خبراء: انسحاب ترامب من سوريا يدمر مصداقية واشنطن في الشرق الأوسط
خبراء: انسحاب ترامب من سوريا يدمر مصداقية واشنطن في الشرق الأوسطخبراء: انسحاب ترامب من سوريا يدمر مصداقية واشنطن في الشرق الأوسط

خبراء: انسحاب ترامب من سوريا يدمر مصداقية واشنطن في الشرق الأوسط

حددت الولايات المتحدة لنفسها أهدافًا ثابتة منذ اندلاع النزاع في سوريا، في طليعتها القضاء على تنظيم داعش وإزاحة الرئيس بشار الأسد من السلطة والحد من نفوذ إيران. وهي أهداف قد يكون دونالد ترامب نسفها بقرار واحد.

يقول رئيس "مجموعة الأزمات الدولية" روبرت مالي "نحن الآن أمام وضع كان يمكن توقعه منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي، لكنه يتمّ بطريقة تجعل أسوأ العواقب التي كنا نخشاها تتحقق".

فبعد أسبوع من التصريحات المتناقضة، أمر ترامب في نهاية المطاف بسحب كل العسكريين الأمريكيين المنتشرين في شمال سوريا، وعددهم  نحو ألف جندي.

ويعود هذا المنعطف في الخط الأمريكي في الواقع إلى ما قبل عام، حين أعلن الرئيس الأمريكي الذي انتخب على وعد بالانسحاب من نزاعات الشرق الأوسط، سحب كل القوات المتمركزة في سوريا.

لكنه سرعان ما وجد نفسه أمام وضع مذهل لخصه روبرت مالي بالقول "في حين ظن الرئيس أنه اتخذ قرارًا، قاوم فريقه وتجاهل خياره، لا بل عمل خلافًا له".

وتناوب الدبلوماسيون والعسكريون الأمريكيون على زيارة حلفاء واشنطن ولا سيما القوات الكردية التي تصدرت الكفاح ضد تنظيم داعش، ليؤكدوا لهم أن الرئيس لا يعني حقًا ما يقوله.

ونجح مستشارو ترامب في حينها في إقناعه بالتراجع عن قراره، مشددين على المصالح الأمريكية المتمثلة في مكافحة تنظيم داعش الذي لا يزال يحتفظ بقدرة على إلحاق الأذى رغم سقوط "خلافته"، وحماية المقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم تركيا "إرهابيين"، والتصدي لتوسع النفوذ الإيراني.

عودة داعش 

لكن بعد عشرة أشهر، عاد ترامب إلى قراره الأساسي، مفسحًا المجال أمام هجوم  قوات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على الأكراد، حلفاء الأمس في سوريا.

أغفل ترامب اتخاذ أي تدابير تمهيدًا للانسحاب على الأرض، فساد إحساس عام بالفوضى أمام تقدم القوات التركية، ما انعكس سلبًا على المصالح نفسها التي كانت واشنطن تدافع عنها.

تقول إليزابيث دنت من "معهد الشرق الأوسط" للدراسات "هناك بالطبع خطر كبير بعودة تنظيم داعش إلى الظهور وبفرار إرهابيين خطيرين" في وقت ينصرف فيه المقاتلون الأكراد الذين كانوا يحرسونهم إلى مقاومة الهجوم التركي.

وهي ترى أنه كان بإمكان إدارة ترامب "إبداء مزيد من التصميم لتفادي توغل تركي"، وحتى لو لم يكن ذلك ممكنًا "كان بمقدور الولايات المتحدة التحضير لانسحاب أكثر انتظامًا بقليل، كان يمكن التصرف بحيث يوضع هؤلاء المعتقلون في مكان آمن".

ومن عواقب قرار ترامب أيضًا أن الأكراد بدلوا موقفهم ووجهوا نداء إلى دمشق.

وهذا ما سيجعل الرئيس السوري يستعيد المزيد من النفوذ الذي خسره منذ اندلاع النزاع عام 2011، بعدما نددت به الولايات المتحدة باعتباره "ديكتاتورًا وحشيًا" داعية إلى رحيله.

وترى إليزابيث دنت أن "قيام شكل من التفاهم بين نظام دمشق والقوات الكردية كان أمرًا محتومًا، إذ كان ترامب يجاهر بأنه يريد الرحيل"، لكن هذا التراجع الأمريكي "يعزز الأسد سياسيًا، وإمكانية العودة للسيطرة على المناطق السورية التي خسرها منذ سنوات عدة تمنحه وزنًا".

وتقول "اتخذ القرار بشكل مباغت، من دون تخطيط، معطيًا صورة عن الولايات المتحدة بأنها أرغمت على الانسحاب أو رضخت للطلبات التركية، وكان بمثابة تخلٍّ عن القوة الشريكة لنا، وسينعكس حتمًا على مصداقية الولايات المتحدة وموثوقيتها لسنوات".

 فقدان الثقة 

وعزم ترامب على فك ارتباط بلاده مع المنطقة يلتقي مع مصالح مجموعة من الأطراف المتنوعين الذين كانوا يتمنون انسحابًا أمريكيًا، من تركيا إلى النظام السوري، مرورًا بروسيا وإيران حليفتي دمشق اللتين يرسخ القرار الأمريكي نقوذهما في المنطقة.

لا تزال القوات الأمريكية تحتفظ في الوقت الحاضر بـ150 عنصرًا في قاعدة التنف في جنوب سوريا، عند مثلث الحدود السورية العراقية الأردنية، وهو موقع يعتبر استراتيجيًا لمنع إيران من بسط نفوذها حتى أبواب إسرائيل.

لكن روب مالي يقلل من أهمية هذا الأمر مؤكدًا "ليس وجود مئة أو ألف أو حتى ألفي جندي أميركي ما يمكن أن يحدث فرقًا" معتبرًا أن "البقاء في سوريا" من أجل التصدي لإيران كان "سببًا خاطئًا وهدفًا واهمًا".

غير أن الانسحاب المتسرع في المقابل يمكن أن يزيد من ريبة بعض حلفاء الولايات المتحدة، وفي طليعتهم السعودية، خصم إيران الأبرز في المنطقة. واللافت أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استقبل الاثنين بحفاوة كبيرة في الرياض.

يقول اختصاصي سوريا في جامعة أوكلاهوما جوشوا لانديس إن "شعبية الرئيس ترامب تنهار في الشرق الأوسط فيما تحلق شعبية الرئيس بوتين. لم يعد أحد يثق بالرئيس ترامب، الكل يشعر أنه سيسحب أمريكا في نهاية المطاف من الشرق الأوسط".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com