طرابلس.. هدوء تحت زخات القذائف وسط غياب أفق تسوية في ليبيا
طرابلس.. هدوء تحت زخات القذائف وسط غياب أفق تسوية في ليبياطرابلس.. هدوء تحت زخات القذائف وسط غياب أفق تسوية في ليبيا

طرابلس.. هدوء تحت زخات القذائف وسط غياب أفق تسوية في ليبيا

على مشارف طرابلس، تمزق زخات قذائف المدفعية الثقيلة السكون المستمر منذُ أيام، ويراقب مقاتلون، يرابطون منذُ أسابيع في منازل مهجورة، الحركة على خطوط العدو، كما تحلق في سماء المنطقة طائرة مُسيرة تنشر بأزيزها الذعر قبل أن توجه ضربة خاطفة.

ولا تشي مجريات المعركة حول العاصمة الليبية طرابلس بأي تغيير في القريب العاجل.

فبعد ما يقرب من 7 أشهر من بدء حملة القائد العسكري المشير خليفة حفتر على المدينة، وصلت الحرب إلى حالة من الجمود عجز الدعم الأجنبي لطرفي الصراع عن كسره.

وقُتل الآلاف في معارك متقطعة منذُ عام 2014 بين فصائل مسلحة في الشرق والغرب، وسمح العنف بزيادة شوكة المتشددين وانتعاش أعمال مهربي المهاجرين وأضر بصناعة النفط الليبية وقسّم المؤسسات الرئيسية في البلاد، ويبدو أن قادة كلا الجانبين يستبعدون التسوية.

وقال آمر المنطقة العسكرية الغربية، الموالية لحكومة الوفاق اللواء أسامة الجويلي في مقابلة: "نحن نتمنى أن تقف الحرب يعني اليوم، ولكن أوضحت القيادة السياسية بشكل واضح الحديث عن وقف إطلاق النار يجب أن يعود المعتدي من حيث أتى، وهذا شي واضح".

ويقول قائد الجيش الليبي المشير حفتر إنه مستعد لحل سياسي، لكن بمجرد أن تتخلص العاصمة من الجماعات المسلحة، وهي مصدر الدعم الأساسي لحكومة طرابلس.

ويقول طارق المجريسي الباحث بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إنه في ظل عدم وجود القوة الدافعة لاستمالة الجماعات المحلية إلى جانبه، قد يعول المشير حفتر على عامل الوقت في انتظار انشقاقات بين القوات التي كانت منقسمة في السابق وتقاتل الآن ضده.

وأضاف: "حالة الحرب التي أضحوا فيها تصبح طبيعية أكثر، هذا يزيد احتمالات نشوب مزيد من الحروب".

تغيير التحالفات

كانت الخلافات سمة غالبة بين المقاتلين في صف حكومة الوفاق الوطني في طرابلس قبل أن توحد صفوفهم وتحشد قواهم الحرب الجديدة.

ووسع الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر نطاق سيطرته من خلال تحالفات محلية هشة وواجه صعوبة في السيطرة على أجزاء من الشرق على الرغم من الدعم الذي يتلقاه من الخارج.

ومع إحجام طرفي القتال عن خوض حرب شاملة والمخاطرة بسقوط أعداد ضخمة من القتلى والجرحى، يتطلع كل طرف للداعمين الأجانب لتحويل دفة المعركة حول طرابلس لصالحه بنشر طائرات مُسيرة تحمل صواريخ دقيقة التوجيه.

ويقول محللون ودبلوماسيون إن تركيا قدمت لحكومة طرابلس طائرات مُسيرة من طراز بيرقدار وقامت بتشغيلها، بينما يستخدم الجيش الوطني الليبي طائرات مُسيرة من طراز وينغ لوون صينية الصنع.

وفي وقت سابق هذا الشهر قصفت طائرة مُسيرة بحسب شهود عيان منطقة قرب نقطة تفتيش في جنوب شرق طرابلس، على حافة منطقة عازلة تم إجلاء معظم المدنيين منها.

وسعى رجال بزي عسكري قرب مركبة تحترق لإبعاد الناس خوفًا من ضربة جديدة بينما هرعت سيارات الإسعاف لمكان الهجوم، وعادت الشوارع القريبة إلى طبيعتها في غضون ساعة تقريبًا.

قتلى وجرحى مدنيون

تتواصل الحياة في وسط طرابلس، إلى حد كبير، مثلما كانت من قبل على الرغم من أن القتال تسبب في زيادة التوتر بالمدينة التي أرهقتها سنوات من الاضطراب، ونزح ما يزيد عن 100 ألف شخص من ضواحي المدينة.

وذكر تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية الأسبوع الماضي أن عشرات المدنيين قُتلوا وأصيبوا مع سعي الجانبين لاصطياد أهداف في مناطق سكنية مستخدمين صواريخ وقذائف مدفعية غير دقيقة ويعود عمرها لعقود في الغالب.

ومع قلقهم من التدخل الأجنبي، يفقد كثير من الليبيين الأمل في حل النزاع داخليًا.

وقالت مُعلمة تدعى مريم علي (26 عامًا) بينما تسير مع صديقة لها في وسط المدينة: "الليبيون لا يفهمون بعضهم، لا حل في ليبيا".

 طريق السلام غامض

وقال أسامة الجويلي إن متعاقدين عسكريين من روسيا قتلوا في محاولة فاشلة في الآونة الأخيرة لقطع الطريق إلى العزيزية في جنوب طرابلس، مضيفًا أن رحلتهم إلى ليبيا وإلى الخطوط الأمامية جوًا وعبر سوريا كانت مرصودة.

ونفى متحدث باسم الجيش الوطني الليبي وجود مقاتلين روس في صفوفه واستخدام أي طائرة أجنبية.

وعبرت قوات حفتر عن ثقتها في أنه ما زال بإمكانها تحقيق نصر سريع.

ورد قادة طرابلس بأنهم ركزوا عملياتهم العسكرية وبوسعهم حشد ألوف المقاتلين الإضافيين إذا اقتضى الأمر.

وقال دبلوماسي أمريكي رفيع: "إذا سيطر حفتر على طرابلس فسيكون عليه التعامل مع تمرد وعصيان مستعر، أتصور أن عددًا ممن يناصرونه لديهم مخاوف كبيرة بشأن ما يعنيه (النصر) فعليًا بالنسبة له".

ويبدو أن الطريق لإجراء مفاوضات سياسية غير واضح المعالم.

وتابع الدبلوماسي الأمريكي إن "الديناميكية هي جعل الناس يتصرفون بروح المصلحة الذاتية المستنيرة، وما من أحد حاليًا في وضع يسمح له بحمل أي شخص على تغيير سلوكه".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com