منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من الرياض، رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، بدأ الحديث عن تحولات مفصلية في المنطقة، نتيجة التقارب السوري الأمريكي.
ويتوقع انعكاس هذا التقارب على بقية الملفات، وفي مقدمتها علاقة دمشق مع تل أبيب، إضافة إلى عمليات الجيش الإسرائيلي في الأراضي السورية.
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، قد وصفت إعلان ترامب، خلال مشاركته في منتدى الاستثمار السعودي-الأمريكي 2025، رفع العقوبات عن سوريا، بـ"الصفعة" لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي كان يشعر بالألم أيضًا من عدم زيارة ترامب لإسرائيل، رغم وجوده في المنطقة.
فهل يمكن أن يؤدي التقارب الأمريكي السوري، إلى تقارب إسرائيلي سوري؟
يرفض هذا الاستنتاج المحلل السياسي مازن بلال، ويذكر بأن إسرائيل، في الوقت الذي أعلن فيه ترامب رفع العقوبات عن سوريا، كانت تقصف منطقة عمريت على الساحل السوري.
ويضيف بلال، لـ"إرم نيوز"، أن "ما يجري حتى الآن، لا يتم بالتنسيق مع إسرائيل".
ورغم أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن مطالب تل أبيب بإقامة منطقة عازلة على حدودها مع سوريا، لم تكن ضمن النقاشات التي جرت في الرياض، إلا أن بلال يؤكد أن "آليات رفع العقوبات، ستنتهي بنوع من التسوية مع تل أبيب".
ويوضح: "المشكلة بالنسبة لإسرائيل هي أن الإقليم يسير وفق إيقاع سعودي - تركي، وفي الوقت نفسه، تبدو واشنطن غير مستعدة للضغط على إسرائيل لوقف هجماتها على الأراضي السورية".
لكن طبيعة المرحلة التي تتكون في الأفق، لن تتضح ملامحها قبل ظهور نتائج المفاوضات بين واشنطن وطهران، إضافة إلى اجتماعات أنقرة، وحتى اجتماعات الدوحة بشأن غزة، وفق بلال.
من جانبه، يرى المحلل السياسي سركيس أبو زيد، أن الأسلوب الأمريكي الذي يعتمده ترامب، يتصف بالأحادية وتجزيء القضايا، وبالتالي لا يمكن الحكم على جميع الملفات من ملف واحد.
ويضيف أبو زيد، لـ"إرم نيوز"، أن "أمريكا تعتمد دائمًا التعدد في المشاكل والخيارات، وتطرح عدة مشاريع تكون متناقضة أحيانًا، حتى يتصارع الجميع، ثم تقوم هي باختيار ما تراه مناسبًا، لذلك فإن التقارب الأمريكي السوري لا يعني أن عمليات الجيش الإسرائيلي ستتوقف".
ويؤكد أن أمريكا لن تضغط على إسرائيل، لتتوقف عن ضرب سوريا واحتلال مناطق جديدة فيها، وهذا ينطبق على لبنان والعراق.
ويتابع أبو زيد:"أمريكا لا تتعامل بشكل شامل، بل تتعاطى بشكل "مفرق"، ثم تختار مصالحها، وتحرص على ترك التناقضات، لاستغلالها بحسب مصالحها".
لكن الباحث السياسي الدكتور عقل صلاح، يرى أن إسرائيل هي الرابح الأكبر من التقارب الأمريكي السوري، ورفع العقوبات عن دمشق.
ويقول صلاح، لـ"إرم نيوز"، إن "جميع المطالب الأمريكية من الرئيس السوري أحمد الشرع، تصب في مصلحة إسرائيل، ومنها طرد الفصائل الفلسطينية من سوريا، وقد وافق الشرع على ذلك، إضافة لقطع الإمدادات العسكرية لحزب الله عبر الحدود، وصولًا للانضمام لاتفاقات أبراهام، أي التطبيع مع إسرائيل".
ويشير صلاح إلى أن أمريكا ستسحب قواتها من سوريا، ولن تبقِ أي قواعد لها هناك، لأنها غير محتاجة إليها، فالسفارة الأمريكية في دمشق ستتكفل بمتابعة تنفيذ الشرع للمطالب.
ويتابع: "يبدو أن الشرع يمضي في تنفيذ ما طلبه ترامب، أملًا برفع العقوبات ومن ثم شطب "الجولاني" من قوائم الإرهاب.. والثمن، بناء علاقات علنية مع إسرائيل".
ويؤكد صلاح أن التداعيات المتوقعة لن تقتصر على سوريا وعلاقتها بإسرائيل، بل ستصل إلى لبنان وإيران والعراق، مما يؤدي للحد من النفوذ الإيراني، ومحاصرة حزب الله".
ويشير إلى أن حكومة الشرع، منصاعة، بشكل كامل، للمطالب الأمريكية، التي تصب في المصالح الإسرائيلية.
ويوضح صلاح أن "دمشق ستكون البوابة التي ستُفتح لإسرائيل على الشرق الأوسط، وسينفذ الشرع كل المطالب الإجبارية، لكنه سيقع بين المطرقة الأمريكية والسندان الإسرائيلي".