مآذن حلب المدمرة تشهد على ما ضاع من تراث سوريا العالمي (صور)
مآذن حلب المدمرة تشهد على ما ضاع من تراث سوريا العالمي (صور)مآذن حلب المدمرة تشهد على ما ضاع من تراث سوريا العالمي (صور)

مآذن حلب المدمرة تشهد على ما ضاع من تراث سوريا العالمي (صور)

مأذنة جامع العادلية العثماني في حلب السورية تميل على جانب واحد وتحمل آثار جرح غائر قبيح يمتد إلى أسفل حتى قوائمها نتيجة قصف أثناء الحرب.

وتبدو الحالة المؤسفة التي وصلت إليها المدينة القديمة في حلب واضحة للعيان من مجرد نظرة إلى خط الأفق المنقوش بمآذنها التي تظهر عليها آثار القصف.

والمدينة إحدى مواقع التراث العالمي وكانت ساحة قتال في الحرب خلال الفترة من 2012 إلى 2016.

وتطل المآذن على منطقة تعرضت لأضرار بالغة جراء الصراع الذي دمر السوق المغطى الذي يرجع للقرون الوسطى وحطم قباب المساجد وأحرق الكنائس.

وقالت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في ديسمبر كانون الأول إن عشرة بالمئة من أبنية حلب التاريخية دمرت ونحو نصف المباني التي قيّمت المنظمة حالتها لحقت بها أضرار ما بين الجسيمة والمتوسطة.

لكن أعمال الترميم في سوريا محل خلاف، فقد صورت جميع الأطراف المتحاربة نفسها باعتبارها حامية للمواقع التاريخية كما صورت أعداءها باعتبارهم مخربين، باستثناء تنظيم داعش الذي استهدف عن عمد الآثار القديمة.

وتتدلى صورة ضخمة للرئيس بشار الأسد على البوابة الأثرية للقلعة القديمة وسط حلب.

وتعارض الدول الغربية التي فرضت عقوبات على حكومة الأسد أي أعمال ترميم حتى يتم التوصل إلى حل سياسي للصراع، وتقول إن ذلك سيمثل مكافأة له على جرائم حرب تقول إنه ارتكبها.

غير أن هذه المعارضة أوقفت أغلب مصادر التمويل من هذه الدول التي كانت عادة من أكبر المانحين لصيانة الآثار، ما دفع وسائل الإعلام الحكومية لاتهامها بالتواطؤ على تدمير التراث الحضاري السوري.

وبدأت قلة من أشهر المواقع الأثرية تنتعش ببطء. وفي الجامع الأموي في حلب يجري إصلاح الجدران التي تظهر عليها ثقوب الرصاص وتجميع أحجار المئذنة المنهارة تحت رافعة صفراء استعدادًا لإعادة بنائها.

وأعيد بناء إحدى أطول مناطق السوق وأجملها وارتفعت قبابها التي تعرضت للدمار مرة أخرى فوق الأرضية المرصوفة بأحجار الكوبلت باستخدام المواد الأصلية وأساليب البناء القديمة.

المآذن والقباب والأسواق

لكن هذه المواقع لا تمثل سوى نسبة ضئيلة من مباني المدينة القديمة وشوارعها، ودون تمويل جديد أصبحت بقية هذه الآثار مهدد ربما بمصير أسوأ.

وقال باسل زاهر، المهندس الذي يعمل على ترميم جزء من السوق: "في حال توفرت النقود وبلشنا (بدأنا) نشتغل بشكل جدي، من خمس سنين لسبع سنين بتكون انتهت كل الأسواق لكن للأسف لهلق (للآن) ما في تمويل وما في رغبة قوية بترميم حلب القديمة، إذا توفرت، وبنتمنى تتوفر، فخلال سبع سنين بتكون الأسواق خالصة".

وفي المدرسة الحلوية انهار بالفعل جزء من القبة. وكانت المدرسة الحلوية كاتدرائية بيزنطية بنيت مكان معبد روماني ثم حوّلها حاكم مسلم إلى مسجد أثناء الحملات الصليبية، وقال أحد المهندسين في الموقع إن هطول المزيد من الأمطار سيسقط بقية القبة.

وترسم المآذن المدمرة خط الأفق في المدينة القديمة إذا نظرت إليها من فوق سطح سوق السقطية الذي جرى ترميمه، كما تعرض جامع الكمالية الذي يرجع للقرن الثامن عشر وجامع السفاحية المملوكي وجامع الأطروش من القرن 14 لأضرار جسيمة.

وبالنظر عن قرب، يصعب تصور كيف مازالت مئذنة جامع العادلية قائمة، إذ يمكن بوضوح رؤية داخلها الأجوف والدرج الحلزوني المدمر بداخلها عبر فجوة ضخمة على أحد جوانبها.

وقال زاهر إن الحل الأفضل هو إعادة بنائها لأنها لم تعد قائمة بشكل مستقيم، مشيرًا إلى أن أي زلزال بسيط يمكن أن يؤدي لانهيارها بالكامل.

نقص التمويل

إصلاح المساجد مسؤولية وزارة الأوقاف التي تفتقر للمال اللازم لمشروعات ترميم كبرى.

وفي مسجد مهمندار تحولت المئذنة التي تعلو الباب إلى مجرد جذع، وفي الفناء يرفع رجلان والإمام وصديقه أحجارًا ضخمة إلى أحد الجوانب لإخلاء طريق.

وسقطت كذلك مئذنة هذا المسجد فلم يبقَ منها سوى أحد الأركان، وقد أمضوا ثلاثة أشهر في إزاحة الأحجار وتصنيفها وليس لديهم أي فكرة عن متى أو ما إذا كان سيعاد بناء المئذنة.

ويبدو أن كل شارع مغطى في المدينة القديمة يؤدي إلى عشر حارات وكل فناء حجري في كل حارة تحيط به مساجد ومتاجر وتزرع أشجار الزيتون والليمون في منتصفه.

وبدت أغلب المتاجر خالية في أحد هذه الشوارع، تحت السقف العالي وفوق أرض مغطاة بالحطام بجدران محروقة، جلس رجل إلى طاولة يتلو آيات من القرآن وتتردد أصداء صوته في أرجاء السوق.

وقرب باب النصر، أحد البوابات الأثرية للمدينة القديمة، أعاد عدد قليل من التجار فتح منصاتهم، وتدلت الأقفال على أبواب بقية المتاجر وبدت الشوارع هادئة.

وتعمل مجموعة من سكان المنطقة على رفع الحطام وإصلاح أجزاء من البوابة القديمة والمباني القريبة بما في ذلك نافذتين كبيرتين من الخشب.

ويعمل مشروع الأمم المتحدة للتنمية كذلك في المنطقة فيقدم للتجار المساعدة في تطهير متاجرهم وشراء بضاعتهم.

وتتاجر أسرة أحمد الصباغ في الفستق الحلبي منذ أجيال وقد أعاد فتح المتجر لتوه، لكن في سوق العطارين يكاد الدمار يكون كاملًا، فقد انهارت الأسقف وضاقت الأزقة التي كان الباعة ينادون فيها على بضاعتهم بفعل أكوام الحجارة المركونة على جانبيها.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com