لماذا لم يصل "الربيع العربي" إلى فلسطين حتى الآن؟
لماذا لم يصل "الربيع العربي" إلى فلسطين حتى الآن؟لماذا لم يصل "الربيع العربي" إلى فلسطين حتى الآن؟

لماذا لم يصل "الربيع العربي" إلى فلسطين حتى الآن؟

لاحظ تقرير نشره مركز "كارنيغي" للسلام أنه رغم مرور فلسطين بـ "المعايير الشعبية" نفسها، التي دفعت الآلاف إلى الخروج إلى الميادين في لبنان والعراق، إلا أن الشعب الفلسطيني لا يزال هادئًا بشكل مُثير، ما يطرح سؤالًا حول "لماذا لم يكن هناك ربيع عربي في فلسطين؟".

ونقل المركز في تقريره عن الصحفي هاني المصري، قوله إن أسباب إحجام الفلسطينيين عن الخروج إلى الشارع ما هو إلا "مسألة وقت"، حتى تصل الموجة القادمة من الربيع العربي إلى فلسطين.

لكن الدبلوماسي الأمريكي هارون ديفيد ميلر، رأى أنه رغم تيقن الفلسطينيين بفساد قادتهم وكونهم غير أكفاء؛  فإن التخلص منهم لم يكن أبدًا ضمن أولويتهم القصوى، ومع ذلك، كانت الانتفاضة الأولى للشعب الفلسطيني في شهر كانون الثاني/ديسمبر عام 1987، وكانت في الواقع ثورة ضد الاحتلال وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، التي كانت آنذاك تعمل من المنفى.

وأكد الكاتب الدبلوماسي أن الاستقلال الفلسطيني هو العامل الوحيد والحاسم، بل والأكثر إلحاحًا، الذي من الممكن أن يقود التكتيكات والاستراتيجيات الفلسطينية، باعتبار أن مجرد شعور الشعب الفلسطيني بنسائم الحرية، أمر يمهد الطريق للثورة.

وقد يرى بعض المراقبين أن شعبية الرئيس الفلسطيني محمود عباس تزايدت بانتهاج النضال السلمي ضد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، مما سمح باستمرار الحياة الطبيعية وتحسين الظروف الاقتصادية، لكن هذه الشعبية لم تأخذ شكلًا تصاعديًا بل إنها لم تعد مضمومة بالمستقبل القريب.

وعلى الرغم من الاستياء من انعدام التمثيل والفساد وسوء الإدارة الاقتصادية وحقوق الإنسان، فإن التركيز الفلسطيني ينصب بالأساس على إسرائيل.

وأشار المصري، وهو مدير أحد مراكز الدراسات السياسية، إلى أن "الحاكم الفعلي لفلسطين هو الدولة المحتلة التي تهاجم فلسطين في تاريخها وحاضرها ومستقبلها"، وفي ظل وجود قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، تُفرض قيود صارمة ضد القيادة الفلسطينية ومؤسسات السلطة الوطنية وكل الشعب الفلسطيني، ورغم ذلك يتحقق النصر الفلسطيني ببطء لكنه لا يتراجع.

ويغطي "التعلل بمقاومة الاحتلال"، ضمنيًا على تجاوزات قادتهم، ويسمح للنخبة الحاكمة الفلسطينية بإعادة توجيه الانتباه بعيدًا عن عيوبها وأخطائها ومقياس الشفافية لديهم، بحسب ما ورد في تقرير المركز.

ومن شأن التركيز على التغيير الداخلي، فضلًا عن الإطاحة بالحكومات، أن يحمل أيضًا الخطر الحقيقي لما يسميه ديفيد بولوك في معهد واشنطن بـ"الانتفاضة".

وتثور مخاوف الشارع الفلسطيني من أن يصبح صوت العراك الداخلي بين الفصائل أعلى من صوتها مجتمعة في نضالها ضد الاحتلال، وهذا لا يصرف الانتباه عن النضال من أجل الاستقلال فحسب، بل يمكن أيضًا أن يقسم الحركة الوطنية الفلسطينية الممزقة بالفعل إلى مصلحة خصومها.

ويضاف إلى ذلك صعوبة الوضع في الفترة السابقة، إبان سعي حركة حماس للحكم، وهو الأمر الذي جعل أي إصلاح للنظام السياسي أمرًا أكثر صعوبة، بعد استيلاء الحركة على قطاع غزة عام 2007، و صراعها الطويل مع نظيرتها حركة فتح.

ومنذ دخول حماس في مشاركة فتح الحكم، أصبح الأمر بالنسبة للشعب الفلسطيني وفصائله، وكأنهم في "سفينة نوح" وهو وضع مطابق تمامًا لثنائية الحكم التي ابتُلي بها الفلسطينيون، على مستوى المؤسسات الخدمية الصغيرة، وأجهزة الأمن، والهياكل الحاكمة.

وترتب على مشاركة حركة فتح وحماس في نظام الحكم إلى لعب إسرائيل في الخلفية، بعد عام 2007، حيث تحول الفصل المادي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، إلى خلاف سياسي كبير؛ أسهم في تقويض أي اتفاق من شأنه إعلاء الشأن وتوحيد الكلمة ووضع برنامج عمل مشترك.

رغم ذلك، يجد الكثيرون من المعنيين بالشأن الفلسطيني الأمل، بعد أنباء عن اتفاق حركتي فتح وحماس على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في شهر شباط/فبراير 2020، وربما يساهم "الربيع العربي" بطيفه، ليدفعهم للتوحد، في مرحلة سابقة قبل الحصول على كامل حقوقهم.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com