دفع تعويضات بخصوص تفجير سفينة حربية أمريكية قبل 20 عاما وقال إنه سيتعاون تعاونا كاملا مع المحكمة الجنائية الدولية في القضايا المتصلة بإقليم دارفور.

وكل هذه الإجراءات قد تساعد على إعادة بناء علاقات السودان مع الغرب بعد قطيعة دولية لعقود وعلى حصوله على دعم مالي هو في أمس الحاجة إليه لاقتصاده المترنح.

لكن الخطوات  المتخذة خلال الشهر المنقضي  قد لا تكون كافية.

فالمانحون الدوليون يقبضون أيديهم، مطالبين بمزيد من الشفافية بشأن الإنفاق العام والعسكري وبخطة إصلاح اقتصادي وإلغاء دعم الوقود الذي تقدر تكلفته بنحو 3.5 مليار دولار سنويا.

ويقول بعض السودانيين إن مبعث الخطر يكمن في احتمال انهيار الاقتصاد لغياب الدعم الكافي، وهو ما قد يتسبب بدوره في تأجيج صراع سياسي ربما يهدد آفاق عهد ديمقراطي جديد.

وليس واضحا بعد متى يمكن أن يتوفر دعم حقيقي.

واجتمع مانحون محتملون من الغرب والخليج عدة مرات لكنهم أرجؤوا إلى يونيو حزيران مؤتمر "أصدقاء السودان" الاقتصادي الذي قد يشهد تعهدات بتخصيص مساعدات بعد أن كان من المقرر عقده في أبريل نيسان.

وأشارت الولايات المتحدة إلى إمكانية رفع السودان من قائمتها للدول الراعية لـ"الإرهاب" لكنها لم تحدد إطارا زمنيا لذلك.

استمرار إدراج السودان على القائمة يعقد جهود التفاوض على اتفاق يحل أزمة دين السودان الخارجي ويسمح بحصوله على التمويل من مقرضين دوليين ويعيد ربطه بالنظام المصرفي الدولي.

أزمة اقتصادية

من المقرر أن تبقى حكومة خبراء، تشكلت بموجب اتفاق لتقاسم السلطة بين المدنيين والجيش، في السلطة حتى أواخر 2022، وتواجه هذه الحكومة أزمة اقتصادية تفاقمت منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير الذي استمر في الحكم طويلا في أبريل/ نيسان.

وقال وزير الإعلام فيصل صالح: "لدينا أفكار اقتصادية لكيفية التغلب على ذلك، لكن كل هذه الفرضيات تعتمد على قدر ما من المساعدات الخارجية.. نحتاج مساعدات ضخمة وحقيقية".

كان وزير المالية قد قال في نوفمبر/ تشرين الثاني إن الحكومة بحاجة لما يصل إلى خمسة مليارات دولار لتفادي انهيار الاقتصاد.

ومنذ ذلك الحين، يسعى المسؤولون لمواجهة أزمة نقص الوقود والخبز المرتبطة بشح الدولار وتهريب السلع المدعمة، على الرغم من تقديم دول الخليج مساعدات للسودان.

وتجاوز التضخم 60 بالمئة - أحد أعلى المعدلات في العالم - ما أصاب القدرة الشرائية بالشلل. وصار أكثر من تسعة ملايين شخص، من إجمالي عدد سكان آخذ في التنامي يبلغ حاليا 43 مليون نسمة، في حاجة للمساعدات الإنسانية في حين زادت معدلات سوء التغذية للأطفال.

ويقول وزراء إنهم أحرزوا تقدما فيما يتعلق بعملية السلام الرامية لحل الصراعات الداخلية المحتدمة منذ أمد بعيد، لكن التحديات الاقتصادية أكبر من المتوقع وتهدد المرحلة الانتقالية الهادفة إلى بدء عهد ديمقراطي جديد.

ورغم أن الحكومة مازالت تحظى بالشعبية في الشارع، يقول دبلوماسيون ومحللون إنها مرتبكة ويخشون من نفاد صبر الناس.

وقال سليمان بالدو، كبير مستشاري السياسات في مجموعة إناف بروجكت للأبحاث التي مقرها واشنطن: "لا أعتقد أنه يوجد وعي إستراتيجي بأن هذه اللحظة التاريخية فارقة للغاية بالنسبة للسودان.

"إما الانتقال للحكم المدني والديمقراطي وإما الانحدار إلى وضع الاقتصاد الفاشل والدولة الفاشلة".

وتواجه الحكومة معارضة داخلية بسبب الإصلاحات الاقتصادية، وتراجع وزراء عن اتخاذ خطوات كبرى بشأن الدعم، لحين عقد اجتماع اقتصادي في أواخر مارس آذار مع قوى الحرية والتغيير، وهو تحالف حركات سياسية ساندت الانتفاضة وخاضت مفاوضات تقاسم السلطة.

الفساد

هذه مشكلة بالنسبة للمانحين، وقال دبلوماسي غربي: "إذا لم يفعلوا شيئا فيما يتعلق بدعم الوقود، فإنهم لن يحصلوا على أي أموال، هذا هو الوضع ببساطة".

وأضاف أن إعلان نظام تسعير مزدوج في بعض محطات الوقود من منتصف فبراير شباط الجاري لم يكن كافيا.

وتقول تيارات يسارية ذات نفوذ ضمن قوى الحرية والتغيير إنها لا توجد حاجة للدعم الخارجي، وتفضل هذه التيارات التركيز على استعادة الأموال المهدرة بفعل الفساد ومحاولة استعادة الثروات المتراكمة لدى الأجهزة الأمنية السودانية من عهد البشير.

وجرى اتخاذ خطوات لتحييد شبكات الإسلاميين القائمة منذ عهد البشير في الوزارات وأجهزة المخابرات لكن القيادة العليا للجيش وقوات الدعم السريع تقود مجلس السيادة على مدى أول 21 شهرا من المرحلة الانتقالية وبالتالي توجد صعوبة في تحدي مصالحهم.

ومازال التحقيق جاريا في واقعة تفريق احتجاج بالقوة الأسبوع الماضي، وأيضا فض اعتصام في يونيو/ حزيران قالت جماعات مدنية إنه أسفر عن مقتل ما يزيد على 100 شخص على يد قوات الرد السريع - وهي اتهامات سعت تلك القوات للتصدي لها.

وقال نبيل أديب (77 عاما)، وهو رئيس فريق الدفاع في هذه القضية، إن النتائج، مهما كان ما سيجري التوصل إليه، سيكون لها أثر "مدمر" لكن كبار قادة الجيش ستكون لهم الحصانة إلا إذا رفعتها عنهم المحكمة الدستورية أو لجنة تشريعية لم تتشكل بعد.

وقال صادق فاروق، وهو أحد الشخصيات القيادية في قوى الحرية والتغيير وينتمي للحزب الشيوعي السوداني، إن العسكريين يستغلون المرحلة الانتقالية لتوسيع نفوذهم.

وقال فاروق: "الدعم ليس سببا في الأزمة المالية، بل يكمن السبب في (طريقة) تخصيص الموارد داخل السلطة الانتقالية".

وأضاف: "زيادة المعونات لن تحل مشاكل السودان".

وفيما يتعلق بميزانية العام الحالي، أعلن المسؤولون عن مساهمة من الجيش بملياري دولار لكن دبلوماسيين رأوا في هذا العرض دليلا على قوة اقتصادية غير مقبولة.

ويعمل قائد قوات الدعم السريع في السودان محمد حمدان دقلو، الذي له مصالح في تجارة الذهب، على تحسين صورته مستغلا عملية السلام للانخراط مع جماعات متمردة خاض في وقت سابق معارك ضدها في إقليم دارفور غرب البلاد.

واعترف صالح بوجود "بعض المقاومة" لمحاولات الحد من نفقات الجيش ووضع الموارد الاقتصادية تحت سيطرة مدنية، لكنه قال إنه لا بديل عن تقاسم السلطة، وأضاف "هي شراكة صعبة للغاية لكن علينا العمل سويا".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com