تباين في تونس حول قبول "النهضة" المشاركة بالحكومة
تباين في تونس حول قبول "النهضة" المشاركة بالحكومةتباين في تونس حول قبول "النهضة" المشاركة بالحكومة

تباين في تونس حول قبول "النهضة" المشاركة بالحكومة

تونس- تضاربت المواقف وتعددت ردود الأفعال في الشارع السياسي بتونس، بمجرد إعلان مجلس شورى حركة النهضة الإسلامية قبل أيام قبوله المشاركة في الحكومة التونسية برئاسة الحبيب الصيد ودعوتها إلى تحييد وزارات السيادة (الداخلية والعدل والدفاع).

والسبت الماضي، قرر مجلس شورى حركة النهضة المشاركة في حكومة الصيد، وأعلن رئيس مجلس شورى الحركة، فتحي العيادي، في مؤتمر صحفي، أنَّ أغلبية أعضاء المجلس صوتوا لصالح مشاركة النهضة في حكومة الصيد.

وقال العيادي كذلك إنَّه "تم تفويض المكتب التنفيذي للحركة بالمزيد من التشاور مع بقية الأحزاب ورئيس الحكومة في كيفيّة المشاركة والمواقع وتوزيع الحقائب الوزارية".

وخلال مقابلة له بإحدى الفضائيات التونسية الخاصة، قال القيادي في حركة النهضة، حسين الجزيري، إن رئيس الحكومة المكلف الحبيب الصيد عرض على النهضة المشاركة في الحكومة التي يعتزم تشكيلها وطلب رؤيتها لهيكلة الحكومة.

والجبهة الشّعبية (ائتلاف يساري) التي أبدت مُنذ تكليف الصّيد بمنصب رئاسة الحكومة تحفظاتها إزاء هذه الشخصية معتبرة أنه يعد "وجها من وجوه المنظومة القديمة وأنه لن يقدّم الجديد في كل ما يتعلق من ملفات عالقة وعاجلة على غرار الأمن وملف الاغتيالات السّياسية والأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعية"، أبدت رفضها ومعارضتها تشريك حركة النهضة في الحكومة الجديدة، معتبرة أن ذلك "سيكون خطوة إلى الوراء ولن يخدم مصلحة تونس في الوقت الحالي".

وقال القيادي بالجبهة الشعبية، زياد الأخضر، إن "حركة النهضة متشبثة بالحكم مهما كانت الخيارات ومهما كان الحلفاء".

وأضاف الأخضر أن "موقف حركة النهضة دليل قاطع على ازدواجية الخطاب السياسي لديها، فبعد أن كانت تقر فيما مضى بأن حركة نداء تونس أخطر حتى من السلفية ذاتها، وأنها وجه آخر من أوجه النظام السابق هاهي اليوم تقبل بالتحالف معها وبالمشاركة في حكومتها".

وتابع في سياق متصل أن "موقف الجبهة واضح فهي تعتبر أن وجود النهضة في الحكم لا يخدم مصلحة تونس في اللحظة الراهنة، وأن التونسيين بتصويتهم الكثيف لنداء تونس تصوروا أنه سيحمي البلاد من حركة النهضة، وما ألحقته بها من خسائر طيلة فترة حكمها".

وفيما يتعلق بمسألة تحييد وزارات السيادة الذي أكدت عليه حركة النهضة، اعتبر الأخضر أن "النهضة تنهى عن شيء وتأتي بمثله وأنها اليوم تريد التحييد ولكن في تجربتها لم تقم بذلك، ولذلك فإن هذا الطلب يطرح استفهاما أوليّا يتعلق بمفهوم الحياد الذي يعني الوقوف على نفس المسافة من باقي الأطراف السياسية، والعمل على فتح الملفات الحارقة كالاغتيال السياسي والملف الأمني، وبالتالي فإن إصرار حركة النهضة على تحييد وزارات السيادة نابع عن رغبة منها في عدم فتح ملفات عديدة وأخطاء ارتكبت زمن حكمها".

أما حركة نداء تونس، فهي تشهد تجاذبات داخلها وخلافات حول مسألة إشراك حركة النهضة في الحكومة من عدمه في ظل رفض عدد من قياداتها هذا المبدأ، الذي تعتبره حركة النهضة في المقابل مشروطا بتوجيه دعوة لها من قبل الوزير المكلف وأنه في صورة عدم حصول ذلك فهي ستقبل بالعمل ضمن فريق المعارضة.

ورأى عضو المكتب التنفيذي لنداء تونس عبد العزيز القطي موقف النهضة "تطاولا" على إرادة الشعب التونسي "واستهزاءً" بنتائج الانتخابات، حيث قال على صفحته بموقع فيسبوك "هذا تطاول على إرادة الشعب واستهزاء بنتائج الانتخابات ووقاحة سياسية لا مثيل لها، وأظن أن النهضة لم تستوعب الدرس ومازالت تعيش نخوة انتخابات 2011".

من جهته، اعتبر المتحدث باسم حركة النهضة، زياد العذاري، أن "مصلحة الحركة الحزبية الضيقة تقتضي البقاء في المعارضة، كما سيسمح لها أن تحصل على حظوظ أوفر في الانتخابات القادمة، ولكن مصلحة البلاد تقتضي حكومة وحدة وطنية".

وأضاف العذاري، أن "الحركة عبّرت عن استعدادها للمشاركة في الحكومة كخيار في المرحلة القادمة، معتبرة أن خيار المعارضة ليس هو الخيار الأول وأن المشاركة مشروطة بدعوة رئيس الحكومة المُكلف الحبيب الصيد وفي صورة عدم حصول ذلك فالنهضة مستعدة للبقاء والعمل ضمن المعارضة".

وأشار في السياق ذاته إلى أن "المصلحة الوطنية ونظرًا إلى أن نجاح التجربة الديمقراطية في تونس مازال هشًا فإنه لا بد من مشاركة جميع الأطراف حتى يتم تجاوز كل التحديات المطروحة على مختلف الأصعدة".

وفي المقابل، تباينت المواقف داخل حركة نداء تونس بين مؤيّد لقرار حركة النهضة قبولها المشاركة في الحكومة الجديدة ورافض لهذا القرار.

ومن جانبه، استبعد المحلل السياسي، نور الدين المباركي، أن يتم إشراك حركة النهضة في الحكم من الأساس، وأن "أقصى ما يمكن أن يحصل هو استشارتها في بعض الأسماء التي ستتقلّد حقائب وزاريّة أو اقتراح أسماء شخصيات ليست حزبية (تكنوقراط)".

وأرجع المباركي ذلك إلى "حجم المعارضة داخل النداء لوجود النهضة ضمن الحكومة المقبلة بالإضافة إلى اعتبار ذلك نوعًا من الإخلال بالوعود الانتخابية لنداء تونس".

وأوضح أن "بيان شورى النهضة جاء لحسم التباين داخل الحركة حول مسألة المشاركة في الحكومة من عدمه، وموقف الحركة هو بمثابة الرسالة الموجهة لنداء تونس وكذلك لبقية الأطراف السياسية بأنها على استعداد تام أن تكون شريكا في الحكم.

ومضى قائلا: "وكأن النهضة أرادت بهذا الموقف أن تبين أن من يرفض مشاركتها في الحكم هو في نهاية المطاف إقصائي ويرفض مبدأ التوافق".

كما أشار المباركي إلى أن "حركة النهضة مارست تجربة الحكم خلال 3 سنوات كطرف رئيسي في الترويكا (الائتلاف الحكومي) وكانت لها رئاسة الحكومة ووزارات السيادة وهي تجربة فاشلة لتعيد اليوم رفع الشعارات التي رفعت في وجهها إبان انتخابات 2011 والمتمثلة في تحييد وزارات السيادة".

وأكد في المقابل على أن "مصلحة البلاد خلال هذه المرحلة يجب أن تكون قائمة على التشارك، ويجب تعيين كفاءات في إدارات حساسة كالأمن والعدل والدبلوماسية خاصة في مرحلة دقيقة تمر بها البلاد"، مشيرا إلى أن "التوافق مع النهضة لا يعني الوجود والمشاركة في الحكومة وإنما تشاركٌ حول برنامج عمل معين وتشاور في أولويات المرحلة الراهنة".

وقدم حزب الأغلبية البرلمانية، “نداء تونس″ (وسط – 86 مقعدا)، قبل أسبوع إلى الرئيس الباجي قايد السبسي مرشحه الحبيب الصيد لرئاسة الحكومة المقبلة، وتم تكليفه إثرها بتشكيل حكومته، على أن تعرض لاحقا على البرلمان لنيل المصادقة.

ووفقا للدستور التونسي، يتعين على الصيد تشكيل حكومته خلال شهر قبل عرضها على البرلمان للمصادقة عليها.

واحتلت حركة النهضة المرتبة الثانية في نتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بـ 69 نائبا، بعد تقدم حركة نداء تونس عليها بـ 86 نائبًا وحصل الاتحاد الوطني الحر على 16 مقعدًا، وحلّت الجبهة الشعبية رابعًا بـ 15 مقعدًا، من إجمالي عدد المقاعد البالغ 217 مقعدًا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com