بعد توقيع وثيقة الإعلان الدستوري.. السودان إلى أين؟
بعد توقيع وثيقة الإعلان الدستوري.. السودان إلى أين؟بعد توقيع وثيقة الإعلان الدستوري.. السودان إلى أين؟

بعد توقيع وثيقة الإعلان الدستوري.. السودان إلى أين؟

دشّن الإعلان الدستوري الموقع في السودان، مرحلة جديدة تتيح للبلد الخروج من عنق الزجاجة في أعقاب توتر أمني، واتهامات متبادلة لكافة الأطراف، لكنّ الوثيقة التي أفرجت عن نقاط أسياسية تجاهلت أمورًا أخرى جوهرية، تندرج تحت بنود التفاصيل والشروح الإضافية، فضلًا عن تساؤلات كثيرة لا تزال مطروحة حول آلية التطبيق، وهو ما يجعل وثيقة الحروف الأولى بداية طريق يمكن اجتيازه لبر الأمان أو العودة منه سريعًا إلى نقطة الصفر، فإلى أين تتجه السودان؟.

وبموجب اتفاق وُقّع الأحد، إثر وساطة قادها الاتحاد الأفريقي وإثيوبيا، سيتولى مجلس سيادي غالبية أعضائه من المدنيين، قيادة السودان خلال فترة انتقالية مدّتها ثلاث سنوات.

تخوف وتشكيك

المحلل السوداني خالد التيجاني، رئيس تحرير صحيفة "إيلاف"، يرى أنّ "هذا الاتفاق ليس الأمثل، لكنّه أفضل من عدم التوصل إلى اتفاق، وأن الأمور كانت قد تؤدي إلى حرب أهلية، أو أن ينزلق السودان في فوضى"، لذلك اعتبره "اتفاقًا متوازنًا وعقلانيًا".

لكنّ التخوف الذي يقلق التيجاني، هو أن "السودان لديه تاريخ من عدم الوفاء بالعهود والمواثيق"، وأن "السؤال هو إلى أي مدى سيخالف هذا الاتفاق ما كان معروفًا من هذه الممارسة".

ويشهد السودان أزمة سياسية منذ كانون الأول/ديسمبر، حين بدأت الاحتجاجات ضد حكم الرئيس المخلوع عمر البشير، واستمرت بعد إطاحته؛ احتجاجًا على تولي مجلس عسكري الحكم.

وجاء توقيع الإعلان الدستوري الأحد، بعد محادثات شاقة عُلّقت مرارًا، بسبب أعمال العنف، لا سيّما عملية فضّ الاعتصام أمام مقر قيادة القوات المسلّحة في الخرطوم.

ويقول المحلل مجدي الجزولي من معهد "ريفت فالي" إن "الاتفاق هو انعكاس لتوازن القوى"، لكنّه يشير إلى كثرة المشككين فيه، نظرًا إلى أنه "تسوية بين فريقين متنافسين غالبًا ما تكون مصالحهما على طرفي نقيض"، منوهًا بأن "تطبيق الاتفاق يعتمد بشكل كبير على حسن نوايا الجيش والحركة الاحتجاجية".

تفاصيل غامضة

يُخضع الإعلان الاستخبارات السودانية التي جرى تغيير تسميتها الشهر الماضي، إلى جهاز المخابرات العامة، إلى سلطة المجلس السيادي والسلطات التنفيذية، لكن محللين يشيرون إلى أن الإعلان لا يحدد آلية تقاسم المسؤوليات.

والهيئة التي كانت تعرف سابقًا باسم جهاز الأمن والمخابرات استخدمها البشير وسيلة لسحق المعارضة، ولقمع تظاهرات ضده.

التساؤلات التي لحقت بالاتفاق كانت عديدة، وفق الجزولي الذي اعتبرها "مثالًا على التسويات الرسمية التي أقرت على عجل لتفادي الخوض في قضايا شائكة، دون أي سلطة على ميزانيتها وتشكيلها من غير الواضح كيف يمكن ضبط هذه القوات في إطار ديمقراطي".

وحذّر الجزولي، من أن "عدم معالجة هذه الهواجس سيستدرج قادة المتمرّدين إلى لعبة ابتزاز بين المجلس العسكري وقادة الحركة الاحتجاجية. كذلك تُطرح تساؤلات حول مفاعيل الاتفاق على قوات الدعم السريع".

الترتيبات العسكرية

واحدة من الأمور التي لا تزال غامضة، تتمثل في الترتيبات العسكرية التي تلازم مكونات الأمن، لاسيما أن ثمة اتهامات لقوات الدعم السريع، بالتورط في فضّ الاعتصام أمام مقر القوات المسلّحة في الخرطوم في 3 حزيران/يونيو.

وبحسب لجنة الأطباء المركزية المقرّبة من المحتجين قُتل 127 شخصًا في عملية فض الاعتصام، وتؤكد اللجنة أن أكثر 250 شخصًا قتلوا في أعمال عنف مرتبطة بالتظاهرات، منذ انطلاقتها في كانون الأول/ديسمبر.

وينص الإعلان، على تقديم القوات تقاريرها للقيادة العامة للقوات المسلّحة، فيما سينظّم قانون قائم علاقتها مع السلطة التنفيذية.

وقال إريك ريفز خبير شؤون السودان في جامعة "هارفرد"، إن "الوضع لطالما كان على هذا النحو هناك فعليًا، جيشان أحدهما قوات الدعم السريع بإمرة قائد الجيش"، مشيرًا إلى ضمان "عدم المس بقوات الدعم السريع في الإعلان الدستوري".

ولفت إلى أن "احتفاظ حميدتي بقيادة قوات الدعم السريع بوضعها الحالي، يجعله قادرًا على التهديد بأي تحرّك في حال رفض قادة الجيش تلبية مطالبه"، مؤكدًا أن "رفض المتمرّدين نذير شؤم ويجب أن يعالَج؛ لضمان السلام في مناطق دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق".

تصدّعات في جبهة الحركة الاحتجاجية

وكشف توقيع الاتفاق الأحد، وجود تصدّعات في معسكر الحركة الاحتجاجية، حيث أبدى عدد من الفصائل تحفّظات، حين أكد الحزب الشيوعي السوداني أن الإعلان "كرّس هيمنة العسكر".

كذلك أعلنت الجبهة الثورية السودانية، التي تضم عددًا من الحركات المسلحة في أقاليم عدة رفضها وثيقة الإعلان الدستوري؛ لأنها تضع "عراقيل أمام تنفيذ أي اتفاق سلام"، كما اشتكت من إقصائها من المحادثات.

وتشكّل هذه الخلافات داخل تحالف قوى الحرية والتغيير، مؤشرًا إلى صعوبات إبقاء الجبهة موحدّة.

وضمنت قوى الحرية والتغيير، غالبية في المجلس التشريعي تبلغ 201 من أصل 300 مقعد، لكن التيجاني يؤكد أن "لا شيء يضمن بقاء هذا الأمر على حاله"، وتبقى العبرة في مدى التزام كل طرف بتعهّداته.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com