عملية "حزب الله" تضع مستقبل نتنياهو على المحك
عملية "حزب الله" تضع مستقبل نتنياهو على المحكعملية "حزب الله" تضع مستقبل نتنياهو على المحك

عملية "حزب الله" تضع مستقبل نتنياهو على المحك

لم تكد تمر عشرة أيام منذ الغارة التي شنتها طائرات إسرائيلية عند منطقة القنيطرة السورية، إلا ونفذت مجموعة تابعة لحزب الله رداً انتقامياً بعد فترة شهدت تصاعداً حاداً في نغمة التهديدات المتبادلة بين المنظمة وإسرائيل، فيما يرجح مراقبون أن تكون الفرصة مواتية لرئيس الوزراء الإسرائيلي لإنقاذ مستقبله السياسي، في فترة يستعد الإسرائيليون للتوجه إلى صناديق الاقتراع في آذار /مارس المقبل، لاختيار أعضاء الكنيست.

وترأس رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، والذي قد لا يبقى في منصبة في غضون أسابيع، حال تبين صحة استطلاعات الرأي الأخيرة التي منحت قائمة "المعسكر الصهيوني" أفضلية واضحة، اجتماعا طارئا مساء أمس الأربعاء، مع القيادات الأمنية والعسكرية والسياسية، تمخض عنه تحميل إيران وحزب الله المسئولية الكاملة عن الهجوم. وذكرت مصادر صحفية إسرائيلية نقلا عن مسئولين أن "طهران تتحمل نتائج الهجوم، وأن حزب الله في النهاية هو من نفذه فحسب".

وبدورها نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت، عن وزير الدفاع موشي يعلون، أن "إيران وحزب الله سيواصلان استهداف إسرائيل بكل طريقة وفي أي مكان، سواء من الجولان أو من جنوب لبنان، وضد العسكريين والمدنيين على السواء".

كما نقلت عن يعلون قوله: "سنواصل ملاحقة الإرهابيين وأذرعهم في كل مكان، وسوف نضع أيدينا على كل من تسول له نفسه التأثير على حياة مواطني إسرائيل".

وأشارت الصحيفة إلى تأكيد يعلون على أن "الجيش الإسرائيلي لن يتحلى بضبط النفس ضد المنظمات الإرهابية، مثلما كان طوال الفترة الماضية، وأنه سيعمل بقوة تجاه من يفرض التحديات على إسرائيل".

هل أراد نتنياهو رد حزب الله؟

الجدير بالذكر أن ثمة احتمالات معقولة، لقيام المستوى السياسي الإسرائيلي باتخاذ قرارات محددة، بصرف النظر عن التقديرات العسكرية التي تتحدث عن ضبط النفس من عدمه.

تلك القرارات قد تنبع من اعتبارات سياسية – انتخابية من الدرجة الأولى، دون أن يكون لها علاقة بسقوط قتلى إسرائيليين في عملية الأمس، التي ربما لو جاءت في مرحلة أفضل سياسيا لرئيس الحكومة وحزبه الحاكم (الليكود) لكانت التقديرات المُشار إليها، والتي تتحدث عن ضبط النفس، في محلها. والسبب في ذلك هو أن العملية التي قام بها حزب الله بالأمس، سترفع حتما من رصيد "المعسكر الصهيوني" بزعامة يتسحاق هيرتسوج زعيم حزب العمل، وتسيبي ليفني زعيمة حزب الحركة، بين الناخبين الإسرائيليين، وتقلص بدورها من رصيد نتنياهو، الذي يعتقد أنه لن يبقى على رأس الحكومة لو سارت الأمور بهذه الطريقة.

وفي المقابل، قد تمنح العملية التي قامت بها المنظمة اللبنانية نتنياهو فرصة ذهبية، رغم أنها سلاح ذا حدين – للقيام بمغامرة عسكرية واسعة، من شأنها أن تغير قواعد اللعب الانتخابية، حال حققت نتائج دعائية سريعة، والتي ستشمل حتما – حال وقوعها – تدمير البنية التحتية اللبنانية مجددا، ومحاولة تصفية قيادات كبرى في حزب الله، دون تحقيق حسم عسكري واضح.

وفي المقابل، وعلى غرار حرب لبنان الثانية عام 2006، والتي أطاحت بوزير دفاع جيش الاحتلال حينذاك عامير بيرتس، فضلا عن رئيس أركانه دان حالوتس، قد تتسبب حرب لبنان ثالثة – حال قبل نتنياهو المغامرة الانتخابية – في مصير مماثل لعدد كبير من القيادات الإسرائيلية، على رأسهم نتنياهو نفسه.

وطبقاً لتطور الأحداث، باتت هناك شكوك في أن عملية القنيطرة نفسها، كانت محاولة إسرائيلية لاستجلاب رد حزب الله، ومن ثم "فك الاشتباك" بين نتنياهو والمعسكر الصهيوني، المنافس الانتخابي الشرس، من خلال عمل عسكري دعائي محتمل في لبنان، بدلا من صناديق الاقتراع.

وكانت مجموعة تضم على ما يبدو عددا محدودا من المقاومين التابعين لحزب الله، قد نجحت في مهاجمة موكب عسكري في منطقة مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، يضم عددا من الآليات، التي تقل ضباطا وجنوداً، ما تسبب في تدمير عدد منها، ومقتل وإصابة عدة جنود في صفوف الجيش الإسرائيلي.

وبحسب بيان لحزب الله، "تم إعطاب تسع آليات عسكرية إسرائيلية، بينها ما تم تدميره بالكامل جراء استهداف المجموعة للموكب، في كمين مُحكم عند منطقة مزارع شبعا على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، الأمر الذي تسبب في مقتل وجرح عدد كبير من الجنود والضباط الإسرائيليين".

ونقلت مصادر عن المنظمة اللبنانية، أن هناك احتمال بأن حزب الله كان يحاول استهداف ضابط إسرائيلي كبير.

من جانب آخر، أظهرت التحقيقات الأولية بجيش الاحتلال الإسرائيلي، أن خمس آليات عسكرية غير مزودة بوسائل تأمين كافية، كانت قد توجهت صباح أمس الأربعاء باتجاه مواقع عسكرية في منطقة هار دوف (جبل روس) بمزارع شبعا، وأن الآليات تحركت قرابة 400 مترا باتجاه الطريق العسكري الخلفي في المنطقة، فيما سارت بعد ذلك 300 مترا أخرى، قبل أن تعود أدراجها بتعليمات خاصة من قائد عسكري مكلف بتأمين المنطقة. وفي حدود الساعة الحادية عشرة والنصف، أطلقت خلية تابعة لحزب الله ستة صواريخ مضادة للدبابات باتجاه الموكب.

الجدير بالذكر أن المنطقة التي شهدت الهجوم، تقع في نطاق ما يُسمى تشكيل "حيرام" التابع للقطاع الشمالي، المسئول عن تأمين المنطقة الحدودية بين شمال إسرائيل وجنوب لبنان، تحت قيادة العميد بجيش الاحتلال دان جولدفوس، وهو ضابط سابق بالكوماندوز البحري (السرب 13)، أحد أبرز قوات النخبة جيش الاحتلال، ما يرجح أنه قد يكون الهدف المحتمل الذي أشارت إليه المصادر، حال صحتها، ولكن أحد من الجانبين لم يشر إلى ذلك.

سيارة مدينة غامضة تسببت في الهجوم

وبحسب رواية إسرائيلية، فإن أكثر من عشرة ضباط ينتمون للواء النخبة المقاتلة "جفعاتي" كانوا في مهمة على متن الآليات العسكرية، هدفها الاطلاع عن كثب على الأوضاع في المنطقة التي شهدها الهجوم. وبعد وصول الآليات إلى الطريق السريع الذي يربط بين حرمون وكريات شمونه، توجهوا إلى طريق يقود إلى منطقة الغجر، ثم إلى الشمال 400 مترا إضافية، إلى الطريق السريع الخلفي لمنطقة هار دوف، الذي يحظى بتأمين قوي منذ أن تم تمهيده عقب انسحاب جيش الاحتلال من جنوب لبنان عام 2000.

وتلقت المجموعة أوامر من قائد المنطقة بالتوقف والعودة، وهو ما تم بالفعل.

وخلال العودة أبطأت الآليات عند حاجز عسكري، بعد أن لاحظت سيارة مدنية معطلة تغلق الحاجز، ويتحدث قائدها مع الجنود.

وعند هذه اللحظة نجحت عناصر استطلاع حزب الله في رصد الآليات وأطلقت الصاروخ الأول، مُصيبة بشكل مباشر الآلية التي كان يستقلها قائد المجموعة وسائقه، اللذان قُتلا على الفور. وهنا هرع باقي الضباط والجنود مغادرين الآليات العسكرية قبل أن يصيبها وابل آخر من الصواريخ، أدى إلى إصابات عديدة.

وحتى تلك اللحظة، لم تصل تقديرات دقيقة حول ما كان يدور على الأرض، وبعد أن اتضحت الصورة الأولية، قامت المدفعية التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق قرابة 100 قذيفة باتجاه نقاط تابعة لحزب الله في قرية مرجعيون، التابعة لمحافظة النبطية جنوبي لبنان.

وأصابت قذيفة إسرائيلية قوات اليونيفيل، متسببة في مقتل مراقب أسباني الجنسية، ما أحرج جيش الاحتلال الذي مازال يجري اتصالات مع القوات الدولية التابعة للأمم المتحدة، لشرح مُلابسات الحادث.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com