هل توظف إسرائيل اغتيال سليماني لصالح حربها ضد الوجود العسكري الإيراني في سوريا؟
هل توظف إسرائيل اغتيال سليماني لصالح حربها ضد الوجود العسكري الإيراني في سوريا؟هل توظف إسرائيل اغتيال سليماني لصالح حربها ضد الوجود العسكري الإيراني في سوريا؟

هل توظف إسرائيل اغتيال سليماني لصالح حربها ضد الوجود العسكري الإيراني في سوريا؟

تعمل إسرائيل منذ سنوات على مكافحة التواجد الإيراني في سوريا، ومنع ترسيخ أقدام إيران عسكريا على مقربة من حدودها الشمالية، خشية فتح جبهة جديدة تستهدفها من ناحية الجولان السوري، إضافة إلى جبهة حزب الله في جنوب لبنان، وتقول إنها لن تسمح لإيران بنقل أسلحة متطورة عبر مسار بري يمتد من طهران إلى بيروت مرورا ببغداد ودمشق.

وشهدت السنوات الأخيرة عشرات الغارات الإسرائيلية التي استهدفت في المجمل المشروع الإيراني في سوريا.

وتقول إسرائيل إن قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني، الذي اغتالته الولايات المتحدة الأمريكية فجر الجمعة الماضي، أشرف على الشق الميداني للمشروع الإيراني، وشكل خطرا أساسيا ضدها، ومن ثم ترى أن اغتياله يحمل فرصة كبيرة لوأد المشروع الإيراني لو استغلت بالوجه الأمثل، ولا سيما وأن خليفته الجنرال إسماعيل قا آني، لا يمتلك نفس العلاقات الشخصية القوية التي امتلكها سليماني، سواء في سوريا أو لبنان أو حتى إيران.

تطور إيجابي

وفق ورقة تقدير موقف أعدها يوني بن مناحم، المحلل السياسي بـ "مركز القدس للشؤون العامة"، أحد مراكز الفكر الإسرائيلي، والذي يهتم بالتحديات الأمنية والإستراتيجية والدبلوماسية والقانونية التي تواجه إسرائيل، فإن الفراغ الميداني في الساحة السورية، الذي خلفه اغتيال سليماني، بوصفه الشخص الذي كان يتولى مهمة تنفيذ المشروع الإيراني على الأرض، يشكل فرصة للدولة العبرية لزيادة عملياتها التي تستهدف التواجد الإيراني هناك.

وذكر بن مناحم بأن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي، كان قد أكد يوم 25 كانون الأول/ ديسمبر 2019، أن الجيش مستعد لحرب محدودة أو أبعد من ذلك أمام إيران، وأن إسرائيل لا يمكنها السماح بنقل الأسلحة من العراق إلى سوريا من دون التدخل، مشيرا إلى أن هذا التصريح جاء قبل اغتيال سليماني بغارة أمريكية استهدفته قرب مطار بغداد.

واعتبر أن اغتيال سليماني يعد تطورا إيجابيا بالنسبة لإسرائيل، حيث يشكل ضربة لمحاولات الهيمنة الإيرانية في سوريا، وهو الملف الذي تعمل إسرائيل على معالجته منذ سنوات على أساس المخاطر التي يشكلها بالنسبة لأمنها.

تواجد إيراني قوي

بدأت محاولات إيران ترسيخ أقدامها في سوريا، وفق المركز، عام 2012، حيث أرسلت قوات تابعة لـ "فيلق القدس"، الذراع الخارجية للحرس الثوري، وعناصر من منظمة "حزب الله" اللبنانية لدعم الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب الأهلية مقابل إقامة قواعد عسكرية إيرانية في سوريا، فيما أشرف الجنرال سليماني على هذه العمليات.

وتمتلك إيران عدة قواعد في سوريا، منها قاعدة في مطار دمشق الدولي، تستخدم كمحطة لنقل السلاح والمعدات العسكرية من إيران إلى سوريا ولبنان، وهي القاعدة التي تم استهدافها مرات عديدة بواسطة سلاح الجو الإسرائيلي، كما تمتلك قاعدة أخرى في مطار "4-T" في حمص، فضلا عن تواجد إيراني في مطار حماة ومطار "النيرب" العسكري في حلب، إضافة إلى تواجد في منطقة "الكسوة" في ريف دمشق.

وحسب ما أشار إليه بن مناحم، أرسلت إيران إلى سوريا عشرات الآلاف من المقاتلين التابعين للميليشيات العراقية الشيعية، ومنذ عام 2012 تم تأسيس ميليشيا "أبو الفضل العباس" ذات الصلة بميليشيا "الحشد الشعبي" الشيعية العراقية، هذا بخلاف وصول مقاتلين تابعين لميليشيات عراقية أخرى، منها ميليشيات "النجباء"، و"عصائب أهل الحق"، و"حزب الله العراقي".

ولفت إلى أن جانبا كبيرا من مقاتلي هذه الميليشيات غادروا سوريا عقب التدخل الروسي في أيلول/ سبتمبر 2015.

مصير الجسر البري

وسارعت إيران إلى تكليف الجنرال  قا آني خلفا لسليماني على رأس قيادة "فيلق القدس"، لكي يواصل مساعي طهران لترسيخ وجودها العسكري في سوريا، حيث كان اغتيال سليماني ضربة للمنظومة العسكرية الإيرانية هناك، بوصفه من رسخها وأشرف عليها.

وذهب بن مناحم إلى أن سليماني كان يركز خلال السنوات الأخيرة على ملف الجسر البري الإيراني، أي المسار الآمن من طهران إلى بيروت مرورا ببغداد ودمشق، ومن ثم شكلت منطقة "البوكمال" على الحدود السورية – العراقية أهمية خاصة، لأنها كانت حلقة الوصل في إدخال الأسلحة من العراق إلى سوريا، بما في ذلك الصواريخ الدقيقة التي تصنع في إيران وتذهب في النهاية إلى "حزب الله" في لبنان، ما يعني أن الحديث كان يجري عن منطقة تشكل محورا يربط بين طهران وبيروت على البحر المتوسط.

وتعرضت "البوكمال" لغارات جوية عديدة من جانب إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وبدأت قوات "فيلق القدس" في الآونة الأخيرة إقامة أنفاق تحت الأرض لاستخدامها لتخزين السلاح والصواريخ والاحتماء من الغارات المتكررة.

وقال بن مناحم إن تدشين المسار الرابط بين طهران وبيروت كان أحد الإنجازات الإستراتيجية الكبرى بالنسبة لسليماني والقيادة الإيرانية، التي تخشى حاليا خطرا يواجه هذا المشروع عقب الاغتيال.

هدية مهمة

وتخشى إيران، بحسب المحلل السياسي بالمركز، أن تستغل إسرائيل الفراغ الناجم عن اغتيال سليماني وتزيد من عملياتها العسكرية التي تستهدف الميليشيات الشيعية هناك، حيث كان سليماني شخصية ميدانية وكثيرا ما تواجد على الأرض إلى جوار القوات وأشرف على عمليات الميليشيات الشيعية عن قرب.

ولعب سليماني دورا في حماية نظام الأسد في دمشق في فترة الحرب الأهلية، حيث كان التواجد الإيراني أسبق من التواجد الروسي هناك بثلاث سنوات، وخلال الفترة التي لم يكن بها تواجد روسي، ومنذ دخول الميليشيات الإيرانية عام 2012، ساهم هذا التواجد الذي أشرف عليه سليماني في بقاء نظام الأسد ودعمه أمام قوى المعارضة المسلحة.

ولا يمتلك خليفة سليماني العلاقات الشخصية ذاتها التي كان يمتلكها سلفه، ولا سيما مع الزعيم الإيراني علي خامنئي، أو الرئيس السوري بشار الأسد أو زعيم "حزب الله" حسن نصر الله.

ويرى بن مناحم أن اغتيال سليماني يعد "هدية مهمة" لإسرائيل في كل ما يتعلق بالحرب ضد التواجد العسكري الإيراني في سوريا، حيث تسبب الاغتيال في تضرر كفاءة العمليات العسكرية الإيرانية هناك.

وظهرت حالة فراغ على الأرض يمكن أن تستغلها إسرائيل لصالحها، معتبرا أن الفرصة سانحة حاليا لتكثيف الهجمات الإسرائيلية في سوريا ضد أهداف إيرانية من أجل تقويض مشروع إيران بالمنطقة بشكل نهائي.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com