ما مستقبل حزب الله في لبنان بعد الاحتجاجات؟
ما مستقبل حزب الله في لبنان بعد الاحتجاجات؟ما مستقبل حزب الله في لبنان بعد الاحتجاجات؟

ما مستقبل حزب الله في لبنان بعد الاحتجاجات؟

تعرضت مجلة "فورين بوليسي" في تقرير لها عن مستقبل حزب الله السياسي في ظل الاحتجاجات التي يشهدها لبنان، خاصة بعد استقالة سعد الحريري، والحديث عن تشكيل حكومة جديدة من التكنوقراط تبتعد عن المحاصصة.

فمن خلال عقد الصفقات بعناية، والنجاح في صندوق الاقتراع، والاستخدام المحسوب للقوة على مدى العقد ونصف العقد الماضيين، لعب حزب الله دورًا رئيسيًا في صياغة واقع سياسي في لبنان سمح للمجموعة بالحفاظ على الاستقرار وتوسيع ترسانة صواريخها، واستخدام البلاد كقاعدة موثوق منها لشن حملة في سوريا بالنيابة عن الرئيس بشار الأسد وإيران.

وعلى الرغم من أن حزب الله لا يهيمن على الدولة بالكامل، إلا أنه قد اندمج معها وأصبح ينظر إلى خصومه السابقين مثل الحريري كضامن حيوي للنظام الذي ساعدت الجماعة في تأسيسه.

ويقول التقرير إن حزب الله أصبح يكافح للتكيف مع التغيرات المفاجئة في النظام السياسي، ولم يعد لديه خيار سوى دعم النظام الحالي والمراهنة على قوة اسمها وقدرتها على استخدام العنف والتهديدات للسيطرة على مؤيديها.

لكن تقرير "فورين بوليسي" توقع في ذات الوقت أن يتمكن حزب الله من التغلب على العاصفة التي تلوح بالمنطقة، وأن يحتفظ بمكانته القوية في السياسة اللبنانية، رغم أن استقالة الحريري وعدم اليقين الاجتماعي والسياسي الذي نجم عن الاحتجاجات، ترك جماعة حسن نصرالله تبدو غير مستقرة.

مخطط حزب الله مهدد

مع استقالة الحريري، ودعوة الرئيس ميشال عون، إلى تشكيل حكومة تكنوقراطية، أصبح مخطط حزب الله مهددًا، ويبدو أنه مدرك تمامًا للمخاطر المحتملة على نظامه التشغيلي؛ فقبل إعلان رئيس الوزراء استقالته في 29 تشرين الأول/ أكتوبر، قام مستشار لحزب الله بالضغط على الحريري لإعادة النظر في قراره، وأخبره أن الاحتجاجات تقترب من نهايتها.

وقال مصطفى علوش، وهو عضو سابق في البرلمان، ويعمل في المكتب السياسي لحزب "تيار المستقبل" الذي يتزعمه الحريري: "ما يحتاجه حزب الله هو وضع مماثل للوضع السابق؛ ونفس التحالفات ولكن بأسماء جديدة، فالجميع يعلم أن إعادة التفاوض على نفس الشروط المستخدمة في السنوات الثلاث الماضية لن ينجح مع الناس في الشارع".

وتستبعد مها يحيى، مديرة مركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت، نجاح هذه الخطوة، لافتة إلى أنه في حال تشكيل حكومة تكنوقراطية، سيحتاج حزب الله لإيجاد طرق للحفاظ على نفوذه في مجلس الوزراء، حتى لو اضطر للعب وفقًا لقواعد النظام السابق للنظام الثوري.

وقالت: "سوف يتكيفون إلى حد ما، وسوف يستخدمون الأساليب القديمة إذا اضطروا لذلك، فكل ما يهمهم هو حماية مصالحهم، ولا يهم من يترأس الحكومة، هذا هو خطهم الأحمر".

ومن جانبه رفض المتحدث باسم حزب الله التعليق، ولكن بالنظر إلى الماضي، من المرجح أن يبذل الحزب كل ما في وسعه كأكثر الكيانات السياسية نفوذًا في لبنان، للضغط على من يُكلف بتشكيل حكومة جديدة أن يختار مرشحين يضمنون استمرار وضع حزب الله، حتى لو كانت حكومة تكنوقراطية.

ومن المستبعد أن يقدر الشعب عنف المتشددين من حزب الله وحركة أمل ضد المحتجين في نهاية المطاف، إذ دفع الوعي الوطني الجديد وغير الطائفي الكثير من الشيعة اللبنانيين لانتقاد الحزب والحركة بعدة طرق غير مسبوقة، وردًا على ذلك، هاجم أنصار حركة أمل المتظاهرين في مدينة "صور" الجنوبية يوم 19 أكتوبر، ووقعت حوادث مماثلة في مدينة النبطية، معقل حزب الله، في الأسبوع التالي.

حزب الله يهدد أنصاره

وقال "محمد"، أحد سكان صور، الذي شارك في الاحتجاجات، إن أنصار الحزب يهددون المتظاهرين بالعقاب أو بالسجن لتخليهم عن الحزب.

وبعد أيام من هدوء الاحتجاجات في "صور"، اتضح أن هذه التهديدات لم تكن فارغة، واتُهمت السلطات في جنوب لبنان، التي يهيمن عليها حزب الله وحركة أمل، بالتحيز عندما اتهمت 12 شخصًا من "صور" بارتكاب جرائم تتعلق بالمظاهرات وصدرت بحقهم أحكام بالسجن لمدة تصل إلى 7 سنوات، بينما لم تعتقل أيًا من الأنصار الذين نفذوا أعمال عنف ضد المتظاهرين.

وظهرت حالات أخرى من الإكراه من قِبل عناصر الحزب، بما في ذلك عدد من الفيديوهات لأشخاص يعتذرون بالإكراه عن إهانة نصر الله ورئيس البرلمان ورئيس حركة أمل نبيه بري خلال الاحتجاجات.

وقال الصحفي علي الأمين الذي تعرض لهجوم من أحد أنصار حزب الله بعد أن ترشح ضد المجموعة للحصول على مقعد برلماني في جنوب لبنان العام الماضي: "بدأت حركة أمل ونصر الله يشعران بالخطر، وهما لا يستطيعان مواجهة الخطر إلا بالعنف، وهذا سوف يهز الثقة فيهم، ما يؤدي إلى المزيد من المعارضين".

وفي الأيام القليلة الماضية، حاول حزب الله تصحيح المسار، بما في ذلك عن طريق تذكير الجمهور اللبناني بأن المجموعة قوة مقاومة قبل أن تكون حزبًا سياسيًا، وأعلن حزب الله أنه أطلق النار على طائرة مسيرة إسرائيلية عبرت المجال الجوي اللبناني في 31 أكتوبر، واستمر نصر الله في التفاخر بالحادث حتى ختم اليوم بخطابه، إلا أنه وفقًا للمحلل "نيكولاس بلانفورد" من المجلس الأطلسي، يواجه حزب الله صعوبة في الحفاظ على مظهره كمجموعة وسط النزاع المستمر في سوريا وتورطه في معارك سياسية لبنانية.

الشيعة في لبنان .. تحولات اجتماعية

ومع ذلك لا تزال فكرة المقاومة سائدة بين أجزاء كبيرة من المجتمع الشيعي، وقال المتظاهر "عباس حيدر" في بيروت في 19 تشرين الأول/ أكتوبر، خلال الأيام الأولى للاحتجاجات: "يجب على حزب الله التوقف عن العمل كحكومة، وليس كمقاومة ضد إسرائيل".

واعترف أمين أن الاحتجاجات اللبنانية التي حفزت حركة المجتمع الشيعي لم تكن سوى البداية، ويرى أن التحولات الاجتماعية التي حدثت حتى الآن هي مؤشرات قوية على حدوث تغييرات سياسية مستقبلية.

وفي الوقت الذي يكافح فيه من أجل الحفاظ على ما حققه في الساحة السياسية في السنوات الماضية، من المرجح أن تتلقى سمعة حزب الله المزيد من الضربات، خاصة مع استمراره في استخدام أساليبه القديمة فقط، ولكن في نهاية المطاف سيشق حزب الله طريقه كما يفعل دائمًا، إما عن طريق التكيف مع محيطه الجديد أو إجبار محيطه على التكيف معه.

ويعمل الحزب المدعوم من إيران على الحفاظ على توازن دقيق حتى الآن، وسيواصل القيام بذلك طالما أنه يعرف أن قوته لن تتزعزع على المدى الطويل.

ولكن الواقع السياسي اللبناني يتغير بوتيرة سريعة، وإذا ظهرت تهديدات خطيرة على موقعه السياسي في لبنان، سواء من الطبقة السياسية أو من الشوارع، فلن يتردد حزب الله في إطلاق قوته العسكرية مرة أخرى.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com