الوقائع التي غيرت موقف محمد بن زايد من الإخوان المسلمين
الوقائع التي غيرت موقف محمد بن زايد من الإخوان المسلمينالوقائع التي غيرت موقف محمد بن زايد من الإخوان المسلمين

الوقائع التي غيرت موقف محمد بن زايد من الإخوان المسلمين

تتبعت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في تقرير مطول عن ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، العوامل التي كونت موقف الرجل القوي من جماعات الإسلام السياسي، خاصة جماعة الإخوان المسلمين، الأكثر انتشارا.

وأوضحت الصحيفة في تقريرها، أن اللبنة الأولى في تكوين تصورات الشيخ محمد حول الجماعة، كانت مستمدة من نهج والده الراحل الشيخ زائد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الإمارات العربية المتحدة، والذي اتسم بالانفتاح، والترويج لثقافة التسامح.

وسردت الصحيفة بعض المواقف التي دارت بين الشيخ محمد بن زايد ووالده، والتي كان لها تأثير كبير في تشكيل تصوراته ونظرته للعالم من حوله، حيث يقول ولي عهد أبوظبي: "إن نهج التعددية لدى والده أصل مناهضته للإسلاميين".

عوامل مؤثرة

ووفقا للتقرير فإن الشيخ محمد بن زايد عرف الإخوان عن قرب في طفولته المبكرة، حيث كان لديه معلم مصري، ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين.

وأشار التقرير، إلى أن الشيخ زايد لم يكن لديه علم بأن ابنه محمد "عاش تحت تأثير الفكر الإخواني لسنوات"، لكن التنظيم لم يكن وقتذاك يعتبر تهديدا في الإمارات.

أكمل محمد بن زايد عامه الثامن عشر في 1979، وهو العام الذي غزا فيه الاتحاد السوفيتي أفغانستان، وأظهر المقاتلون الأفغان مقاومة بطولية، ما دفع الشباب المسلم من جميع أنحاء العالم للتدفق على بيشاور للانضمام إليهم.

 في الوقت نفسه، أطاحت المظاهرات الشعبية بشاه إيران، وعاد آية الله الخميني إلى وطنه لقيادة الثورة.

بالنسبة للعديد من الناس، ربطت هذه الأحداث بفكرة مثيرة مفادها أن "الأنظمة المدعومة من الغرب قد فشلت في المنطقة، والآن سيوفر الإسلام الدليل الإرشادي لمجتمع أفضل وأكثر أصالة".

كل هذه المعطيات جعلت أفكار الشاب الطموح، مسلطة على كيفية التعامل مع الموج المتدفق من الأفكار، والجماعات المناهضة للدول والأنظمة القائمة في المنطقة، من موقعه كضابط رفيع في جيش الإمارات، وابن حاكم البلاد.

لحظة تاريخية

 وشكلت هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية لحظة فارقة في حياة محمد بن زايد، حيث اكتشف عمق التهديد الذي تشكله الحركات الإسلامية، وحالة إنكار العالم العربي لذلك.

ويقول كاتب التقرير: "أخبرني محمد بن زايد، أنه اندهش من تصريحات رئيس دولة عربية التقى والده في زيارة إلى أبو ظبي، حيث اعتبر أن المسؤول عن الهجمات عناصر متصلة بسي آي آيه أو الموساد".

و بعد أن غادر ذلك الرئيس، التفت الشيخ زايد إلى ولده، الذي حضر الاجتماع وسأله عن رأيه ليرد محمد: "أبي لدينا أدلة".

وفي ذلك الخريف، اعتقلت الأجهزة الأمنية الإماراتية حوالي 200 إماراتي وحوالي 1600 أجنبي كانوا يخططون للذهاب إلى أفغانستان والانضمام إلى تنظيم القاعدة، بما في ذلك ثلاثة أو أربعة كانوا ملتزمين بأن يصبحوا انتحاريين.

وفي الخريف نفسه، أجرى محمد بن زايد حوارا مع والده أدى إلى تغيير طريقة تفكيره في الإسلام السياسي.. يقول محمد بن زايد إنه عندما دخل إلى مكتب والده بخبر هام: مفاده أن الأمريكيين يرسلون قوات إلى أفغانستان، قال الشيخ زايد إنه يريد انضمام القوات الإماراتية إليهم.

محمد بن زايد الذي كان رئيسا لأركان القوات المسلحة بحلول ذلك الوقت، قال إنه لم يكن مستعدا للأمر، إذ اعتبر أن القيام بدور نشط في الحملة الأمريكية من شأنه أن يثير قضايا حساسة، بالنظر إلى أن البعض يصفونها بأنها حرب ضد الإسلام.

وبعد أن استشعر عدم ارتياح ابنه من احتمال إرسال قوات، قال زايد: "أخبرني، هل تعتقد أنني أفعل ذلك من أجل بوش؟ " قال نعم .. فرد زايد: هذه 5 في المئة منه"، ثم  قال "هل تعتقد أنني أفعل هذا لإبعاد بن لادن؟" هز رأسه موافقا .. فقال زايد "هذه 5 في المئة أخرى".

وطلب محمد بن زايد من والده الشرح، فقال زايد: "لقد قرأت القرآن والحديث ". "وأنت تؤمن بهما؟" بالطبع، أجاب ابنه... ثم قال زايد: "محمد، هل تعتقد أن هذا الرجل (بن لادن) الذي يتجول في أفغانستان يفعل ما أراد النبي أن نفعله؟ "  فقال: لا.. ثم أخبره والده بشدة: "أنت على حق يتم اختطاف ديننا".

وبعد فترة وجيزة من هجمات 11 سبتمبر، أجرى بن زايد استعراضا من أسفل إلى أعلى لجميع نقاط الضعف في بلده أمام الهجمات الإرهابية.

 تقول مارسيل وهبة، التي وصلت كسفير جديد للولايات المتحدة في أكتوبر من ذلك العام: "أعتقد أن الحادي عشر من سبتمبر جعله يبحث داخليا؛ لإعادة تقييم القطاعات الرئيسة من التعليم إلى التمويل.. لقد مروا بكل ذلك بشكل منهجي للغاية.. قام بتشكيل فريق، بما في ذلك إخوته وكبار المستشارين، وعملوا بلا كلل لإصلاح الثغرات".

وتضيف وهبة: "لقد انطلقوا لتسجيل جميع سبل الحوالات، وهي نظام تحويل الأموال غير الرسمي الذي يستخدمه الإرهابيون في كثير من الأحيان.. و بدأوا في البحث عن طرق لتحسين مراقبة شبكات التجارة والتمويل المترامية الأطراف التابعة للإمارات.

وتتابع: "كان الكثير من هذا يهدف إلى ردع الإرهابيين الذين يعبرون الإمارات، لكن خطر الهجمات داخل البلاد كان حقيقيا أيضا".

وفي السنوات التالية أحبطت السلطات في الإمارات سلسلة من المؤامرات الإرهابية من قبل الجماعات الجهادية، بما في ذلك خطة العام 2005 لهجوم ثلاثي بسيارات مفخخة ضد فندق خمس نجوم، بحسب التقرير.

في الوقت نفسه شن محمد بن زايد هجوما أوسع على الفكر المتطرف، حيث كان العديد من الإسلاميين في الإمارات ينتمون إلى جمعية الإصلاح، وهي جماعة تأسست في سبعينيات القرن الماضي، وكانت المكافئ المحلي لجماعة الإخوان المسلمين، وكان من بينهم الآلاف من الأجانب، معظمهم من مصر، تم الترحيب بهم قبل عقود لسد حاجة جامعة الإمارات العربية المتحدة للمهنيين المتعلمين والبيروقراطيين.

ويقول كاتب التقرير: إن "محمد بن زايد أذن بإقالة المعلمين الإسلاميين وإعادة كتابة الكتب المدرسية في البلاد. وفي هذا الصدد يمكن لمعظم الإماراتيين الذين أعرفهم أن يرووا قصصا مروعة عن معلمي المدارس الابتدائية، حيث كانوا يحدثونهم عن أمجاد الجهاد العنيف وفساد الكفار".

ويشير التقرير إلى أن الكتب المدرسية، التي كتبها أعضاء جماعة الإخوان، قد عملت على تعزيز تلك المفاهيم حتى في مواضيع مثل التاريخ والرياضيات.. إذ احتوت مثلا على أمثلة "إذا قتلت ثلاثة مستوطنين يهود وفقدت اثنين، فما هو المجموع؟".

وشارك محمد بن زايد في حوار من نوع ما مع الإسلاميين في الإمارات، ويقول إن التجربة "أثبتت أنهم لا يمكن الوثوق بهم" بحسب التقرير.

ويوضح التقرير، أن الشيح محمد "بدأ بعد هجمات 11 سبتمبر، بالاجتماع مع أعضاء الإصلاح وحثهم على العودة إلى الجموع الوطنية. في البداية، وعرض عليهم الابتعاد عن السياسة والحفاظ على عملهم الخيري، لكنهم ردوا بقوائم مطالبهم، لتنتهي تلك المحاولات بعد اجتماع متوتر في العام 2003".

وفي العام 2014 ، حددت الحكومة جماعة الإخوان المسلمين رسميا بأنها جماعة إرهابية.

 مسار مواز

من جهة أخرى، أشار التقرير إلى أن الشيخ محمد بن زايد بذل جهودا هادئة أخرى؛ لترسيخ ثقافة الاعتدال في مواجهة التطرف الديني، من خلال توفير منصة للعلماء الدينيين الذين اتبعوا نهجا هادئا.

وأورد التقرير نماذج مثل العالم البارز علي الجفري، وعبد الله بن بيه، العالم الموريتاني الصوفي الشهير الذي يرأس الآن مجلسا إماراتيا يشرف على الأحكام الدينية في دولة الإمارات العربية المتحدة. كما بدأ تصدير نهجه المعتدل عبر برامج تدريبية للأئمة في الخارج، بمن فيهم الآلاف من الأفغان.

وفي محصلة للجهود التي بذلها الشيخ محمد بن زايد أورد التقرير "أن دراسات استقصائية أظهرت أن معظم الشباب العربي يفضل العيش في الإمارات أكثر من أي مكان آخر - بما في ذلك الولايات المتحدة أو كندا" ما يعني أن هذا النهج يؤتي أكله بحسب الصحيفة الأمريكية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com