كيف تبدو صحافة السودان بعد 3 عقود من الكبت؟
كيف تبدو صحافة السودان بعد 3 عقود من الكبت؟كيف تبدو صحافة السودان بعد 3 عقود من الكبت؟

كيف تبدو صحافة السودان بعد 3 عقود من الكبت؟

بعد 30 عامًا من الكبت، في ظل حكم الرئيس المعزول عمر البشير، وجدت الصحافة السودانية نفسها أخيرًا في متسع من الحرية.

وأعلن المجلس العسكري الانتقالي، الذي استلم السلطة في الـ 11 من أبريل/نيسان الجاري، رفع جميع أشكال الرقابة المفروضة على الصحف ووسائل الإعلام الأخرى، لكن البعض مازالوا يعتبرون أن الصحافة لم تتحرر بعد من قيودها القديمة بشكل كامل رغم بزوغ فجر جديد على البلاد.

وبحسب مراقبين، كانت الصحافة السودانية تعاني من ازدواجية القوانين التي تخضع لها، متمثلة في قانون الصحافة والمطبوعات وقانون جهاز الأمن، إلى جانب صلاحيات واسعة حظيت بها اللوائح الخاصة بمجلس الصحافة والمطبوعات (هيئة حكومية).

وفي السنوات الأخيرة من حكم البشير، عرفت الصحافة السودانية مصادرات متكررة، كما شهدت في كثير من فترات حكمه ما يعرف بـ "الرقابة القبلية"، وهي اطلاع أفراد من الأمن على مواد الصحف قبل طباعتها، كذلك خضع عدد كبير من الصحفيين للاعتقال والاستدعاء من قبل جهاز الأمن، وفي أحيان أخرى، تم إيقافهم عن العمل الصحفي.

عقدة الأمن

ويرى الكاتب الصحفي فيصل محمد صالح، أن ما حصلت عليه الصحافة في السودان من حرية يعد "منحة" في ظل وجود كافة القوانين المقيدة للحريات، ما زالت سارية على أرض الواقع.

ويقول إن "الحرية الصحفية الحالية يمكن أن تسحب في أي لحظة لأنها جاءت بقرار، كون مؤسسات الرقابة ما زالت موجودة ولم يتم حلها".

بدورها، تقول الصحفية نضال عجيب، إن الصحافة بعد الثورة "ظلت جامدة، ولم تواكب المتغيرات التي حدثت في البلاد".

وتضيف أن الصحافة في بلادها "ظلت أسيرة لمخاوفها السابقة من سطوة الأمن والمخابرات عليها، وما زالت تعاني وكأن جهاز الأمن مازال متحكمًا في عملها".

"عجيب" أشارت إلى ما وصفته بـ"ضعف تغطية الصحف لأحداث ميدان الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش بالعاصمة الخرطوم، من ناحية القصص الخبرية وأنواع العمل الصحفي الأخرى".‎

واعتبرت أن الصحف مقصرة في دورها حاليًا لأنها لم تفتح حتى الآن ملفات الفساد في حكم الرئيس المخلوع.

وفي 20 من أبريل/نيسان الجاري، وجه رئيس المجلس العسكري الانتقالي،عبدالفتاح البرهان، بتعديل قانون جهاز الأمن والمخابرات الوطني في المواد المتعلقة بالحريات.

فيما طالبت قوى "إعلان الحرية والتغيير" في مطالب سلمتها للمجلس العسكري، الأسبوع الماضي، بإلغاء القوانين المقيدة للحريات وقانون الصحافة والمطبوعات.

وتصدر في السودان 37 صحيفة (80% منها يتم توزيعها بالعاصمة) وزعت في عام 2018 نحو 36 مليون نسخة، بانخفاض قدره 23 مليون نسخة عن عام 2017 والذي وصل فيه حجم التوزيع إلى 59 مليون نسخة، وفقًا لمجلس الصحافة والمطبوعات (حكومي) في آخر تقرير خاص بالتحقق من الانتشار.

هجرة الصحفيين

ويتفق الصحفي ياسر جبارة مع "عجيب"، بالقول إن "الصحافة لم ترتق للأحداث التي تشهدها البلاد من ثورة شعبية وتغيير على كل المستويات".

وأرجع السبب في ذلك إلى "سطوة السلطة السابقة وقيودها على الصحافة والصحفيين".

وبحسب "جبارة"، هناك سبب آخر مهم وراء عدم مواكبة الصحافة لتسارع الأحداث في السودان، ويتمثل في "ضعف الكادر الصحفي المؤهل حاليًا، على خلفية الهجرة الكبيرة للصحفيين أصحاب الخبرة إلى خارج البلاد بسبب المضايقات الأمنية والوضع الصحفي المتردي بالبلاد طوال الـ 30 عامًا الماضية".

ويضيف: "أيضًا ما زالت هناك صحف مملوكة للنظام، وأخرى مملوكة لرجال مقربين للنظام، وهي صحف ترى الثورة هزيمة لها ولمشروع النظام السابق".

ويعود "جبارة" مستدركًا: "لكن كل الذي يقدم في هذه الصحف الموالية هو مجهود للصحفيين من منطلق مهني بحت في تجاوبهم مع المسار الشعبي".

وأشار إلى أن "الصحف ما زالت تنشر التفاصيل ولا تهتم بالقضايا الكبرى في البلاد، مثل مستقبل السلام، والمهددات على الثورة، والثورة المضادة وتعزيز الوضع الانتقالي".

وجاء السودان في المرتبة 174 من مؤشر حرية الصحافة لعام 2018، الذي يقيس أوضاع الصحافة في 180 بلدا حول العالم.

وفي 11 أبريل/نيسان الجاري، عزل الجيش السوداني عمر البشير، من الرئاسة بعد 3 عقود من حكمه البلاد، على وقع احتجاجات شعبية متواصلة منذ نهاية العام الماضي.‎

وشكل الجيش مجلسًا عسكريًا انتقاليًا، وحدد مدة حكمه بعامين، وسط محاولات للتوصل إلى تفاهم مع أحزاب وقوى المعارضة بشأن إدارة المرحلة المقبلة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com